يمثل متنزه «المانغروف البيئي» الذي أنشأته أرامكو السعودية في رأس تنورة بالقرب من أول مصفاة للنفط في المملكة، جزءا من مبادرات الشركة لزراعة الملايين من أشجار المانغروف في عدد من مناطق المملكة.ويعد المتنزه الذي تبلغ مساحته 64 كلم2، أول محمية طبيعية في المملكة تهدف للإسهام في المحافظة على غابات المانغروف وإثراء جهود التوعية البيئية لمحاولة حماية التنوع الحيوي، وفي الوقت ذاته، استخدام الموارد الطبيعة والابتكارات التقنية لمساندة طموحات الشركة في مجال الطاقة منخفضة الكربون وجهودها الأخرى لاحتجاز الكربون والتقليل من الانبعاثات.ثمة سؤال يطرحه الناس دائما، ما السر وراء اهتمامنا في أرامكو السعودية بأشجار المانغروف؟مع تسارع الجهود العالمية للتعامل مع آثار تغير المناخ، بحثنا عن طرق طبيعية لمحاولة التقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة. وهناك حل محتمل وجد في غابات المانغروف التي تنمو على السواحل الاستوائية وشبه الاستوائية وحتى بعض السواحل المعتدلة.وتماشيا مع خطط الانتقال إلى الاقتصاد القائم على تدوير الكربون، وباعتبار أرامكو السعودية شركة عالمية رائدة في مجال الطاقة والكيميائيات، فقد أعلنت بوضوح طموحها لخفض الانبعاثات بحلول عام 2035م، وعملت على استخدام أشجار المانغروف كعامل طبيعي يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية.هذه الأشجار التي تعرف باسم (القرم) ويقدر عمرها بملايين السنين، تعمل كمخازن للكربون وبكفاءة أعلى مقارنة بالعديد من الأشجار الأخرى، إذ تقوم هياكلها الجذرية المتشابكة باحتجاز ثاني أكسيد الكربون.وفي حين تزدهر أشجار المانغروف في ظروف صعبة لا يمكن للأشجار الأخرى تحملها، فإننا ننظر للمانغروف كأحد العوامل الطبيعية التي من الممكن أن تساعدنا على رسم الحلول لمقاومة تغير المناخ، وذلك بناء على قدرة أنظمة جذورها المتشابكة على حماية السواحل من التآكل، وإزالة المعادن الثقيلة والشوائب الأخرى من مياه البحار والأنهار، مما يعني، إسهام هذه الأشجار في العمل على تعزيز التنوع الحيوي وحمايته، فغابات المانغروف المنتشرة على سواحل البحار تعد موائل طبيعية تؤوي آلاف الأنواع من الكائنات البحرية، إذ تسمح للأسماك والروبيان وأنماط الكائنات البحرية الأخرى أن تتكاثر فيها، ومع توفر الأسماك، يمكن للمجتمعات المحلية التي تعتمد على الصيد التمتع بدخل أكثر استقرارا.حفزت كل هذه الفوائد الكامنة تحت جذور المانغروف وبين أفرعه المتشابكة جهودنا في أرامكو السعودية لزراعة أكثر من 24 مليون شتلة مانغروف في سواحل المملكة على الخليج العربي والبحر الأحمر.وقد أسهمت مبادرتنا لزراعة أشجار المانغروف في خلق أحواض كربونية مع توفير محميات لكثير من الكائنات في أنحاء المملكة، ومن المؤكد أننا سنعمل على زيادة هذه الأرقام، إذ نطمح لزراعة 300 مليون شجرة من أشجار المانغروف في المملكة و350 مليون خارج المملكة بحلول عام 2035م.في الوقت الحالي، تستفيد أرامكو السعودية من نجاحها في استخدام تقنيات الثورة الصناعية الرابعة لترتقي بأدائها، حيث تستخدم التقنيات المبتكرة في مشروع لزراعة الأشجار بطائرات مسيرة مزودة بوسائل تتميز بالدقة والمراقبة باستخدام البيانات، ويتميز هذا المشروع التجريبي بكونه أحد أول المشاريع الفريدة من نوعها في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها، وسيتيح للشركة إمكانية استهداف المناطق التي يصعب الوصول إليها، والمحافظة على استدامة الأشجار في ظروف بيئية قاسية بكفاءة أعلى وتكلفة أقل.فضلا عن ذلك، جهزت أرامكو السعودية مختبرا بحثيا بجميع الأدوات اللازمة لدراسة غابات المانغروف والتنوع الحيوي الساحلي.ربما نجد في غابات ومتنزهات المانغروف ما تتوق إليه نفوسنا من جمال المكان، لكن لنتذكر دائما ما يمكن أن تقدمه من فوائد لا تحصى في مجالات مختلفة.
مشاركة :