الصين في قلب الشرق الأوسط عبر البوابة السعودية - الإيرانية

  • 3/14/2023
  • 20:47
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

ظهرت الصين، للمرة الأولى، لاعباً قوياً في الشرق الأوسط. إذ دخلت من الباب الواسع في السياسة المعقّدة، محققةً نجاحاً في أول محاولاتها لإرساء تَقارُبٍ بين جبّاري غرب آسيا، السعودية وإيران، اللتان تملكان قوةً ونفوذاً وثروة طبيعية ودوراً مهماً في المنطقة وحتى خارجها. وبمجرّد تقدُّم الصين للعب دورِ الضامن الأمني في منطقةٍ معقّدة وشائكة، فهو دليلٌ على بدء مرحلة جديدة للرئيس شي جينبينغ، في بداية التمديد الثالث لولايته الرئاسية، وخطوةٌ جبّارة، كان لابد منها، من دولة عظمى اقتصادية للدخول في خضم العمل السياسي - الديبلوماسي الذي كان حكراً على أميركا لعقود طويلة. وبإنجاز اتفاق عودة العلاقة السعودية - الإيرانية وما ينطوي عليه من أمنٍ واستقرار، تسجّل الصين أكبر نجاح لها بعد ستة أيام من المفاوضات الشاقة التي استضافتْها وتعاطتْ معها على أنها اختبار لا تريد أن تفشل فيه. ومن الواضح أن الحرب في أوكرانيا أفسحتْ المجال للديبلوماسية الصينية. فالحرب الدائرة أضعفت، أو على الأقل أبعدت، تأثير أميركا عن أي دولة أخرى خارج اهتمامها المنصبّ على المجهود الحربي لرصّ صفوف أوروبا خلفها وإعادة الحياة إلى حلف شمال الأطلسي. وكانت الهيمنة الأميركية طبيعية بعد غياب الاتحاد السوفياتي عام 1991 وعدم بروز أي قوة منافسة، عسكرية واقتصادية، إلى حين خروج روسيا عام 2015 عبر مشاركتها في حرب سورية وتبعتْها الصين، القوة الاقتصادية المتينة التي بدأت تتحدى السياسة الأميركية وتصفها بـ «ازدواجية المعايير». بجرأةٍ كبيرة دأبتْ بكين منذ بداية الحرب الأوكرانية، على مواجهة أميركا وسلوكها في الشرق الأوسط، رداً على استفزازاتها في تايوان وإمداد الجزيرة بالسلاح والعتاد العسكري رغم اعتبارها جزءاً من «الصين الواحدة». من هنا لا يمكن إغفال ما حصل في تايوان وأوكرانيا في سياق مقاربة الدور الصيني الجديد وديبلوماسيته الناعمة التي بدأت في الشرق الأوسط. وقد استخدمت بكين أسلوباً ذكياً في التعامل مع السعودية منذ زيارة الرئيس شي إلى الرياض في ديسمبر 2022. إذ خرج البيان النهائي بتوصيات ومرتكزات شملت التزام الصين بأمن المملكة، وكذلك تناول البيان دولاً عدة مثل فلسطين ولبنان والعراق وسورية واليمن. وأهمّ ما تطرقت إليه التوصيات هو التركيز على أمن واستقرار المملكة وانضمام الصين للمطالبة بالجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى التي تسيطر عليها إيران وتطالب الإمارات بإعادتها. وهذا الغزَل الصيني أعطى اطمئناناً تبحث عنه دول الخليج عبر تأكيد أين تصطفّ بكين تجاه أزمات الشرق الأوسط. إلا أن هذا الإعلان يومها لم يمرّ من دون طلب الخارجية الإيرانية بشخص وزيرها حسين أمير عبداللهيان، لقاء السفير الصيني، وليس استدعائه، للبحث في هذه النقطة بالذات أي مسألة الجزر الثلاث. ولم تلتفت طهران لِما تخطّط له بكين على طريقتها وكيف مهّدت الطريق لطمأنة دول المنطقة - وهي التي تتكئ على أن علاقتها مع إيران إستراتيجية وتالياً لن تتأثر - لتبني على التقارب وتعيد وصلَ ما انقطع بين الرياض وطهران، عبر إنجاز أهمّ اتفاق بين دولتين بعد انعدام الثقة التامة في علاقتهما لأعوام طويلة. وتعاملتْ إيران بإيجابية كبيرة مع الإنجاز الذي خرج دخانُه الأبيض بعد ستة أيام من المداولات في بكين ووقّعت على ما يشتمله من اتفاقات تضْمن أمن الدولتين لبدء بناء الجسور مقروناً بالأعمال إيذاناً بإعادة الثقة المفقودة ومباشرةِ حلّ جميع قضايا الشرق الأوسط ومنها اليمن والبحرين وسورية والعراق ولبنان وفلسطين. واعتبر المسؤولون الإيرانيون أنهم حققوا إنجازاً في إبعاد إسرائيل عن المنطقة، خصوصاً نظراً إلى المكانة الرائدة