نورالدين عوني يستنطق الحروف بحثا عن قيم جمالية

  • 3/14/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

من النبع... ومن جمال قديم هو من عيون الفن الإنساني ومبتكراته الشتى كان النشيد والرقص الموشح بالألوان في هيئات عديدة تعدد زوايا النظر والتأمل والشغف والحلم... هكذا كان للقلب غناؤه الصافي وهو يلهج بالصور وبالمعاني في عناوين أساسها الوجدان والمهج. إنها لعبة الحرف في يجانه الرجيم في بحر من العذوبة والسحر أخذا بما بقي من رمق في طريق الحب وكما يقول ابن عربي (... وخذ بقية ما أبقيت من رمق / لا خير للحب إن أبقى على المهج)... وهكذا كان للحرف في شطحات بهائه هذا الأخذ والإتيان على الأعماق في ضروب من الجمال الفاتن... الحروف حالات حب وعواطف عواصف وكلام بل جوهر الكلام. تمضي مع هذه الأحوال الحروفية تتقصد التوغل في معانيها وأشكالها وأطر حركاتها وعوالمها الدفينة فتلقى سرك وترى ذاتك الموزعة في تفاصيلها لتشعر بما هو انتماء وكيان وهوية لتقول... مرحى أيتها الأيائل... مرحى أيتها الحروف في مهرجان بهجتك ورقصك وانتشائك حيث لا كلام ولا سلام ولا ضجيج ولا... ولا... إنه فقط الحرف يوقع أسماءه ويشير إلى الآفاق أن بورك النور المنبثق من شعب الحروف وهي ترسم شجنها الطافح بالرقص العظيم في تجليات هي الفكرة والعنوان. الحرف صديق القلب ودرب اللاهثين خلف المعاني.. والممسكين بالنشيد في أكوان الضجيج.. الحروف عالم الألفة والحلم والحنين والكلام بالشواسع والاصداح بالجمال وأي جمال هذا الطالع من تشكيل ومشهدية وحالات وحركات... و... وأصوات هي ألق الحروف، إذ تتجلى إبداعا وحبا وحسنا. من هنا تعددت التجارب المشتغلة في عوالم الحروف حيث الكاليغرافيا والحروفية والتجريدية في تعاطيها الحروفي والتشكيل بالحروف وما إلى ذلك من تلوينات هذه العوالم الفنية والتجارب متنوعة في العالم والأسماء كثيرة، إذ غالبا ما انخطف فنانون بفتنة الحروف وممكناتها الجمالية لتغدو أعمالهم ولوحاتهم الفنية بستانا آخر لتجليات الحرف، بل إن الإبداع الحروفي برز في تشكيلات فنية أخرى على غرار النحت والسيراميك والنسيج... وما إلى ذلك من تلوينات الفن المعاصر. هكذا نلج عوالم فنان تونسي هام بالحرف فنا وحبا وشغفا فمضى يتعاطى مع ممكناته حركة ولونا وتجريدا في تعبيرات متعددة عنوانها الجمال.. الفنان الحروفي نورالدين عوني ومن خلال تجربته الفنية سعى إلى استنطاق الحروف يحاورها ويحاولها بحثا عن قيم جمالية في سياق ولعه الفني الجمالي والوجداني تجاه الحرف وما يمنحه من ألق وحياة وأسرار هي عين ما يرمي إليه فنان في هذا الدرب الفني منذ عقود. ومنذ عقود تعددت معارضه الفردية والجماعية ليشير الفنان نورالدين عوني إلى آفاق حلمه من خلال افتتانه بالحروف التي جعل من العلاقة معها وبها كونا تشكيليا فيه تجليات شتى. هي لعبة فنية تبرز في مختلف لوحات الحروفي نورالدين عوني وهو يلاعب الحروف ويراقصها على القماشة عساها تبوح.. وقد باحت له بما فيها من سحر وحب وشجن وفتنة فغدا طفلا يحرس لعبته هذه في زمن اللامعنى والسقوط والتداعيات المريبة التي افتقد معها الكائن أعماق ذاته ليتهدده الضياع ومشتقاته في مشهد مربك. الحرف عند الفنان نورالدين وطن وهوية وعالم بأسره من جمال ومعان عالية يحتاجها الإنسان في حله وترحاله، حيث الهوية والانتماء والكينونة.. هي شاعرية الحال والعوالم في أبهى الممكنات... الحروف حياة. في معرضه "تجليات حروفية" برواق الفنون ببن عروس بإشراف المندوب الجهوي للشؤون الثقافية وجمع من الفنانين التشكيليين... تعددت اللوحات وألوانها وإبداعيات مضامينها وخطابها كتابة وتشكيلا وابتكارا، حيث المتلقي في نظره المفتوح والمأخوذ بهذه الاشتغالات التي خلفتها أنامل فنان أصيل وعميق ومنفتح على الراهن والعوالم وهو يرتجي شيئا من لغة الفن والجمال والإبداع. تجربة أخرى يخوضها من سنوات الفنان الحروفي نورالدين عوني وهو يقدم لجمهور الفن والتشكيل حيزا من تجربته وهو القائل بالحرف مجال فكر وأمل وتأمل وحياة تجاه عوالم عليلة لا ترى ولا تقرأ ولا تفتتن بالمعاني وسحرها.. عوالم بلا قلب. الفنان نورالدين في أعماله وفي معرضه هذا يرج الناظرين تجاه لوحاته موقظا ما بقي فيهم من ذرات جمال ووعي ومعان... إنه الحرف يرقص يتلون يبوح... ويبدع.

مشاركة :