أكد سفير الفاتيكان لدى البلاد، المطران أوجين نوجنت، أن الكويت والفاتيكان تتشاركان وجهات نظر متشابهة حول مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية، مشيراً إلى أن «علاقتنا مع الكويت تمتد إلى أكثر من نصف قرن». وقال نوجنت في حوار مع «الجريدة» بمناسبة احتفال السفارة بالعيد العاشر لـ «اليوم الوطني للكرسي الرسولي»، إن «عدد المسيحيين في الكويت يتزايد باستمرار»، لافتاً إلى وجود نحو 300 ألف مسيحي من الكاثوليك حالياً على أرضها، موجهاً الشكر إلى الحكومة الكويتية على توفيرها أماكن عبادة للمسيحيين الذين يصل عددهم إلى 800 ألف من مختلف الطوائف. وتمنى «أن يزور بابا روما الكويت قريباً، وهي البلد الذي يحبه كثيراً بعد زيارته الإمارات والبحرين والعراق»... وفيما يلي نص الحوار: • كانت الكويت أول دولة خليجية أقامت علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان عام 1968... كيف تقيمون مسار هذه العلاقة التاريخية؟ - تعود العلاقات الدبلوماسية بين الكويت والكرسي الرسولي إلى أكثر من نصف قرن الآن، وهي أول دولة خليجية أقامت علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان، ونحن نتمتع بعلاقة طويلة جداً وراسخة، إذ أقيمت علاقات دبلوماسية كاملة عندما كانت الكويت دولة فتية بعد أن نالت استقلالها، وعلى مر السنين تطورت العلاقة. في البداية، لم يكن لدينا سفير مقيم هنا حتى العام 2000، ومنذ ذلك الحين، بات لدينا سفير مقيم وممثل سفاري يعمل بكامل طاقته هنا. ومع مرور الوقت، تطورت العلاقة وتعمقت، كما يشترك الكرسي الرسولي والكويت في وجهات نظر متشابهة حول مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية، بما في ذلك تغير المناخ، التعليم، القيم الأسرية، والسلام الدولي وغيرها. عدد المسيحيين بالكويت • في عام 1961 أهدى البابا يوحنا الثالث والعشرون وسام فارس البابا القديس سيلفستر للأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم تقديراً للدور الذي يلعبه في احتضان المسيحيين... ما هي رؤيتكم لوضع المسيحيين في الكويت الآن، وهل لديكم إحصائيات عن أعدادهم؟ - يتزايد عدد المسيحيين في الكويت باستمرار على مر السنين ومع توسع الاقتصاد الكويتي، لا سيما في قطاع النفط والخدمات والضيافة والطب والأعمال والشؤون القانونية. ومعظم المسيحيين في الكويت يأتون من الفلبين والهند، وهناك أيضاً مسيحيون من لبنان وفلسطين وسورية ومصر والعراق وأوروبا والولايات المتحدة ومن دول إفريقية. أما عن العدد، فقبل وباء كورونا، كان هناك نحو 350 ألف مسيحي من الروم الكاثوليك في الكويت وكانوا يشكّلون مع أعداد المسيحيين الباقين من طوائف مختلفة، نحو 800 ألف، وربما انخفض هذا الرقم إلى حد ما بسبب الوباء، حيث وصل في الوقت الحاضر إلى نحو 300 ألف مسيحي من الكاثوليك من طوائف مختلفة. ممتنون للحكومة لتوفيرها أماكن عبادة للمسيحيين البالغ عددهم 800 ألف من كل الطوائف والكنيسة ديناميكية جداً هنا في الكويت وتخدم مختلف الخلفيات الثقافية وبكل اللغات، ونحن ممتنون للحكومة الكويتية على توفيرها أماكن العبادة الموجودة. ودعني أؤكد، أن معظم الكاثوليك العاملين في الكويت، يزاولون عملهم بكل جدية وأمانة، كما أن بعضهم من الجيل الثاني من الكاثوليك الذين أتى آباؤهم إلى هنا في الستينيات والسبعينيات ونشأوا في الكويت ودخلوا مدارسها، وهم الآن بدورهم يؤسسون عائلاتهم الخاصة. تعاطف كويتي • شهدنا أخيراً تعاطف القيادة السياسية والشعب وأطياف المجتمع في الكويت الذين توافدوا إلى سفارتكم بعد وفاة البابا بنديكتوس السادس عشر... ما هي مشاعركم حيال هذا الترابط وهذه العلاقة؟ - لقد تأثرت بشكل إيجابي جداً بتدفق هذا التعاطف من كل من القيادة السياسية وشعب الكويت بعد وفاة البابا بنديكتوس، وشعرت بالامتنان الشديد عندما جاء وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ محمد العبد الله المبارك شخصياً إلى السفارة الرسولية لنقل تعازي سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وأسرة الصباح الكريمة، كما أنني سررت جداً بحضور وزير الخارجية الشيخ سالم الصباح، الذي جاء لتمثيل حكومة الكويت وشعبها. كما جاء العديد من الشخصيات والأصدقاء الكويتيين الآخرين للتعبير عن تعاطفهم في هذه المناسبة الحزينة، وهذا يدل على وجود علاقة حقيقية من الاحترام المتبادل بين حكومة وشعب الكويت من جهة والكرسي الرسولي والكنيسة الكاثوليكية من جهة أخرى. إن عبارات التعاطف والتضامن هذه تعزز أملي في أن تتطور هذه العلاقة وتتعمق أكثر في المضي قدماً. • في تاريخ العلاقات بين الكويت والفاتيكان كانت هناك زيارات للأمراء إلى الفاتيكان... فهل سنشهد زيارة يقوم بها البابا إلى الكويت؟ - نأمل بالتأكيد أن يقوم الحبر الأعظم بزيارة رسولية إلى الكويت، كما ذكرت سابقاً، زار البابا دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2019 والبحرين عام 2022، كما زار العراق عام 2021. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أنه يعاني من صعوبة معينة في المشي، وأود أيضاً أن أضيف أنه، لزيارة أي بلد، يجب دعوة الحبر الأعظم من قبل رئيس الدولة وسلطات الكنيسة المحلية. إذاً، البابا لا يأتي من دون دعوة رسمية، وهذا مطلب بروتوكولي وضروري قبل اتخاذ القرار، ولكنني بالتأكيد أتمنّى أن يزور البابا الكويت في المستقبل غير البعيد، وهو البلد الذي يحبه كثيراً. • هل هناك سفارات رسولية أخرى (سفارات الفاتيكان) في دول الخليج بخلاف سفارتك الحالية في الكويت؟ - نعم. فبعد زيارة البابا فرنسيس لدولة الإمارات في 2019، افتتح الكرسي الرسولي سفارة رسولية في الإمارات، وأخيراً، تم تعيين سفير رسولي مقيم في أبوظبي. وقبل أسابيع قليلة، أقام الكرسي الرسولي وسلطنة عُمان علاقات دبلوماسية كاملة، وهي بشرى سارة جداً. علاقاتنا الدبلوماسية المشتركة تمتد إلى أكثر من نصف قرن • من منصبك كسفير الفاتيكان في الكويت، كيف يمكنك الاستمرار في العمل لتحقيق رؤية البابا فرنسيس لبناء جسور الحوار مع الإسلام؟ - هذا هو بالضبط العمل الذي أود التعامل بشأنه مع الكيانات ذات الصلة في الكويت. إن الحوار بين الأديان مهم جداً في بناء جسور الصداقة وكسر حواجز سوء التفاهم التي تراكمت عبر القرون. ومن جانبنا، نحن حريصون على دعوة خبراء من الكنيسة الكاثوليكية للانخراط مع أصدقائنا المسلمين في حوار محترم ومتنوع حول القضايا اللاهوتية والفلسفية والتاريخية. لدى الكرسي الرسولي اتفاقيات ثقافية وأكاديمية مع العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة بشأن برامج التبادل الأكاديمي والثقافي. وآمل أن يتم تحقيق ذلك في الكويت أيضاً، وبقدر ما أعلم، لا يوجد منتدى للحوار بين الأديان في الكويت. نحن حريصون على تنظيم مناقشات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك مثل الإيمان والثقافة والشباب والأخلاق ودور الذكاء الاصطناعي وتحديات العصر الرقمي وغيرها. ندرك جميعاً أنه مع الحرب في أوكرانيا وفي أعقاب جائحة «كورونا»، هناك حاجة ملحة حقيقية للعمل معاً من أجل تفاهم أفضل بين الأديان في تعزيز السلام العالمي وتحقيق انسجام أكبر بين الأديان والثقافات. • في أحد خطاباتك، قلت إن الإنسانية تعيش أوقاتاً مضطربة... لماذا هذا التشاؤم؟ - ما كان يدور في ذهني حينها بالطبع، هو ما أسماه البابا فرانسيس «الحرب العالمية الثالثة التي تُخاضُ تدريجياً». أفكر بشكل خاص في الحرب في أوكرانيا، والعديد من الحروب الأخرى، وبعضها ليس بعيداً جدًا عن هنا، أُفكّر في خطر الحرب النووية، وارتفاع تكلفة الغذاء الذي يسبب المجاعة، أُفكّر بهجرة الناس بشكل كبير، وكذلك بالآثار الدراماتيكية لتغير المناخ، ناهيك عن وباء المخدرات والطلاق والعنف الأسري. في كل هذه المجالات، أعتقد أنه يمكننا أن نجتمع معاً كأشخاص مؤمنين وننخرط بطريقة إيجابية في المساعدة في معالجة هذه القضايا الملحة للتخفيف من هذه المشكلات الملحة التي تواجه البشرية، سيكون هذا شكلاً عمليًا من الحوار بين الأديان حيث يحترم كل جانب الآخر ونعمل معًا من أجل الصالح العام. 13 مارس... اليوم الوطني للكرسي الرسولي أكد السفير البابوي رداً على سؤال عن «اليوم الوطني للكرسي الرسولي»، أن «الكرسي الرسولي (أو الكرسي البابوي) هو كيان سياسي قانوني معترف به دولياً يرأسه أسقف روما أو رأس الكنيسة الكاثوليكية، المعروف عموما باسم بابا روما». وأضاف: «كما أنه يعتبر أمراً غير معتاد في كثير من النواحي، ليس أقلها حقيقة أنه ليس لديه يوم استقلال أو يوم تأسيس أو يوم تحرير، ومع ذلك، فإننا نحتفل في 13 مارس من كل عام بعطلة رسمية، أي ذكرى انتخاب أسقف روما الحالي، الذي، وفقاً للتقليد، هو البابا الـ 266 للكنيسة الكاثوليكية».
مشاركة :