والنفوذ اللذين تتمتع بهما المملكة في غرب آسيا. ويجب الأخذ في الاعتبار أن اتفاقية إعادة العلاقات الديبلوماسية وامتناع الدولتين عن التدخل في شؤون بعضهما البعض لا يمكن أن يمحو أربعة عقود من العداء بلمسةٍ سحرية أو توقيع اتفاقية، إلا أنها بداية لتذليل الأزمات الشرق أوسطية. ولا يمكن لهذا الاتفاق إلا أن ينعكس إيجاباً على دول الشرق الأوسط بأكملها إذا سار الطرفان في اتجاه إعادة الثقة وتهدئة الأوضاع المتشنّجة، خصوصاً أن آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية تحتاج إلى منافسة عادلة تتيح فتْح أسواق أخرى عدا عن الغرب الذي يَغرق في تظاهرات متواصلة ناتجة عن التضخم وتدهور الاقتصاد وانهيار المصارف الكبرى، فيما تنتعش الأسواق الآسيوية في ظل الحرب على أرض أوكرانيا. وتريد الصين - التي لا تملك تاريخاً في الاستعمار ولا في احتلالِ دولٍ وتغييرِ أنظمةٍ في الشرق الأوسط - رؤيةَ الاستقرار في الشرق الأوسط الغني بالطاقة التي تحتاج إليها ويمرّ عبره «طريق الحرير»، ومن مصلحتها ضمان الأمن في المنطقة وتقديم ديبلوماسيتها كعنصرٍ يُعتمد عليه وهذا ما دفع غالبية دول المنطقة للتأكد من أن الولايات المتحدة لم تعد تحترم قاعدة «الطاقة مقابل الأمن» في ظل إدارة الرئيس جو بايدن. إنها خطوة جبّارة للصين والسعودية وإيران، حيث أظهرت دول آسيا انها قادرة على التخاطب واللقاء من دون إشراك الغرب، وعلى الالتفات إلى أمن المنطقة والمصلحة الاقتصادية لدولها. ومما لا شك فيه أن الاتفاق بين الدولتين الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط، ستتبعه اتفاقات أخرى مع دولٍ مازال التشنج سائداً على خطّها وهو ما يقدّم ورقةَ اطمئنان للصين إلى أن مصالحها النفطية والاقتصادية مع الدولتين صارت بأمان أكبر في ظل سحْب فتيل التشنج والعداء. وهذا ما يصبّ في مصلحة الاستقرار العالمي، إذا كان ذلك ما تهدف إليه الدول العظمى. ظهرت الصين، للمرة الأولى، لاعباً قوياً في الشرق الأوسط. إذ دخلت من الباب الواسع في السياسة المعقّدة، محققةً نجاحاً في أول محاولاتها لإرساء تَقارُبٍ بين جبّاري غرب آسيا، السعودية وإيران، اللتان تملكان قوةً ونفوذاً وثروة طبيعية ودوراً مهماً في المنطقة وحتى خارجها.وبمجرّد تقدُّم الصين للعب دورِ الضامن الأمني في منطقةٍ معقّدة وشائكة، فهو دليلٌ على بدء مرحلة جديدة للرئيس شي جينبينغ، في بداية التمديد الثالث لولايته الرئاسية، وخطوةٌ جبّارة، كان لابد منها، من دولة عظمى اقتصادية للدخول في خضم العمل السياسي - الديبلوماسي الذي كان حكراً على أميركا لعقود طويلة. فرنسا تدفع ضريبة قرارات رئيسها والحرب الأوكرانية 11 مارس 2023 هل تشنّ أميركا وإسرائيل حرباً على إيران أم أن رفع الصوت... «زوبعة داخل الفنجان»؟ 9 مارس 2023 وبإنجاز اتفاق عودة العلاقة السعودية - الإيرانية وما ينطوي عليه من أمنٍ واستقرار، تسجّل الصين أكبر نجاح لها بعد ستة أيام من المفاوضات الشاقة التي استضافتْها وتعاطتْ معها على أنها اختبار لا تريد أن تفشل فيه.ومن الواضح أن الحرب في أوكرانيا أفسحتْ المجال للديبلوماسية الصينية. فالحرب الدائرة أضعفت، أو على الأقل أبعدت، تأثير أميركا عن أي دولة أخرى خارج اهتمامها المنصبّ على المجهود الحربي لرصّ صفوف أوروبا خلفها وإعادة الحياة إلى حلف شمال الأطلسي.وكانت الهيمنة الأميركية طبيعية بعد غياب الاتحاد السوفياتي عام 1991 وعدم بروز أي قوة منافسة، عسكرية واقتصادية، إلى حين خروج روسيا عام 2015 عبر مشاركتها في حرب سورية وتبعتْها الصين، القوة الاقتصادية المتينة التي بدأت تتحدى السياسة الأميركية وتصفها بـ «ازدواجية المعايير».بجرأةٍ كبيرة دأبتْ بكين منذ بداية الحرب الأوكرانية، على مواجهة أميركا وسلوكها في الشرق الأوسط، رداً على استفزازاتها في تايوان وإمداد الجزيرة بالسلاح والعتاد العسكري رغم اعتبارها جزءاً من «الصين الواحدة».