الاستمتاع بالحياة ممكن بأقل التكاليف

  • 2/5/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

المنعطف الأخير من الشهر يحمل معه دائماً سؤالاً واحداً: أين تذهب أموالنا؟، خصوصاً حين تشعر أن راتبك تبخر، ولا تدري كيف، ومتى. جون سى ماكسويل صاحب كتاب صانع الفارق وغيره من كتب تنمية المهارات البشرية الأكثر مبيعاً حول العالم، يطالبنا بتعديل صيغة السؤال إلى: أين ذهبت أموالنا؟ عندها فقط سنتمكن من إيجاد الإجابة، وسنكتشف أننا جميعاً حذرون دائماً لدى الاستثمارات الكبيرة والمشتريات الضخمة، ولا نلقي بالاً لما يبدو نفقات صغيرة، إلا أن تلك النفقات هي ما تجمع في النهاية مبالغ كبيرة، تؤدي في النهاية إلى ذهاب أموالك فجأة من دون أن تشعر. أغلب التقارير الاقتصادية الحديثة تحذر من اقتراب الاقتصاد العالمي من مرحلة انكماش، ستترك آثارها على الجميع. إذاً، ماذا نفعل لنضبط إنفاقنا؟ نقدم في الأسطر التالية قصة اثنين قدما تجاربهما الشخصية البسيطة التي اكتشفا بها كيف يمكننا الاستمتاع بالحياة من دون الحاجة إلى امتلاك أموال كثيرة. ونستعرض كيف يعتبر البعض المتقاعدة البريطانية إيونا ريتشارد، ومواطنها الشاب جوردون كوكس، بمثابة نماذج حية لكيفية ضبط الإنفاق من دون الحاجة إلى خبراء اقتصاد يشرحون أهمية الادخار، أو كيفيته. وهما عينة بسيطة للغاية من ملايين آخرين قرروا تنظيم حياتهم وفق خيارات مالية فرضت عليها، وتركوا الشكوى الدائمة من الغلاء وارتفاع الأسعار، وتدنى الدخول. إيونا ريتشارد.. أكثر المتقاعدين تقشفاً نجحت المتقاعدة إيونا ريتشارد، من سكونثورب شمالي لينكولنشاير، في توفير النفقات غير الضرورية في حياتها، وتمكنت من إنفاق نحو 2400 جنيه استرليني فقط في العام، ما دفع الصحف البريطانية إلى منحها لقب أكثر المتقاعدين تقشفاً، إذ تنفق جنيهاً استرلينياً واحداً فقط على كل وجبة تتناولها، ولا تتحرّج أبداً في إخبار ضيوفها ضرورة إحضار عبوات الشاي الخاصة بهم لدى زيارتها بمنزلها. كانت البداية قبل عدة أعوام حين اضطرت إيونا إلى التقاعد من عملها كسائق شاحنة قبل وصولها سن الستين، وبالتالي لم يتجاوز معاشها التقاعدي 3500 استرلينى سنوياً، وعندها قررت وضع خطة محكمة لاقتطاع النفقات غير الضرورية حتى تكتفى بمعاشها دون اللجوء إلى الاقتراض من أحد. وكانت المفاجأة أنها نجحت في تقليص إنفاقها إلى مبلغ أقل من المعاش الذي تدخر منه سنوياً نحو 1000 استرليني. اهتدت إيونا (66 عاماً) إلى عدة وسائل لضغط نفقاتها منها: ارتداء ملابس ثقيلة لتخفيض عدد ساعات عمل نظام التدفئة بمنزلها. وغلي الماء داخل الميكروويف بدلاً من الغلاية الكهربائية، توفيراً لاستهلاك الكهرباء، فضلاً عن شراء السراويل الجينز الخاصة بالمراهقين، إذ اكتشفت أنها أطول عمراً من الملابس الأخرى. وتقول إيونا لصحيفة دايلى ميل البريطانية: لا أحرم نفسى من أي شيء، أتناول