تواجه النساء في اليمن مخاطر كثيرة بما في ذلك خطر الألغام والأجسام الحربية من مخلفات الحرب والتي تسببت بمقتل وإصابة المئات منهن، فيما يعانين أخريات من ألم فقدان زوج أو ابن أو قريب قضوا أو تعرضوا لإعاقات مستديمة. ويحتفل العالم اليوم، باليوم العالمي للمرأة والذي يصادف الثامن من مارس من كل عام، إلا أن كثير من النساء اليمنيات يعشن أوضاعا صعبة للغاية جراء الأوضاع المعيشية المعقدة والمخاطر المتعددة بما في ذلك مخاطر الألغام ومخلفات الحرب. وتشير تقديرات الحكومة اليمنية إلى أن أكثر من 1800 امرأة وفتاة سقطن ضحايا الألغام خلال سنوات الحرب في عدد من مناطق البلاد. وأوضحت المحامية إشراق المقطري الناطقة الرسمية وقاضية تحقيق في اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية) لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن عملية زراعة الألغام التي رافقت الحرب في مديريات المحافظات اليمنية التي شهدت مواجهات (13 محافظة) لم يكن أحد يتصور حجم هذا التلوث العشوائي والكثيف وعواقبها. وأضافت كانت المخاوف لدى التجمعات السكانية من القذائف والقصف بسبب الحرب، ولكن أظهرت الحرب شكل آخر مخيف ومدمر تمثل بالألغام، حيث أصبح اليوم هو الخطر الطاغي على السكان خاصة على النساء والأطفال. وعبرت إشراق المقطري عن استغرابها من عملية الزراعة العشوائية للألغام المضادة للأفراد في المناطق المأهولة، قائلة لا يوجد سبب أو مبرر لزراعة الألغام بهذا الشكل في مناطق كانت مأهولة ترتادها النساء خصوصا، فالألغام المضادة للأفراد هدفها القتل والتشويه وليس لها علاقة بالعمل العسكري. ووفقا لإشراق المقطري فإنهم في اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان تمكنوا من التحقيق في أكثر من 1800 حالة من النساء هن ضحايا الألغام، وتم إعداد ملفات قانونية بهذه الحالات تتضمن شهادات وصورا لكل حالة. ولفتت إلى أن الكثير من النساء الريفيات أيضا فقدن مصادر دخلهن نتيجة تلوث مزارعهن ومناطق رعي الماشية ومناطق الاحتطاب بالألغام، مما دفع الكثير منهن للعمل في مهن أخرى تدر عليهن القليل من الدخل. وأشارت المتحدثة الحكومية إشراق المقطري إلى أن الكثير من النساء للأسف فقدن حقهن في العيش والحياة والحق في رعاية أطفالهن والقيام بدورهن الاجتماعي والاقتصادي بسبب كارثة الألغام. بدوره قال المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في صنعاء (تابع لجماعة الحوثي) إن النساء خاصة الريفيات يواجهن مخاطر جمة وفي مقدمة هذه المخاطر الأجسام من مخلفات الحرب، مؤكدا أنه وثق مقتل وإصابة 64 امرأة خلال العام الفائت 2022. وأوضح المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في بيان بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه، ان مخلفات الحرب أثرت على أعداد كبيرة من المدنيين الذين سقطوا جراء انفجار وحوادث مخلفات الحرب. وأكد المركز أنه وثق خلال العام الفائت 2022، مقتل 10 نساء وإصابة 54 أخريات. وأشار البيان إلى أن المرأة في اليمن هي الأكثر تضررا من مخاطر مخلفات الحرب، حيث تتعرض حياتهن للخطر أثناء جمعهن الحطب وجلب المياه ورعي الماشية. إلى ذلك قال المرصد اليمني للألغام، اليوم (الأربعاء) إنه سجل سقوط 9 ضحايا من النساء بين قتيلة وجريحة منذ مطلع العام الجاري. وأوضح المرصد غير الحكومي والذي يعنى بتوثيق ضحايا الألغام والذخائر المتفجرة والقذائف من مخلفات الحرب، في بيان اليوم، أن حياة النساء الريفيات في اليمن عرضة لخطر الألغام والذخائر المتفجرة من مخلفات الحرب. وأكد المرصد أنه رصد ووثق خلال شهري يناير وفبراير الماضيين من العام الجاري مقتل 3 نساء وإصابة 6 أخريات في محافظات الحديدة ومأرب والجوف وصعدة والبيضاء ولحج. وأشار المرصد إلى أن زراعة الألغام المضادة للأفراد عشوائيا على جنبات الطرقات ومحيط آبار المياه وفي المدارس والمزارع ومناطق رعي الماشية تتنافى مع المبادئ والقيم وتستهدف المدنيين، وقد دفعت النساء ثمنا مؤلما لذلك. وتعاني مناطق واسعة في اليمن من خطر الألغام والمقذوفات من مخلفات الحرب، فيما تعد محافظات الحديدة والبيضاء وتعز ومأرب وحجة والجوف وصعدة من أكثر المناطق الملوثة، ويسقط ضحايا بشكل شبه يومي من المدنيين في مناطق هذه المحافظات. وفي محافظة تعز (جنوب غرب اليمن) تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 220 امرأة سقطن قتلى وجرحى بسبب الألغام خلال الخمس سنوات الماضية. وذكر المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في محافظة تعز - مركز تابع للحكومة اليمنية - أنه وثق خلال الفترة من 2017 وحتى فبراير من العام الجاري مقتل 17 سيدة وإصابة 203 سيدات. وتبذل الجهات اليمنية ومشروع مسام السعودي لنزع الألغام جهودا مضنية لتطهير المناطق المأهولة من الألغام والمقذوفات. وذكر برنامج مسام السعودي والذي يعمل في تطهير المناطق اليمنية من الألغام، على موقعه الإلكتروني اليوم، أنه تمكن من انتزاع نحو 389706 ألغام مضادة للأفراد والدبابات وعبوات ناسفة وذخائر غير منفجرة في مناطق عدة باليمن منذ بدء عمل المشروع منتصف العام 2018. وبحسب البيان فإن "إجمالي مساحات الأراضي اليمنية التي تم تطهيرها بلغ 44850678 مترا مربعا". وتعاني اليمن من نزاع دموي منذ أواخر 2014، بين القوات الحكومية والحوثيين ورافق سنوات الحرب تلوث مناطق عدة بالألغام والذخائر المتفجرة والقذائف من مخلفات الحرب.
مشاركة :