حكايات مصرية من تاريخ القاهرة (1)

  • 3/12/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بعيدا عن ترهات جنرالات المقاهي انطلقت الدولة العبيدية الفاطمية من المغرب الأقصى نحو الشرق لكي تحقق أحلامها الكبرى في أن تتحول إلى مركز الخلافة بعد إعلانها مناهضة الخلافة العباسية و عدم الاعتراف بها، لتتقدم شرقا مقوضة دولة الأغالبة بعد قضائهم على عاصمة بني الأغلب في رقادة بعد تجاوزها معقلهم الأول في القيروان، ليستقر الفاطميون في عاصمتهم الجديدة (المهدية) يترقبون ما يحدث في مصر حيث كانت الدولة ( الأخشيدية ) تلفظ أنفاسها الأخيرة و لم يعد الفاطميون يخشون سوى بأس “أبي المسك كافور الأخشيدي” الملقب ” بالليثي السوري “، و الذي كان يلقبه الفاطميون (بالحجر الأسود ) .. و بموت “كافور الأخشيدي” أنفذ ” المعز لدين لله الفاطمي ” قائده الأفضل “جوهر الصقلي” و إسمه الكامل ” أبو الحسين جوهر بن عبد الله ” المولود بصقلية و كان يلقب أيضا “بجوهر الرومي” إلى مصر ليغزوها بسهولة بعد موت حاكمها ” كافور الأخشيدي ” و الذي أتم بناء عاصمة الفاطميين الأخيرة التي أصبحت نقطة الإرتكاز التي تناسب تحقيق حلمهم الكبير في الخلافة العظمى خلال 3 سنوات و أطلق عليها أولا إسم ( المنصورية ) قبل أن يأتي إليها ” المعز لدين الله الفاطمي ” و يطلق عليها اسم ( القاهرة ) لتنطلق من هناك جيوش الفاطميين لتبسط سيطرتها على المشاعر المقدسة في الحجاز و القدس و بلاد الشام حيث حرمت العباسيين من بسط نفوذ خلافتهم على تلك المناطق لتصبح الخلافة الفاطمية هي الخلافة العظمى الفعلية .. و قد بنى ” جوهر الصقلي ” القاهر على مساحة 349 فدانا حوالي 1428000 مترا مربعا و أحاطها بسور من الطوب اللبن الذي ظل كذلك حتى قام عامل الفاطميين القائد ” بدر الجمالي ” الأرمني الأصل مجدد القاهرة الفاطمية ببناء السور الحجري في عهد الخليفة ” المستنصر”، و قد استخدم في هذا البناء أحجار مأخوذة من أهرام و معابد مصرية قديمة لذا تجد على بعضها نقوش و خراطيش هيروغليفية .. – و لم تخلق المنطقة التي تشملها القاهرة الحالية من العدم أو بدأت معها كما يتصور البعض فقد سبقها في العصور القديمة عواصم مثل ( منف )، و ( هيليوبوليس )، و في العصر الإسلامي سبقتها ( الفسطاط )، و ( العسكر )، و ( القطائع )، و مثلما انطلقت جيوش الفتح الإسلامي من مصر لتنشر الإسلام و تعمر مدن للإسلام في شمال إفريقية و المغرب الكبير و الأندلس، عاد من هناك من يرد الجميل بإنشاء القاهرة التي أصبحت أهم حواضر الإسلام و بلد الألف مئذنة آنذاك .. فيما أصبحت اليوم بلد مئات الألاف من المآذن و أبراج الكنائس التي نبتت من أرضها الطيبة.

مشاركة :