تونس - اعتبرت وزارة الخارجية التونسية اليوم الثلاثاء أن تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل التي أعرب خلالها عن مخاوف التكتل من انهيار الوضع في تونس "مبالغ فيها"، بينما كان الرئيس قيس سعيد قد جدد الاثنين رفض بلاده لأي تدخلّ أجنبي في شؤونها في خضم تصاعد الانتقادات الدولية إزاء حملة الاعتقالات التي تشنها السلطات منذ الشهر الماضي في قضايا تتعلق بالتآمر على أمن الدولة وأخرى تتصل بالفساد، فيما تعتبرها المعارضة استخداما للقضاء لتصفية حسابات مع الخصوم السياسيين. وأكدت الوزارة في بيان أن "التصريحات مبالغ فيها سواء في ضوء الصمود الراسخ للشعب التونسي عبر تاريخه وفيما يتعلق بتهديد الهجرة إلى أوروبا من الجنوب"، مشيرة إلى "أن هذه الملاحظات الانتقائية تواصل تجاهل أي مسؤولية عن الوضع السائد في تونس، لا سيما منذ العام 2011 وحتى 25 تموز/يوليو 2021" وكان جوزيب بوريل قد أعلن الاثنين أن التكتل يشعر بالقلق إزاء تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في تونس ويخشى انهيارها، محذرا إثر اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل من أن "الوضع في تونس خطير للغاية". وقال "إذا انهارت تونس، فإن ذلك يهدد بتدفق مهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي والتسبب في عدم استقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. نريد تجنب هذا الوضع"، مضيفا أن التكتّل "لا يمكنه مساعدة دولة غير قادرة على توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي". وشدد على أن "الرئيس قيس سعيّد يجب أن يوقع اتفاقا مع صندوق النقد الدولي وينفّذ وإلا فإن الوضع سيكون خطيرا للغاية بالنسبة إلى تونس". وفي سياق متصل قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني اليوم الثلاثاء إن روما تبذل قصارى الجهد لتذليل العقبات التي تعرقل قرضا من صندوق النقد الدولي لتونس. وأوضحت ميلوني في مجلس الشيوخ "إيطاليا تبذل قصارى الجهد لمحاولة كسر الجمود الذي يهدد بتدهور الوضع بشكل هائل". وقال وزير الخارجية أنطونيو تاياني في وقت سابق إن روما تريد من صندوق النقد الدولي الإفراج عن قرض بقيمة 1.9 مليار دولار لتونس، خوفا من أن غياب التمويل قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار ومن ثم إطلاق موجة جديدة من المهاجرين إلى أوروبا. وأكد سعيّد خلال زيارته إلى مدينة القيروان (وسط) الاثنين بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال أن بلاده "ترفض التدخل في شؤونها الداخلية لأنها ليست تحت الانتداب ولا الوصاية، قائلا "سيادتنا الوطنية سنحميها ونرفض من يتدخل في شؤوننا مرة أخرى لأننا لسنا تحت الانتدابولا تحت أي نوع من أنواع الوصاية" وتابع "سيادتنا لن نفرط فيها لأي أحد ودفع الكثيرون من حرياتهم في غياهب السجون من أجل أن تكون تونس حرة مستقلة"، مضيفا أن "تونس تشهد اليوم حرب تحرير وطنية ضد الفساد لضرب الفاسدين الذين لا وطنية لهم دون هوادة ولا رجعة في ذلك". وأضاف "أقول لكل التونسيين إننا لن نفرط في سيادتنا وكرامتنا وسنعمل من أجل تحقيق مطالب شعبنا وسنواصل الحرب ضد الفاسدين والمتآمرين". وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من بيان أصدره البرلمان الأوروبي أعرب فيه عن "القلق العميق من التحول الاستبدادي للرئيس سعيد واستغلاله للوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ في تونس لعكس مسار التحول الديمقراطي التاريخي في البلاد". وحث السلطات التونسية على الإفراج عن جميع "المعتقلين تعسفيا واحترام حرية التعبير"، داعيا إلى إنهاء ما وصفها بـ"الحملة المستمرة على المجتمع المدني في البلاد". وتنفذ السلطات التونسية منذ 11 فبراير/شباط حملة توقيفات شملت سياسيين وقاضيين وإعلاميين ورجل أعمال ومحاميا ونشطاء ووزراء سابقين واتهم سعيد بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار". ويشدد الرئيس التونسي على استقلال السلطات القضائية وضمان محاكمات عادلة، إلا أن المعارضة تتهمه باستخدام القضاء لملاحقة الرافضين لإجراءات استثنائية بدأ فرضها في 25 يوليو/تموز 2021، ما أدى إلى أزمة سياسية حادة. وقضت محكمة تونسية موفى الأسبوع الماضي بالسجن 4 أشهر على 16 نقابيا، بينهم الكاتب العام لجامعة النقل التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل وجيه الزيدي، بتهم تعطيل العمل واقتحام مكتب. وكانت الكتلة النيابية "لينتصر الشعب" قد طالبت البرلمان بعقد جلسة طارئة للرد على بيان الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنه "تضمّن مغالطات"، داعية إلى الدفاع عن سيادة تونس وحرية قرارها، معتبرة أن "معركة السيادة هي جوهر معارك التحرر الوطني وجوهر النضال الديمقراطي والاجتماعي".
مشاركة :