الطعام الذي أحبه، وأكافئ نفسى كثيراً بالكعك المحلى، والمثلجات، لكن دائماً أتذكر ضرورة الحرص عند الإنفاق. الحياة بشكل جيد أمر ممكن من دون امتلاك أموال كثيرة، لكن الأهم هو تحديد الأولويات التي سنكتشف بعد فترة أنه يمكننا الاستغناء عن كثير من الأشياء التي اعتقدنا طويلاً أنها أساسية. وتؤكد في حديثها للصحيفة البريطانية أن التخلص من عشرات الأشياء التي يحرص البشر على اقتنائها سيشعرهم بالحرية، فكلما قلّت الأموال التي لدينا، انخفض حجم قلقنا عليها، بحسب ما تقول. في بداية رحلتها نحو الاقتصاد، عكفت إيونا على مراقبة مصروفاتها وتدوينها في دفتر صغير حتى تتمكن من رصد المبالغ التي يمكن اقتطاعها، وتوصلت إلى أن اعتمادها على نفسها في قص شعرها وتنسيقه سيوفر مبالغ تتراوح من 10 إلى 12 جنيهاً أسبوعياً، وبالتالي قلصت عدد مرات زيارتها لصالونات التجميل. واكتشفت أن أفضل الأوقات للتسوق تكون بعد الساعة 7.30 مساءً، إذ تعرض المحال التجارية الفواكه والخضروات بأسعار مخفضة، حتى تفسح المجال لبضاعة اليوم التالي الطازجة. أما أفضل أوقات الحصول على سوائل جلي الصحون، وشامبو العناية بالشعر وغيرها يكون قبل انتهاء موعد صلاحيتها بسبعة أشهر، إذ تعرضها الأسواق بتخفيضات تتجاوز 50% من سعرها الأصلي. وبعد عدة أعوام من تجربة التقشف، نجحت إيونا اليوم في تخفيض معدل إنفاقها على الطعام أسبوعياً إلى نحو 10 جنيهات، وتصل تكلفة بعض الوجبات إلى جنيه استرليني واحد، ولم تتجاوز آخر فاتورة غاز ربع سنوية مبلغ 32 استرلينياً. وقبل عامين خاضت إيونا مغامرة العمل الخاص، وعملت على اقتناء سيارة مجهزة لبيع الوجبات السريعة، إلا أن مشروعها لم يكلل بالنجاح، وعلى الفور اتخذت قرارها السريع ببيع السيارة والاحتفاظ بأموالها منعاً لمزيد من الخسائر. وعن تجربتها، تقول: لست امرأة خارقة، كل منا يمكنه تدبير معيشته وفق أقل الأموال. يكفى أن نراقب قائمة مشترياتنا التي تضم عشرات الأغراض التي يمكن الاستغناء عنها، والتي توفر بالتالي مئات الجنيهات. إذا التفت كل شخص إلى سلوكه اليومي سيكتشف كيف يمكنه ضغط إنفاقه، ومن تجربتي يمكنني التأكيد على أن تناول الطعام في مواعيد محددة يومياً يجنبنا الجوع. جوردون كوكس.. فتى قسائم الشراء البريطاني الشاب جوردون كوكس، لم يشغل باله الادخار حتى انفصال والديه قبل 3 أعوام، وانتقاله للعيش مع والدته بمقاطعة اسكس شرقي إنجلترا، ودفعه خوفه على والدته التي بحثت عن عمل إضافي لإعالتهما إلى البحث أولاً عن فرصة عمل لم يحصل عليها، نظراً لصغر سنه الذي لم يتجاوز 15 عاماً وقتها، ليلجأ إلى تدبير نفقاتهما الأسبوعية، وكانت المفاجأة نجاحه الباهر والمذهل، إذ نجح في تخفيض فاتورة البقالة الأسبوعية من 106 جنيهات استرلينية إلى 1.6 جنيه فقط. تحول الشاب الصغير إلى أيقونة بريطانية أطلقت عليه قناة BBC1، لقب فتى قسائم الشراء، وذاع صيته وقدرته