يقول أحد "الطيبين" استيقظت مبكراً في المخيم وكنت جائعاً دخلت خيمة المطبخ ووجدت في القدر فولا مدمسا تبقى من العشاء، سخنته وحمصت الخبز وعملت الشاي والحليب وسميت باسم الله وبدأت أفطر، فإذا بطعم الفول لذيذ جداً مع وجود حموضة خفيفة ربما بسبب زيادة الطماطم التي زادته روعة على روعته ولم أشعر إلا وأنا قد قضيت عليه كله فاجتمع الجوع الشديد والطعم اللذيذ الذي أثبت أن صاحبنا أبو خالد طباخ ماهر. ما أن صليت الظهر إلا وبدأت أحس بألم في بطني كأنما هي سكاكين تقطع أحشائي وماهي إلا برهة حتى شعرت وكأنما انفجار سيحصل في بطني فوليت مسرعاً خلف أقرب شجرة وقد نسيت جهة الحمام أعزكم الله، وانطلق بطني مزمجراً وبعده استفراغ شديد ثم اصابني إعياء شديد دونما أعرف ما المشكلة ولكن في طوارئ المستشفى أخبروني أنه تسمم غذائي وتذكرت بسرعة طعم الفول المائل للحموضة الذي كنت أظنه لذيذا وما علمت أنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت ملامِسُها عِندَ التقلب في أَنيابِها العطبُ كما قال طيب الذكر عنترة بن شداد. ماحدث لصاحبنا قد يحدث لك، بل قد يحدث ماهو أخطر منه بكثير، فالخطر قد لا يمكن معرفته مسبقاً وقد يظن الإنسان بسلامة أمر ما ويكمن فيه أعظم الخطر، فنحن لا نرى الخطر في سلك الكهرباء و لا نشعر بخطورة الأحماض والقلويات إلا إذا مست أجسامنا. وهذا هو الحال في الأمراض المعدية والوبائية لا تظهر لنا أخطارها إلا بعد انتقالها حينها نتيقن بالخطر الذي ربما لا يمكن تجنبه بعد فوات الأوان. الأمراض التي تنتقل عبر الغذاء كثيرة جداً ويكفي أن نعرف أن هناك مرضاً مشتركاً بين الإنسان والحيوان، معظمها مشتركة بين الإنسان والحيوانات الأليفة، وينتقل منها للإنسان بواسطة الغذاء نسبة كبيرة. خلال العقود الثلاثة الماضية ظهر مرضاً معدياً جديداً أو متجدّداً في الإنسان: منها مرضاً مشتركاً بين الإنسان والحيوانات الأليفة مما يشكل ()، كما يوجد مرضاً معدياً في الحيوانات الزراعية منها مرضاً مشتركاً مع الإنسان مما يشكل حوالي ()، وهناك مرضاً معدياً في الكلاب والقطط منها () مرضاً مشتركاً مع الإنسان. بعض تلك الأمراض يمكن أن يقتل الإنسان مثل داء السعار، داء الجمرة الخبيثة وداء السل (الدرن) وكورونا، ومنها غير القاتل ولكن ينتشر بصورة وبائية زمنها مايصيب الإنسان بأضرار صحية لكنه لا ينتقل إلا لمن يخالط المريض مثل بعض أمراض التسمم الغذائي. الأمراض المعدية Infectious Diseases أمراض تسببها أو تنقلها كائنات دقيقة (كالفيروسات والبكتيريا والطفيليات الأولية)، وغير دقيقة مثل الديدان الطفيلية. من أمثلة تلك الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان التسمم الغذائي بالمطثيات (Clostridial food poisoning)، داء البروسيلا، السل الرئوي أو الدرن، عدوى السالمونيلات، مرض ايبولا، الحمى المجهولة (أنفلونزا البلقان)، عدوى المتدثّرات (chlamydiosis)، انفلونزا الخنازير، الجمرة الخبيثة، الحمى الفحمية، حمى الوادي المتصدع، انفلونزا الطيور، الفطريات الجلدية والتحت جلدية، الطاعون البشري الجذام (Leprosy)، داء الليستريا، داء المقوّسات، الجارديا، داء اللشمانيا الحشوية، الرعام أو السقاوة (Glanders) الذي يصيب الخيول والكلاب، جدري الإبل، جدري البقر الكاذب، الجرب الساركوبتي، الحمى القرمزية، كورونا وغيرها. بعض تلك الأمراض ينتقل عن طريق العض: مثل داء الكلب أو السعار، وبعضها عن طريق الاختلاط مثل جدري الإنسان، انفلونزا الطيور وانفلونزا الخنازير وكورونا، وبعضها عن طريق المفصليات الطبية مثل الحمى المخية الشوكية، حمى الوادي المتصدع، الحمى القلاعية والحمى الصفراء. بالنسبة لفيروس (زيكا) والذي ينقله نوع من البعوض لا يوجد في المملكة ولله الحمد، إلا أنه قد ينتقل عبر البعوض الناقل لمرض حمى الوادي المتصدع، الذي ينتشر في أماكن محددة في المملكة، مثل بعض مناطق جدة وجازان، وبحمد الله لم يتم تسجيل أي حالة من هذا المرض في المملكة وتعمل الجهات المختصة لتفادي أي إمكانية لدخول المرض للمملكة. هذه الأمراض وغيرها خطيرة جداً وتستلزم أخذ الاحتياطات الصحية لضمان عدم انتقالها من الحيوان للإنسان. بعض المتساهلين في أخذ تلك الاحتياطات إصيبوا بأمراض خطيرة منها تليف الكبد والفشل الكبدي وغيره، وأذكر أن أحد الأعزاء على قلبي أصيب بفشل الكبد بعد تساهله في علاج الالتهاب الكبدي الوبائي وعانى كثيراً لفترة ليست قصيرة من شدة المرض وبحث عن العلاج بكل طريق وفي كل مكان حتى يسر الله له زراعة كبد وشفاه الله مع الحياة المتحفظة صحياً.
مشاركة :