من هنا لا يمكن إغفال ما حصل في تايوان وأوكرانيا في سياق مقاربة الدور الصيني الجديد وديبلوماسيته الناعمة التي بدأت في الشرق الأوسط. وقد استخدمت بكين أسلوباً ذكياً في التعامل مع السعودية منذ زيارة الرئيس شي إلى الرياض في ديسمبر 2022.إذ خرج البيان النهائي بتوصيات ومرتكزات شملت التزام الصين بأمن المملكة، وكذلك تناول البيان دولاً عدة مثل فلسطين ولبنان والعراق وسورية واليمن.وأهمّ ما تطرقت إليه التوصيات هو التركيز على أمن واستقرار المملكة وانضمام الصين للمطالبة بالجزر الثلاث طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى التي تسيطر عليها إيران وتطالب الإمارات بإعادتها. وهذا الغزَل الصيني أعطى اطمئناناً تبحث عنه دول الخليج عبر تأكيد أين تصطفّ بكين تجاه أزمات الشرق الأوسط.إلا أن هذا الإعلان يومها لم يمرّ من دون طلب الخارجية الإيرانية بشخص وزيرها حسين أمير عبداللهيان، لقاء السفير الصيني، وليس استدعائه، للبحث في هذه النقطة بالذات أي مسألة الجزر الثلاث.ولم تلتفت طهران لِما تخطّط له بكين على طريقتها وكيف مهّدت الطريق لطمأنة دول المنطقة - وهي التي تتكئ على أن علاقتها مع إيران إستراتيجية وتالياً لن تتأثر - لتبني على التقارب وتعيد وصلَ ما انقطع بين الرياض وطهران، عبر إنجاز أهمّ اتفاق بين دولتين بعد انعدام الثقة التامة في علاقتهما لأعوام طويلة.وتعاملتْ إيران بإيجابية كبيرة مع الإنجاز الذي خرج دخانُه الأبيض بعد ستة أيام من المداولات في بكين ووقّعت على ما يشتمله من اتفاقات تضْمن أمن الدولتين لبدء بناء الجسور مقروناً بالأعمال إيذاناً بإعادة الثقة المفقودة ومباشرةِ حلّ جميع قضايا الشرق الأوسط ومنها اليمن والبحرين وسورية والعراق ولبنان وفلسطين.واعتبر المسؤولون الإيرانيون أنهم حققوا إنجازاً في إبعاد إسرائيل عن المنطقة، خصوصاً نظراً إلى المكانة الرائدة والنفوذ اللذين تتمتع بهما المملكة في غرب آسيا.ويجب الأخذ في الاعتبار أن اتفاقية إعادة العلاقات الديبلوماسية وامتناع الدولتين عن التدخل في شؤون بعضهما البعض لا يمكن أن يمحو أربعة عقود من العداء بلمسةٍ سحرية أو توقيع اتفاقية، إلا أنها بداية لتذليل الأزمات الشرق أوسطية.ولا يمكن لهذا الاتفاق إلا أن ينعكس إيجاباً على دول الشرق الأوسط بأكملها إذا سار الطرفان في اتجاه إعادة الثقة وتهدئة الأوضاع المتشنّجة، خصوصاً أن آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية تحتاج إلى منافسة عادلة تتيح فتْح أسواق أخرى عدا عن الغرب الذي يَغرق في تظاهرات متواصلة ناتجة عن التضخم وتدهور الاقتصاد وانهيار المصارف الكبرى، فيما تنتعش الأسواق الآسيوية في ظل الحرب على أرض أوكرانيا.وتريد الصين - التي لا تملك تاريخاً في الاستعمار ولا في احتلالِ دولٍ وتغييرِ أنظمةٍ في الشرق الأوسط - رؤيةَ الاستقرار في الشرق الأوسط الغني بالطاقة التي تحتاج إليها ويمرّ عبره «طريق الحرير»، ومن مصلحتها ضمان الأمن في المنطقة وتقديم ديبلوماسيتها كعنصرٍ يُعتمد عليه وهذا ما دفع غالبية دول المنطقة للتأكد من أن الولايات المتحدة لم تعد تحترم قاعدة «الطاقة مقابل الأمن» في ظل إدارة الرئيس جو بايدن.إنها خطوة جبّارة للصين والسعودية وإيران، حيث أظهرت دول آسيا انها قادرة على التخاطب واللقاء من دون إشراك الغرب، وعلى الالتفات إلى أمن المنطقة والمصلحة الاقتصادية لدولها.ومما لا شك فيه أن الاتفاق بين الدولتين الأكثر نفوذاً في الشرق الأوسط، ستتبعه اتفاقات أخرى مع دولٍ مازال التشنج سائداً على خطّها وهو ما يقدّم ورقةَ اطمئنان للصين إلى أن مصالحها النفطية والاقتصادية مع الدولتين صارت بأمان أكبر في ظل سحْب فتيل التشنج والعداء.وهذا ما يصبّ في مصلحة الاستقرار العالمي، إذا كان ذلك ما تهدف إليه الدول العظمى.

مشاركة :