الاحترار المناخي وراء زيادة موجات الجفاف والفيضانات

  • 3/14/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن - أفادت دراسة أميركية حديثة تستند إلى بيانات جديدة أن الظواهر المناخية الحادة المتعلّقة بدورة المياه كموجات الجفاف والفيضانات، ترتبط ارتباطا وثيقا بمتوسط درجات الحرارة في العالم، مع العلم أن حدّتها تشتد بصورة كبيرة بسبب الاحترار المناخي. واستخدم العلماء الذين أعدوا الدراسة والمقيمون في الولايات المتحدة أسلوبا مبتكرا في أعمالهم البحثية، إذ استندوا إلى بيانات جمعتها الأقمار الاصطناعية لدراسة الظواهر المناخية المائية الحادة، وكانت دراسات مماثلة استندت حتى اليوم بصورة أساسية إلى معدلات المتساقطات. وفي دراسة نشرتها مجلة "نيشتر ووتر"، استخدم الباحثون بيانات تعود إلى السنوات الممتدة بين 2002 و2021 حتى يتوصلوا إلى تقديرات أفضل لأثر الاحترار المناخي على ظواهر الطقس الحادة، مع العلم أن هذا الأثر معروف نظريا لكن غير مُقاس بشكل جيد. وتوصل معدو الدراسة الجديدة إلى أن "شدة الظواهر الحادة مرتبطة ارتباطا وثيقا بمتوسط درجات الحرارة العالمية"، أكثر من ارتباطها بأي عامل مناخي آخر (كظاهرة إل نينيو مثلا). وتزايدت وتيرة الظواهر المناخية منذ 8 سنوات إلى أربع مرات سنويا، بينما كانت تحدث ثلاث مرات خلال السنوات الـ13 التي سبقت العام 2015. وقال ماثيو رودل من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) وأحد معدي الدراسة إن ما توصلنا إليه "يشير إلى أننا سنشهد مستقبلا موجات جفاف وأمطار أكثر تواترا وحدة مع استمرار الاحترار المناخي". ولفت إلى أن "الهواء الساخن يزيد من معدلات تبخر المياه التي تُصبح مفقودة بصورة أكبر خلال موجات الجفاف"، مضيفاً أن الهواء الساخن من شأنه أيضا الاحتفاظ بالرطوبة ونشر معدلات أعلى منها، ما يؤدي إلى كميات مياه متزايدة خلال موجات تساقط الأمطار. وتابع "لذا من المنطقي أن نشهد زيادة في حدّة موجات الجفاف وتساقط الأمطار تزامنا مع ارتفاع درجة حرارة الأرض". وارتفعت درجة حرارة العالم بنحو 1.2 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة بسبب الأنشطة البشرية وتحديدا استخدام الوقود الأحفوري كالنفط والفحم. وبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي، فإن العالم سيتجه العالم، في حال لم تُتخذ قرارات سياسية صارمة، نحو ارتفاع بـ3.2 درجات مئوية بحلول العام 2100. وشكل حتى اليوم فيضان في وسط أفريقيا أهم ظاهرة مناخية حادة تُسجّل خلال السنوات العشرين الماضية. وتسبب الفيضان في رفع مستوى بحيرة فيكتوريا بأكثر من متر، وكان لا يزال مستمرا في عام 2021 عند انتهاء الدراسة. واستمرت نحو 70 في المئة من الظواهر المناخية التي جرى قياسها ستة أشهر أو أقل مع متوسط يراوح بين الخمسة إلى الستة أشهر. وسُجل ثلث أبرز 30 ظاهرة مناخية رطبة أو جافة في العالم بأميركا الجنوبية، أما موجات الجفاف الأكثر حدة فشهدتها منطقة الأمازون خلال العام الأكثر حرا على الإطلاق. وقال ماثيو رودل "كان متوقعا أن تصبح موجات الجفاف والفيضانات أكثر تواترا وحدة في ظل ظاهرة التغير المناخي، لكن قياس ذلك كان يتسم بصعوبة". وكان الرابط بين الظواهر المناخية الحادة ومتوسطة درجات الحرارة في العالم يستند إلى نماذج مناخية وملاحظات، إذ يُفسر الهواء الساخن مثلا بمزيد من تبخر المياه خلال موجات الجفاف، إلا أنه يتيح كذلك لمسطحات مائية أكبر بالتحرك خلال موجات هطول الأمطار. وأشار ماثيو رودل إلى أن الدراسة وفرت "أدلة قوية" على ارتباط الظواهر المناخية الحادة بالاحترار المناخي، استنادا إلى ما التقطته الأقمار الاصطناعية عن مخزون المياه على كوكب الأرض إن كان داخل التربة أو فوقها. ويزداد تواتر الكوارث التي تُسمّى بالكوارث الثانوية، مثل الفيضانات والعواصف، مقارنة بالكوارث الكبيرة مثل الزلازل والأعاصير، حول العالم، وفقا لشركة التأمين السويسرية "سويس ري". واليوم، يتحدث الخبراء عن النتائج الكارثية على حياة الناس ويُدقوا ناقوس الخطر الذي دقته قبل 160 عاما العالمة الأميركية يونيس فوت التي أثبتت العلاقة بين تأثير انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون وارتفاع درجات الحرارة في كتلة الهواء. قالت في عام 1856 أمام الرابطة الأميركية للنهوض العلمي إن "انبعاث الغاز إلى الفضاء سيؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة فوق الأرض"، واليوم يقول الخبراء "كفى مؤتمرات وأحاديث… على البشرية أن تغير نمط حياتها قبل أن يصبح الوقت متأخرا".

مشاركة :