ضمن الأنشطة المفتوحة لبيت الشعر بالشارقة بادارة الشاعر محمد عبدالله البريكي كانت هناك أصبوحة شعرية تابعها جمهور الشعر ورواد البيت الى جانب أصداء العدد الجديد من مجلة القوافي الحافلة بالمواضيع والنصوص والقصائد كما جرت العادة. و في السياق صدر عن بيت الشعر في دائرة الثقافة بالشارقة العدد 43 "من مجلة "القوافي"، التي تهتم بالشعر الفصيح حاضرا وتراثا، وتضيء على تجارب الشعراء بالنقد والدراسة، كما تحتفي بنشر جديدهم وإبداعاتهم الشعرية. وجاءت افتتاحية العدد تحت عنوان ” تجارب شعرية متوهجة بالتجديد والابتكار"، جاء فيها: "سيبقى الشعر العربي في عصوره الأولى يحتفظ بوهج بداياته وأثرها في الأجيال، حيث إن الذاكرة العربية تحفظ إبداعات شعراء العصر الجاهلي التي مثلت البداية الحقيقية للشعر، والمطّلع على تلك التجارب سيجدها قد تجاوزت زمنها بلغتها الصافية، وصورها المبتكرة، ومعالجتها الفنية لموضوعاتها؛ ففيها من الدهشة والتصوير والتجديد والابتكار ما يجعلها خالدةً على مر العصور، وقد تصدرت معلّقات العصر الجاهلي المشهد الشعري، وبقيت إلى يومنا هذا تمثل قيمة إبداعية عالية، ومرجعاً شعريًّا". أما إطلالة العدد فقد جاءت تحت عنوان: “المعلقات.. قصائد خالدة في ذاكرة ديوان العرب”، وكتبتها الشاعرة د. حنين عمر.وفي باب "مسارات" كتب د. محمد عيسى الحوراني عن " تجلّيات الإيقاع والتجديد في موسيقى الشعر العربي". وتضمن العدد حوارا مع الشاعر المصري د. علاء جانب، وحاوره الإعلامي محمد زين العابدين. وفي استطلاع العدد استطلع الشاعر والإعلامي أحمد الصويري آراء عدد من الشعراء والمبدعين عمَّا إن كانت "الجوائز تحقق حالة من الرضا والانتشار". .وفي باب "مدن القصيدة" كتب الشاعر د. عبدالرزاق الربيعي عن مدينة الكرك الأردنية تحت عنوان: "الكرك الأردنية.. قلعة التاريخ وأرض الطيِّيبين". وتضمن باب "أجنحة" حوارا مع الشاعر السوري محمد الكامل، وحاورته الشاعرة والإعلامية منى حسن.وتنوع قطاف "أصداء المعاني" بين حدث وقصيدة، ومقتطفات من دعابات الشعراء، و" قالوا في..."، وكتبها الإعلامي فواز الشعار. وفي باب "مقال" كتب الشاعر الدكتور عبدالرزاق الدرباس عن "استئناس الشعراء بالوحوش في حكايات الاغتراب"، وفي "باب “عصور” كتبت الأديبة فوز الفارس عن الشاعرة العربية الخنساء تحت عنوان: "الخنساء.. شاعرة زمانها وأسطورة الأخوة الفذة". وفي باب "نقد" تتبعت الشاعرة أسيل سقلاوي أثر الياسمين في قصائد الشعراء في مقال بعنوان: "الياسمين.. دلالات عابقة بالجمال وملهمة للكتابة "، كما كشف الشاعر خالد بودريف عن حضور المشكاة ودلالاتها في الشعر العربي تحت عنوان: "المشكاة.. طاقة حيوية تضيء قصائد الشعراء".وفي باب “تأويلات” قرأ الدكتور سعد التميمي قصيدة “جذبة المعنى”، للشاعر عبدالحق عدنان، كما قرأ د. رشيد الإدريسي قصيدة "من كلِّ شيءٍ توأما ن" للشاعر أحمد الصويري.