على اقتطاع النفقات غير الضرورية، والاقتصاد في الموازنة، إلى حد المطالبة باختياره مستشاراً لوزير الخزانة البريطانية. وبعدها أبرم معه الموقع الشهير Moneysaving-expert.com عقداً لتقديم الاستشارات المالية مقابل عائد شهرى مجزٍ يمكنه اليوم من دفع مقدم لامتلاك أحد منازل ضواحي لندن الراقية. اكتشف كوكس براعته الفائقة في وضع قائمة مشتريات تضم المواد الضرورية فقط، إضافة إلى تعظيم الاستفادة من القسائم المجانية، وتلك الخاصة بجمع النقاط، واتباع أفضل عروض التخفيضات في المتاجر المختلفة. ونقلت BBC1 عنه قوله: لفت انتباهي دوماً اكتظاظ سلال المشتريات للمتسوقين بعشرات العروض التي ربما لا يحتاجونها لكنهم يقبلون عليها، وبالمقابل لا يهتمون بمعرفة التخفيضات على منتجات أخرى تقدمها مجلات المتاجر التي غالباً لا يطلعون عليها لرغبتهم في التسوق بسرعة والعودة إلى منازلهم. بدأ شغف كوكس بالتعرف إلى قسائم التخفيضات وجمع النقاط بعد متابعته البرنامج التلفزيوني الأمريكي Extreme couponing، وكانت مفاجأته الأولى التي حصد بسببها على شهرة واسعة نجاحه في السفر بين مدينتي ليدز وبريستول البريطانيتين عبر دبلن الأيرلندية بتكلفة أقل كثيراً من سعر تذكرة القطار داخل بريطانيا. إذ رصد تخفيضات هائلة على أسعار تذاكر السفر لإحدى شركات الطيران الاقتصادي وفرت بموجبها الرحلة بين ليدز ودبلن بمبلغ 10 جنيهات استرلينية فقط، ثم رحلة العودة إلى بريستول ب 15 استرلينياً، ما يعنى أن الرحلة بين المدينتين بالطيران تتكلف 25 جنيهاً، إضافة إلى 10 جنيهات أخرى مقابل الغذاء، في دبلن، لتصل التكلفة الإجمالية إلى 35 استرلينياً، بينما تبلغ سعر تذكرة القطار بالسكك الحديدية الانجليزية 98 استرلينياً ما يعنى توفير أكثر من 57 جنيهاً. وعلى نفس النهج تمكن من السفر بين شيفيلد وإسكس عبر العاصمة الألمانية برلين، بتكلفة أقل من سعر تذكرة القطارات البريطانية. حاز كوكس شهرة واسعة بعد نجاحه في السفر إلى عشرات المدن بأسعار مخفضة، وأهمها برشلونة في إسبانيا، والبندقية في إيطاليا وباريس الفرنسية، وواشنطن ونيويورك وفلوريدا بالولايات المتحدة، وتورنتو الكندية. ويؤكد أن أفضل فترات الحصول على أسعار تذاكر طيران مخفضة تكون قبل موعد الرحلة ب 3 أسابيع، كما يعد الثلاثاء أفضل أيام الأسبوع للحصول على تخفيضات حقيقية. اليوم أصبح كوكس مقصداً في مدينته لكبار السن والمتقاعدين وربات البيوت، للحصول على نصائحه في كيفية ضغط نفقاتهم، والتعرف منه إلى كيفية الحصول على أفضل عروض الأسعار وتجميع النقاط. ونتيجة لانشغاله بعمله كمستشار مالي، اضطر كوكس إلى تأجيل التحاقه بالجامعة هذا العام. أما أهم ما يلفت الانتباه إلى تجربته فهو نجاحه في التعلم الذاتي فكل خبراته بمجال الاقتصاد اكتسبها من متابعة برنامج تلفزيوني، كما درب نفسه على عزف البيانو عن طريق أحد مواقع الإنترنت.

مشاركة :