وحملة التلقيح هي الأولى منذ بدء انتشار الوباء في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق في أيلول/سبتمبر، والتي طالها زلزال مدمر ضرب سوريا وتركيا في السادس من شباط/فبراير ليزيد الأوضاع المعيشية والصحية سوءاً. وفي كانون الثاني/يناير الماضي، وصلت أول شحنة لقاحات من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) التابعتين للأمم المتحدة، وضمت مليونًا وسبعمئة ألف جرعة. انطلقت حملة التلقيح، وفق مراسل لفرانس برس، في بلدة معرة مصرين، حيث تجولت فرق صحية في الأزقة والشوارع وفي مخيمات النازحين المحيطة بها، وطرقوا الأبواب من أجل تلقيح السكان. وتستهدف حملة اللقاحات في مرحلة أولى "مناطق عالية الخطورة مثل معرة مصرين وسرمدا والدانا وأطمة" في محافظة إدلب، فضلاً عن منطقة أعزاز في شمال حلب، وفق ما كان مسؤول صحي في المنطقة أفاد فرانس برس في وقت سابق. وتشهد سوريا منذ خريف العام الماضي تفشيا للكوليرا في محافظات عدة، للمرة الأولى منذ العام 2009. وجاء تفشي الكوليرا بعدما تسبّب النزاع المستمر منذ عام 2011 بتضرر قرابة ثلثي محطات معالجة المياه ونصف محطات الضخ وثلث خزانات المياه، وفق الأمم المتحدة، ما ساهم في تسارع تفشي الوباء. وجاء الزلزال المدمر ليزيد الوضع سوءاً. وأوضح مسؤول المناصرة والتواصل الإقليمي في منظمة يونيسف عمار عمار لفرانس برس أن بعد الزلزال قد تبدو المياه غير الآمنة "أمراً تافهاً" لسكان المنطقة المنكوبة، لكنه حذّر من أن "ارتفاع نسبة الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا بالنسبة للأطفال يُعد كارثياً". وقال إنه بعد كوارث مماثلة، وحين يُجبر السكان على مغادرة منازلهم للعيش في تجمعات مكتظة "يزيد عدم القدرة على الوصول إلى مياه نظيفة وأنظمة صرف صحي مناسبة من مخاطر تفشي الأمراض". وترتفع المخاطر في سوريا حيث تم رصد أكثر من ثمانين ألف حالة مشتبه بإصابتها بالكوليرا منذ ما قبل الزلزال. ويقطن قرابة ثلاثة ملايين شخص، غالبيتهم من النازحين، في مناطق تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب، بينما يقيم 1,1 مليون في مناطق تسيطر عليها القوات التركية وفصائل موالية لها في شمال حلب. ومنذ بدء انتشار الوباء، جرى رصد نحو 85 ألف حالة يُشتبه بأنها كوليرا في أنحاء سوريا، وسُجلت 101 وفاة، وفق الأمم المتحدة. وسجلت المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق في إدلب وشمال حلب 565 إصابة مثبتة بينها 26 وفاة، وفق ما أفاد مدير صحة إدلب زهير القراط فرانس برس.
مشاركة :