أما في باب “استراحة الكتب” فقد قدَّم الدكتور خليف غالب إضاءة وافية على ديوان "إملاءات لأصابع العشب"، للشاعر جاسم محمد جاسم.وفي باب " الجانب الآخر، كتب الشاعر مهند الخيكاني عن "الملل.. مُحرِّضٌ فاعل في مسيرة التلقِّي والكتابة"، مستضيئا بتجربتي المعري وإيليا أبو ماضي. وضم العدد قصائد شعرية متنوعة ومتوهجة، تنوعت فيها اشتغالات الشعراء على مضامين مختلفة في لغةٍ شعرية عالية، وحللٍ بلاغية زاهية الصور والمعاني.واختتم العدد بحديث الشعر لمدير التحرير الشاعر محمد عبدالله البريكي تحت عنوان: " في مارس.. أنغام وإيقاعات"، وجاء في مفتتحه: " الشاعر يحفظ الأسماء ويسمّي الشوارع ويُحصي الأمكنة التي يحبها، والتواريخ التي تولد في فضائها، يمسك بأجنحتها كما يمسك الهواء في كل الدروب، فهو يؤمن بأنّ المنافذ التي تتفتح في أفقه لكي تهديه إلى الجمال هي بفضل دعاء يتكئ عليه طوال عمره من أمه التي تمنحه الخيال، أمه التي تكرّمها الدنيا مثل كل الأمهات، في مارس الذي تتورّد فيه الكلمات وتتدثر فيه اللغة بالأحرف التي تحدق في الطير، وتنبت من كوكب الأم التي لا يذهب صوتها أبداً في روح الشاعر؛ إنه ينعس ويستريح على صدى محبتها ورحمتها العجيبة. والشاعر في مثل هذه الأيام يسمع صوت القصيدة، وهي توزع ظلالها في اليوم العالمي للشعر، فكم لشهر مارس من عطايا على الشعر، فهو يهديه صدفات وخطوات وأسرةً ومَسرّات وعشباً ، فكل شيء يحتفل مع الشاعر في هذه الأيام". في جانب آخر وضمن برنامجه الاحتفالي باليوم العالمي للشعر، نظم "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة الأربعاء، الأول من مارس/أذار 2023، قراءات شعرية صباحية حضرها جمهور حاشد ومُحب، وأحياها الشعراء فاتح البيوش من سوريا، وأحمد أبو دياب من مصر، وأنور بومدين من الجزائر، بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي، وقدمتها الأستاذة وجيهة خليل، التي أثنت على التواصل المتجدد بين البيت والشعراء عبر مناسبات الشعر المختلفة، والبرنامج السنوي الذي يحرص القائمين عليه على تقديم تجارب شعرية متنوعة عبر منبره في كل مرة، مما جعله مدرسة شعرية تحتفي بالرواد، وترعى التجارب الشعرية الجديدة، وتقيم ورشات فن الشعر والعروض. وجاءت مواضيع القصائد ملونة بالحب بمعناه الشامل والكبير الذي تجلى في نصوص تتغنى بأوجاع الأوطان وتشظيات الوجدان، وحضر الحزن ملحا للقصائد، التي جاءت في أثواب لغة رشيقة المعاني والصور. ونالت القراءات من الحاضرين الاستحسان، وحسن الإصغاء، والتصفيق.افتتح القراءات الشاعر أنور بومدين الذي صعد بالمستمعين إلى آفاق الضوء في حضرة النبي الهاشمي صلاة الله وسلامه عليه وعلى آله، بقصيدة جاء فيها: إنّي أتـــيـت الـــيــمّ أشـرح وجهه كي أقذف المعنى الذي قــد تـاه فيْ من بــــدء كـلّ الخلق، بــورك خلقهُ وإلى انتهـاء المنــتهى يــبقى العليْ ماذا أقـول؟ وفي فمي سـرّ النّبو ءة.. يصغـر المعنى أمام الهـاشميْ ثم قرأ نصا محملا بوصايا أبيه الذي أوصاه بالابتعاد عن الشعر، لما يستصحبه في جُبِّتِه من وجع وحزن ودموع، يقول مطلعها: يقول أبي: يا بنيْ.. لا تكنْ شاعرا وكنْ ما تشاءْ وحدّدْ مساركَ في الضّوءِ حين تمرّ اللّيالي عليكَ لتعبرَ ما كان من ذكريات الشّتاءْ والذي لا يلبث أن يرجع عن موقفه في آخرها موصيا له أن "كنْ شاعرًا، لكي لا تكون سواكْ". ثم ختم بنص استلهم فيه مراحل العمر التي تبدأ بولادته وحيدا على حافة الهلاك، مستعرضا مراحل عمره في قصيدة نالت استحسان الحضور. تلاه الشاعر أحمد أبو دياب الذي افتتح بقراءة من " من ذاكرة الماء" متخذا الماء قناعا لروحه المتعبة، في قصيدة احتشدت فيها صور رمزية بديعة استحضرت تجليات الطبيعة وصورها الملهمة. ثم قرأ نصا يطرح تساؤلات وجودية طاعنة في الوجع والفزع، مبللة بدموع الأمهات وندى زهور الحب، يقول فيها: - ما الوقتُ؟ - ما جدوى سؤالُ الوقتِ إذْ منهُ سؤالُ الموتِ يقفزُ مُفزِعَا ؟! في شُرفَةٍ خلفَ المُسافِرِ أمُّهُ وعيونُهَا دمعٌ يُخالِطُهُ الدُّعـَا وبثغرِ شُبّاكِ الحبيبةِ وردةٌ وأنا أذوبُ تردُّدًا ومواجِعَا وختم قراءته بقصيدة عنوانها "ما لا يقتفى"، في إشارة للعجز عن تتبع القلب، وتحذيره من وجع الحب الغافي على سطور القول، يقول فيها: مرّت على لُغتي من قبل سيّدةٌ لم يكْتَنِفْ سرّها طيرٌ ولا شجرُ من أين أتبعُهاَ أَوْ أقتفي تعبي؟ لن يسلمَ القلبُ مهما خطَّهُ الحَذَرُ! يا أيُّها القولُ إن الحبّ أوجعنا ما حدّهُ في الهوى بُعدٌ ولا سَفَرُ تلاه الشاعر فاتح البيوش الذي ابتدر قراءته بقصيدة مهداة إلى مقام صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، جاء فيها: في كفِّ سلطانَ مُزْنُ الحبِّ مشرقةُ مازالَ ينبتُ من أكمامها الوَدَقُ كأنها قِبلةٌ للضوء يرفدها جيلٌ تَربَّى على أكتافه الألقُ ففي المجازِ كؤوسُ النورِ مُترَعةْ وجفنةُ الحبِّ كمْ دانتْ لمنْ سَبَقوا ثم قرأ قصيدة عزفت على وتر الوجع والفجيعة مُعلنا أن " لا وقت للحزن"، في نص مليء بالحزن والشحن على وطنه سوريا، المنكوب بالحرب والزلازل، متنقلا بين محطات الوجع وراسما صوره في لغة شعرية عالية، وبليغة، جاء في مفتتحها: لا وقتَ للحزنِ لا ميقاتَ للوجعِ ولا دموعَ ستطفي جمرةَ الولَعِ قد أرهقتنا يدُ الأيام وانكفأتْ فجاذبتنا ذئابُ الجوعِ والفزعِ وفوقَ أرصفةِ الآهاتِ كم وُئِدَتْ أحلامُنا عبثاً في لوثةِ البِدَعِ وفي الختام كرّم الشاعر محمد عبدالله البريكي الشعراء ومُقدم الأصبوحة..هكذا تتواصل الفعاليات بالبيت حيث البرامج المعدة للشعر في احتفاء جميل بالقصائد والشعراء في مجالات مفتوحة بين القوافي والبيت وما الى ذلك من تلوينات ثقافية متصلة بالشعر وأهله ورواده.
مشاركة :