هل يفتح الاتفاق السعودي الإيراني بوابة الشرق الأوسط أمام الصين؟

  • 3/18/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حمل التقارب بين السعودية وإيران برعاية صينية، تساؤلات حول أهداف بكين من سعيها للاضطلاع بدورٍ دبلوماسي أكبر، سواءٌ على المستوى الإقليمي أو الدولي. فما حققته الصين في هذا الملف لم يكن وليدَ اللحظة بل سبقته سلسلةٌ من المحاولات. ففي مارس 2017، أعلنت بكين استعدادَها للتوسط بين الجانبين. وفي 2019 أعادت الصين الكرَّةَ أثناء زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى البلاد، حيث جددت استعدادَها للتوسط بين الرياض وطهران. لتتمكن الصين في مارس 2023 من تحقيق اختراق في واحد من أكثر الملفات الشائكة بالشرق الأوسط، وأنهت سبعَ سنوات من القطيعة بين الرياض وطهران. خطوة اعتبرها متابعون إنجازا من بكين على حساب واشنطن، فيما رأت الصين أن الخطوة تأتي في إطار دورِها ومسؤوليتها في التعامل مع القضايا الشائكة بصفتها دولةً كبرى. وقبل نجاحها كوسيط، استطاعت الصين أن تخلق حضورا اقتصاديا كبيرا في الشرق الأوسط، فهي أكبرُ مستورد للنفط السعودي، كما بلغت التجارة بين البلدين 81 مليارَ يورو في 2021. كذلك تصل قيمة المبادلات بين الصين وإيران إلى ستة عشر 16 مليارَ دولار، حيث تعد بكين الشريك التجاري الأول لطهران وتهيمن على 30 في المائة من معاملاتها التجارية. ومع هذا التمدد الاقتصادي والانخراط السياسي، يبرز التساؤل .. هل تحُل الصين محلَ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟ أم أن واشنطن ترى فيما تنجزُه بكين مصلحةً لها أيضا؟ فراغ أمريكي ملأته الصين من الرياض قال الباحث الاستراتيجي في العلاقات الدولية العميد مطير الرويحلي برنامج «مدار الغد»: «حضور الصين كلاعب رئيس في الشرق الأوسط والقضايا الدولية ليس وليدة اللحظة وإنما هو امتداد لتاريخ من التمدد الاقتصادي والتقارب التجاري مع دول العالم من خلال مبادرة الحزام والطريق التي مكنت الصين من الوصول على أغلب دول العالم، فأوجدت لنفسها موطئ قدم في الدول المؤثرة بالمنطقة وعلى رأسها السعودية». وأضاف الرويحلي: «هذا الاختراق مكن الصين من البروز كقوة اقتصادية وسياسية. والقوة السياسية تبنى على مؤشرات اقتصادية، ثم يأتي الموقف السياسي والدبلوماسي والعسكري والأمني». وأضاف: «أما أمريكا فمازال لها تأثير كدولة عظمى، وهناك علاقات استراتيجية ممتدة مع دول المنطقة ومنها السعودية. وأمريكا برغبتها انكفأت من الشرق الأوسط وتحللت من بعض التزاماتها ووجهت اهتمامها لمناطق أخرى. وهذا الفراغ ملاحظ والصين كقوة دولية بارزة استغلت هذا الفراغ ونجحت في ذلك». تأثيرات سياسة بايدن من واشنطن قال آرييل كوهين كبير الباحثين في معهد مجلس الأطلسي: «اتبعت إدارة بايدن سياسة لم تكن مناسبة للسعودية». وأكد آرييل على أن إيران الفائز الرئيس لأن برنامجها النووي يتواصل ويتم الاعتراف به من قبل اللاعبين الآخرين. بكين شريك موثوق ومن بكين قال الكاتب والباحث السياسي نادر رونج: «الصين شريك موثوق لدول الشرق الأوسط وهي حاليا أكبر شريك تجاري للبلدين، ومعظم دول المنطقة ولها تأثير وثقل في سياسات دول المنطقة. والصين تتمسك بمبدأ عدم التدخل وتدعو لحسن الجوار وتدعم التنمية المستقلة لدول المنطقة وتدعم الوحدة والمصالح بين دول المنطقة. وتسعى بكين لحل جميع الخلافات عبر الطرق السلمية من خلال التفاوض والحوار». ولفت رونج إلى أن الصين تعتبر أن دول العالم في سفينة واحدة كبيرة ويربطها مصير مشترك، ولذلك تكون متعاونة في التنمية في الشرق الأوسط. فتح قناة للحوار ومن طهران قال حسين رويوران أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران: «أهم شيء في الاتفاق هو فتح قناة حوار، وعدم وجود هذه القناة هو ما تسبب في سوء الفهم تجاه الآخر. وهذه القناة تسمح بالتواصل والتفاهم في كل الأزمات التي يتشارك الطرفان التأثير فيها مثل الأزمة اللبنانية والأزمة اليمنية. فالاتفاق لا يتضمن شيئا عن هذه الملفات ولكن قناة التواصل ستتيح للطرفين التفاهم حولها». استدامة الاتفاق بين الرياض وطهران العديد من الملفات العالقة، ولعل أبرزها الأزمتان في اليمن ولبنان، ويرى الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية محمد صلح الحربي أن الصين هي ضمان الاتفاق وضامن استدامته لأن الطرفين لم يبحثا عن اتفاق تكتيكي مؤقت. وحول تأثير الاتفاق بين السعودية وإيران على أزمات الشرق الأوسط قال الحربي: «لا بد أن الطرفين ناقشا ملف اليمن وسوريا والعراق ولبنان خلال 5 جولات من المباحثات بدأت في العراق ثم انتقلت إلى عمان ثم إلى الرعاية الصينية». كيف سيتأثر لبنان؟ ومن بيروت قال الكاتب والباحث في العلوم السياسية منير الحافي: «لكل من البلدين أصدقاء في لبنان فعندما نتحدث عن حزب الله، هو فريق سياسي ومسلح ويرتبط ارتباطا أخويا وعقائديا بإيران، ولا بد من أن إيران عندما توقع مثل هذا الاتفاق فإن الأمر سينعكس حكما على حزب الله وعلى رأيه في الانتخابات الرئاسية وعلى ماكينته الإعلامية». وأضاف الحافي: «من جهة أخرى للسعودية أصدقاء في لبنان ولابد أن يتشاوروا معها. وبالمحصلة لا بد لهذا الاتفاق التاريخي أن ينعكس على لبنان والعبرة في التفاصيل والنهايات».

مشاركة :