وثائق الإمارات في الأرشيف البريطاني، عنوان محاضرة الدكتور محمد فارس الفارس، مساء أول من أمس، بندوة الثقافة والعلوم في دبي، بحضور: الأديب محمد أحمد المر، وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة، والدكتور محمد سالم المزروعي الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي، والدكتور سليمان موسى الجاسم. إضافة إلى مجموعة من المهتمين والباحثين. استهل محمد الفارس محاضرته، والتي أدارتها الشاعرة شيخة المطيري، باستعراض طبيعة ومدى اهتمام العالم أجمع، بما تصدره دار الوثائق البريطانية في نهاية كل عام، من وثائق تخص معظم الدول، شارحا أهميتها وقيمتها كمرجع للأجيال القادمة. الرحالة الشهير وفي حديثه عن مضامين الأرشيف البريطاني في ما يخص الوثائق الإماراتية ومنطقة الخليج العربي، ذكر الفارس أنه اعتمدت بريطانيا، في الفترة من عام 1825 وإلى 1850، على وكلاء من الساحل الإيراني. ثم تطرق المحاضر إلى تعيين بريطانيا وكيلاً سياسياً بريطانياً.. وذلك أدى، كما قال، إلى بداية نظام وصاية جديد في منطقة الخليج العربي. ولفت الفارس إلى أنه في الفترة 1850 ـ 1866. زار المنطقة الرحالة البريطاني الشهير وليم بليغريف، إذ قدِم إلى الشارقة وتحدث عنها وعن أحوالها في تلك الفترة في كتابه الذي ترجم إلى اللغة العربية. وهو يعتبر من أهم الرحالة الذين كتبوا عن الحياة الاجتماعية في دولة الإمارات في تلك الفترة. الوكلاء المحليون وأشار الفارس إلى أن الوثائق الخاصة بالوكلاء المحليين كانت باللغة العربية. ومن ثم جاء عيسى بن عبد اللطيف (1919 وحتى عام 1935)، كوكيل في فترة تضمنت أحداثا تاريخية مهمة في منطقة الخليج العربي، منها: انهيار اللؤلؤ. وبين الفارس أنه كتب عيسى بن عبد اللطيف عن هذه الفترة شارحا كيف خلط تجار اللؤلؤ الهندوس اللؤلؤ الطبيعي بالصناعي، وكان ذلك سبب الانهيار إذ جُلب اللؤلؤ الصناعي في الهند إلى منطقة الخليج العربي وابتدأ خلطه بالطبيعي، ما أدى إلى انهيار قيمة اللؤلؤ الطبيعي. ولفت الفارس إلى أنه كانت المدة الزمنية الأطول من بين الوكلاء جميعا، من نصيب سيد عبد الرازق (1936 وحتى 1945)، إذ إنه شهد الأزمة الاقتصادية التي حدثت في الإمارات خلال فترة الأربعينات من القرن الفائت، بعد دخول بريطانيا في الحرب العالمية الثانية. وبين المحاضر هنا، انه اعتبرت بريطانيا في تلك الآونة، أن كل المناطق التابعة لها هي مناطق مشمولة بالحرب، وبالتالي بدأت تطبق عليها سياسة التقشف وكانت الأوضاع الاقتصادية صعبة حينذاك. ثم انتقل الفارس للحديث عن جاسم الكظماوي (1945 وحتى 1949)، آخر وكيل محلي. ولفت بعدها، إلى أنه في عام 1949 أصبح هناك ممثل للسلطة البريطانية، وألغيت وظيفة الوكيل المحلي، وفي 1953 نقلت بريطانيا مقر الوكالة من الشارقة إلى دبي. رحلة إلى الرياض بين الفارس في محاضرته، أنه قبل عام 1822 كان لبريطانيا مقيم سياسي في منطقة بوشهر، ولكن نتيجة الدور الجديد لبريطانيا تغير لقب المقيم البريطاني في بوشهر، إلى المقيم البريطاني في الخليج. وتغيرت مسؤولياته من تجارية إلى سياسية. وأصبح مسؤولاً عن جميع الممثلين البريطانيين في منطقة الخليج العربي. وبدأ عمله عام 1798. وتحدث الفارس عن أشهر مقيمين بريطانيين كان لهما دور كبير في كتابة تاريخ المنطقة، الأول هو لويس بيلي (1862 وحتى 1871)، الذي كان لديه شغف بالدخول في الحياة الاجتماعية في هذه الفترة، وكتب تقارير عن صيد اللؤلؤ، ومن أهم كتبه رحلة إلى الرياض، إذ كتبه بعد زيارته الرياض عام 1865. أما المقيم الثاني والأشهر، حسب الفارس، فهو البريطاني بيرسي كوكس، أبرز مقيم في منطقة الخليج العربي، إذ عين في عام 1904 وبقي في منصبه حتى 1914. وكتب مذكرة عن الإمارات عام 1925. ومن ثم نقل ليصبح المندوب السامي لبريطانيا في العراق. وثائق اللؤلؤ أكد الفارس في محاضرته، أنه بمقدور الباحث في تاريخ الإمارات الاطلاع على وثائق الإمارات التي كتبت باللغة العربية من قبل الوكلاء المحليين، وكذا على ترجمتها باللغة الإنجليزية، من خلال الأرشيف البريطاني الذي أصدر مجموعات مختارة من الوثائق على شكل مجلدات، منها: وثائق الإمارات، وثائق البحرين، وثائق عمان. بالإضافة إلى: وثائق اللؤلؤ، وثائق الحدود، وثائق الأسر الحاكمة، وثائق امتيازات النفط. منجم تاريخي تضمنت المحاضرة، مداخلة للأديب محمد المر، قال فيها: إن التقارير التي كتبها الوكلاء المحليون تلونت بشخصياتهم، وهذه التقارير بالإضافة إلى كتب الرحالة وكتب السياسيين الذين عاصروا تلك الفترة، تشكل منجما غنيا. وأعتقد أن هذا المنجم لم يستغل بعد الاستغلال الكافي، ولم تنجز بشأنه دراسات جادة.
مشاركة :