قد يعتقد بعضهم أن رفع العقوبات عن نظام طهران، وحصوله على المليارات من أصوله وسيولته المجمدة، هو أمر سيصب في صالح تعزيز نعرته الساسانية وسيعطي ملالي طهران جراءة للتمادي في استفزازاتها المتكررة لجيرانها من دول الخليج وسعيها المستمر للتدخل في شؤونهم. من يعتقد ذلك تكون قد فاتته حقيقة أن المتغير الظرفي الزمني يحدث تبدلات في السياسات وفي آليات التعاطي. فالزمن غير الزمن والشخوص غير الشخوص. كنا في الماضي نحتمل نزق ملالي طهران وتجاوزاتهم من منطلق أننا نمثل قلب العالم الإسلامي، ورغبة منا في عدم خلق مناخ خانق ومتوتر في منطقة الشرق الأوسط. هذا الأمر في تقديري لم يفهمه جيداً مرشدهم ورؤساؤهم السابقون، فعنجهيتهم البائسة وفكرهم المحدود جعلهم ينظرون إليه ويفسرونه بطريقة أخرى مجافية للواقع، وهو الأمر الذي دفعهم للتمادي في غيهم وجعلهم يرتكبون مزيداً من الأخطاء ويعمدون للتمادي في الإضرار بجيرانهم العرب. ومع وصول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لسدة الحكم في المملكة، زادت وتيرة التعدي ونبرة الاستعلاء الإيرانية، بل إن نظام طهران قد ذهب بعيداً ليدس أنفه في شؤون الداخل السعودي كحادثة تنفيذ القصاص الشرعي في جملة من الإرهابيين في حين أنهم أولا وأخيرا مواطنون سعوديون. وبلغ الأمر أوجه عندما أوعز نظام طهران لأذنابه بالتعدي على السفارة السعودية في طهران، ضاربا بكافة الاتفاقيات الدولية عرض الحائط، فكان لابد لسلمان الحزم من الحسم. الموقف السعودي الحازم والحاسم فاجأ نظام الملالي في طهران، وقبل ذلك فوجئوا بالوقوف بحزم لمحاولاتهم البغيضة في اختراق أمننا الاستراتيجي عبر الجماعات الحوثية الموالية لهم في اليمن. ومن هنا فقد أوصلت المملكة لنظام طهران رسالة مباشرة وواضحة جداً مفادها: نحن دولة متمدنة ونتعاطى مع دول الجوار من المنطلق المتحضر والقائم على احترام أنظمتها وعدم التدخل في شؤونها الخاصة، وبالمقابل فنحن نطالب أن نعامل من قبل هذه الدول بالمثل. أعتقد أن نظام طهران قد وعى الدرس جيداً، وأدرك أن هناك متغيرات جديدة تشهدها المنطقة العربية، وأن المملكة هي الحليم الذي على الجميع ألا يأمنه إذا غضب.
مشاركة :