المشهد الأدبي السعودي والحضور النسوي في المملكة إضافة إلى الخطاب الثقافي والعامل السيكولوجي في الأدب ومواضيع أخرى تهم الشأن الثقافي تحدثت عنها الكاتبة الكويتية سعاد عبدالله العنزي بعد حصولها على جائزة الدولة التشجيعية لعام 2022 بكتابها الأخير: بداية نبارك لك حصولك على جائزة الدولة التشجيعية لعام 2022، ونود لو تحدثينا عن ذلك؟ شكرا على تهنئتكم، الكتاب الذي فاز بالجائزة هو كتاب «نساء في غرفة فرجينيا وولف»، الذي حاولت فيه أن أقارن بين رائدتين من رائدات الحركة النسوية في الغرب والشرق الروائية والناقدة الإنجليزية فرجينيا وولف والأديبة والناقدة العربية مي زيادة، وأتمنى أن تكون هذه المحاولة نقطة بداية في فهم جهود النسويات بصورة أعمق مما هو سائد من ممارسات تطبيقية. واضح من خلال مؤلفاتك اهتمامك بالهوية والانتماء، ما تفسير ذلك؟ تعد دراسات الهوية موضوعا ملحا في هذا الزمن على وجه الخصوص، لأننا تحديدا في الوطن العربي نعاني من أزمة عدم قبول واعتراف بهويات الآخرين، مما يقلل فرصة السلام والتعايش السلمي بين مكونات المجتمع؛ هذا فيما يخص الهويات على المستوى الاجتماعي، أما على مستوى الهوية الفردية وبسبب انعدام الوعي الإنساني العميق يعاني كثير من الأشخاص من أزمة الهوية وعدم إدراكهم لذاتهم وما يحلمون به ويتمنونه مما يجعلنا أمام ذوات ضائعة ومشتتة ولا تحسن قراءة ذاتها ولا تحديد معالم هويتها الفكرية والنفسية فيحدث الكثير من الصراعات الداخلية بين الفرد وذاته، وبينه وبين أفراد المجتمع، فالفرد الذي لا يعرف معالم هويته يصبح مادة سهلة طيعة قابلة للتشكيل من الآخرين. لأي حد يجب أن يتعمق الكاتب بعلم السيكولوجيا؟ وكيف يجب استخدامها؟ يجب أن يتعمق لأبعد حد، مادة الأدب هي الإنسان وما دام الإنسان والشخصية الإنسانية هي مدار النص الأدبي فلا بد أن يلم الأديب بأبعاد هذه النفس الإنسانية سماتها خصائصها عالمها الروحي والمادي والنفسي أيضا، ويكون على دراية بكل تعقيداتها النفسية وعوالمها الأكثر غموضا، هذا لن يتأتى فقط من خلال الملاحظة العامة للنماذج المجتمعية فقط بل من خلال القراءة العميقة لكتب علم النفس والتحليل النفسي الأدبي. إن العلاقة بين الأدب والتحليل النفسي عميقة جدا ووثيقة، فرويد استقى نظرياته في التحليل النفسي واكتشافاته المذهلة في سبر أغوار النفس الإنسانية من الأعمال الأدبية بدءا من ملاحم الإغريق العظيمة وصولا إلى روائع الأدباء الروس وغير من الكتاب والفنانين. كيف تنظرين للساحة الأدبية السعودية، والكاتبات السعوديات تحديداً؟ المشهد الأدبي السعودي مشهد غني بكثير من التجارب ومجال خصب جدا للدراسات ذلك لكثرة الأسماء الإبداعية المهمة والمشكلة له، وأعتقد أنه بسبب التحولات الثقافية الكبيرة في المملكة فإن الأدب ينتعش ويتجدد، أما بالنسبة للأدب النسوي فهو ربما لا أبالغ إن قلت إنه قدم مدونة سردية غنية ومهمة وتجارب نسوية رائدة وخلاقة ومتنوعة ثقافيا بسبب ازدياد عدد الكاتبات النسويات من جانب، وتنوع الاتجاهات النسوية واختلاف البيئات الثقافية التي تنطلق منها كل تجربة. كيف ترين إلى الساحة الثقافية في الوقت الحالي على المستوى الخليجي العربي؟ لا نستطيع الحديث عن الأدب والثقافة بانفصال عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية السائدة، بعد ما يسمى بالربيع العربي، وظهور وسائل التواصل الجديدة، وكورونا التي أثرت كثيراً على القراءة والوعي والثقافة، أصبح التراجع كبيرا على مستويات عدة من بينها تراجع الطروحات الفكرية المنبثقة من الفضاء العربي نفسه باستثناء بعض الترجمات المختزلة من العالم الغربي التي تردد وربما لا تفهم ولا تترجم ثقافيا جيدا. يعاني الخطاب الثقافي اليوم من تكرار شديد والكتاب والمثقفين يعيدون تكرار طروحاتهم من دون تجديد بحيث أصبح نقل أية أطروحة من الفضاء الغربي أشبه بحدث ثقافي، بالطبع مع ازدياد التوجه إلى العودة وأدب العصور السابقة بنظرة احتفائية كبيرة، ولا أخفي أن هذا الأمر بات يقلقني كثيرا. ما أقرب أعمالك إليك؟ وماذا عن جديدك؟ كل أعمالي قريبة مني وتشكل جزءا من اهتماماتي، ربما كتابي «نساء في غرفة فرجينيا وولف» الأقرب لأنه الكتاب الوحيد الذي كتبته بعد الحصول على الدكتوراة، ولأنه عن كاتبتين قريبتين مني جدا وأحب رؤيتهما الإنسانية الفريدة، وأعمل حاليا على بعض البحوث الأكاديمية وأطور بعض الدراسات السابقة.
مشاركة :