سيدة أردنية تحفظ 'البقجة الحرارية' بلمسات عصرية

  • 3/18/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

البلقاء (الأردن) - اختارت الأردنية أمل تفاحة إحياء "البقجة الحرارية" بأسلوب عصري يُحاكي طريقة تقليدية كانت سيدات المملكة في الماضي يتبعنها لحفظ الأطعمة المختلفة. وتسعى أمل (40 عاما) لحفظ هذا التراث من خلال إعادة إنتاجه بلمسات عصرية تُظهر مدى التطور والاختلاف بين الماضي والحاضر. ويعمل الكثيرون على استعادة أو إعادة إنتاج ما ورثوه عن الأجيال السابقة في مجالات وميادين مختلفة حفظا لهذا التراث من الاندثار. وأمل التي تعيش مع زوجها وأولادها في مدينة السلط التابعة لمحافظة البلقاء وسط البلاد دفعتها ظروف أزمة كورونا إلى البحث عن عمل تجد فيه نفسها وتكون من خلاله سيدة منتجة في المجتمع وتحقق فيه دخلا يعينها على تكاليف الحياة. وبات مشروعها محط أنظار الكثيرين، خاصة مع أهمية المنتج الذي أحيت بمضمونه فكرة لا يعرف عنها سوى من عايشنها مع أمهاتهن وجداتهن في الماضي. وقالت أمل إنها تحاول إحياء التراث والحفاظ عليه بلمسات عصرية، مشيرة إلى أن الفكرة "بدأت وقت اشتداد جائحة كورونا والحجر الصحي قبل ثلاث سنوات، وكنت في ذلك الوقت أحتاج لخلق شيء من لا شيء". وتابعت "الوالدة كانت تحتفظ بماكنة خياطة من أيام الزمن الجميل وبدأت بالتسلية"، لافتة إلى أن "الفكرة ولدت في لحظتها، لكن مرجعها هو تراث أمهاتنا وجداتنا اللائي كن ينقلن الطعام من المنزل للحقول والبساتين بالبقجة ليحافظن على حرارة الطعام". وأضافت "أمهاتنا كنّ في الماضي يقمن بلف وعاء الطعام حتى ينضج الأرز بشكل جيد، وفي نفس الوقت يحافظن على حرارته لوقت تجمع العائلة حول المائدة.. وجدت أن الموضوع يمثل بابا للرزق، وبدأت السيدات تطلبنها مني". والبقجة مستوحاة من رائحة التراث، لذلك تم صنعها من مواد تحاكي التراث مثل قماش السدو بألوانه الخلابة، وفقا لأمل. وبيّنت أن مكونات صناعتها تتمثل في "المادة الداخلية وهي عبارة عن قماش عازل للحرارة ومحشوة أيضا بمواد عازلة للحرارة ومواد أخرى تحافظ على شكلها". ويستخدم من الخارج قماش السدو وهو نوع من الأقمشة التي يتم استعمالها في صناعة المقاعد العربية الأرضية والبسط التراثية. وأشارت أمل أن "هذه المواد العازلة تعطينا في المحصلة بقجة حرارية حافظة للحرارة بنسبة 90 في المئة، والمادة داخلها تحافظ على حرارتها سواء باردة أو ساخنة لمدة 6 ساعات، وهو أمر مثبت عن طريق التجربة الفعلية والعملية". وعلى الرغم من أن التصميم من التراث الأردني، فإن الفكرة تعود إلى أصول أفريقية، فهذه البقجة تساعد في إتمام عملية الطهي لبعض الأطباق وخاصة التي يستخدم فيها الأرز أو ما يعرف لدى نساء الأردن بفلفلة الأرز، بحسب أمل. وأكد بعض من قام باستخدام البقجة أنها ساعدتهم على التخفيض من استهلاكهم للغاز. ولفتت أمل إلى أنها "في الوقت الحالي تعمل بمفردها، وتسعى لتطوير الفكرة لتصبح مشروعا رائدا". وأوضحت أن "تصنيع القطعة الواحدة يحتاج إلى 5 ساعات من العمل المتواصل، وهذا يعتمد على الحجم المطلوب، فهي بأحجام مختلفة وتكون بحسب الطلب، والبعض يطلب تطريز الاسم عليها، وهذا يعطيها طابعا شخصيا وخاصة عندما تكون هدية". وقالت إن "الفكرة أساسا بنفس مبدأ الزوّادة التي كانت معروفة لدى المجتمعات الأردنية الريفية قديما، وتستخدم في أغراض متعددة ومنها الرحلات، إضافة لمبدأ الأمان بضمان الأمهات عدم استخدام أبنائهن وسائل التسخين الوقودية والكهربائية". وأضافت أن أسعارها "في متناول الجميع، والهدف هو إحياء فكرة ومساعدة السيدات الأردنيات، وخاصة الموظفات، وأثمانها تتراوح ما بين 10 و20 دينارا (14 و28 دولارا أميركيا) وتزيد بزيادة الحجم المطلوب". واعتبرت بأن ما يميز البقجة بأنها "خفيفة الوزن وشكلها جميل وجذّاب، وقابلة للغسيل والتنظيف مما يطيل عمرها ونكهة الطعام فيها أطيب؛ لأن الوجبات التي تحفظ فيها تكون أقل عرضة لحرارة الغاز، والبهارات والنكهة تبقى داخل الوجبة فلا تتطاير كما يحدث عند الطهي التقليدي". وتعود أصول البقجة واختراعها إلى الدول الأفريقية؛ إذ حاول المختصون بالبيئة الوصول لحل بديل لاستنزاف الغابات وقطع الأخشاب لاستخدامها في طهي الطعام، فكانت هي الحل الأمثل، لتوفير الطاقة والموارد الطبيعية والمال والجهد أيضا.

مشاركة :