الرباط - تدور أحداث فيلم "نايضة" للمخرج المغربي سعيد الناصري حول شخصية "سعيد" وأصدقائه القادمين من حي صفيحي بمدينة الدار البيضاء، إذ أنهم يفتقرون لأبسط الحقوق وعندما يحاولون إيصال مطالبهم لرئيس الحكومة ولا يتلقون ردا يتخذون خطوة جريئة ويأخذون مجموعة من الدبلوماسيين والشخصيات السياسية المرموقة كرهائن، الأمر الذي يحولهم عن غير قصد إلى إرهابيين، ويضعهم في ورطة خاصة عندما تخرج الأمور عن سيطرتهم. العمل من سيناريو سعيد الناصري وتمثيل كل من سعيد الناصري، ورفيق بوبكر، وإلهام واعزيز، وعبدالحق بلمجاهد، وعبدالكبير حزيران، وعبدالكبير الركاكنة. ويعرض للمخرج حاليا على قناة "شدى تي في" ضمن برامج رمضان 2024، سلسلة "نائب الرئيس" التي تتحدث عن أب أرمل يعيش عدة تحديات بعد وفاة زوجته، حيث يحاول التوفيق بين دوره كأب لثلاثة أطفال وبين مهنة نائب رئيس مجلس المدينة، خاصة أنه شخص نزيه ويحاول الابتعاد عن الدخول في دائرة الفساد الإداري. والمسلسل من سيناريو سعيد الناصري وبطولة كل من سعيد الناصري، ونعيمة إلياس، وصلاح الدين بنموسي، وإلهام واعزيز، ومحمد عزام، وكريمة أوساط. وفي هذا السياق كان ل "ميدل إيست أونلاين" حوار مع المخرج المغربي حول أعماله السينمائية والدرامية الأخيرة، وفيما يلي نص الحوار: حدثنا عن الفكرة المحورية حول فيلمك السينمائي "نايضة" وما الغاية المرجوة التي ترغب في نقلها من خلال هذا العمل الفني؟ هي تسليط الضوء على الواقع الاجتماعي لسكان أكبر حي صفيحي في الدار البيضاء إسمه كاريان الرحامة، إذ أن جزء من سكانه من الشباب شاركوا معنا في العمل، والفكرة هي أنهم كانوا يطالبون بتغييرات من الحكومة التي صوتوا لصالحها، ومن بينها الدعوى إلى سكن لائق، فرفضت الحكومة قبول شكاياتهم، وبعدما امتنعت هذه الأخيرة عن الاستجابة أدى هذا الرفض إلى احتجازهم من قبل سكان الحي الصفيحي في الفندق الذي استضاف اجتماع الحكومة صدفة، فاضطرت الحكومة حينها للاستجابة لمطالب السكان كنوع من المحاكمة بين الشباب والحكومة، وهذه النقطة تبرز غياب الحوار بين السلطات والمواطنين، وتؤدي إلى تصاعد التوتر والصراعات بينهم وخلق بلبلة الرأي العام الذي عرف مشاركة الصحافة التي نشرت الخبر على نطاق واسع حول الأحداث، من خلال تصوير الشباب على أنهم إرهابيون بينما هم يسعون لتحقيق مطالبهم بشكل سلمي. كيف كانت عملية اختيار الممثلين للأدوار وما الذي جذبك في أداء كل منهم؟ من خلال عملية الكاستينغ العادية، حيث تم التركيز أولا على مظهر الممثل ثم على أدائه، وقد تم اختيار الممثل رفيق بوبكر والممثلة الهام واعزيز، إلى جانب عبدالحق بلمجاهد الذي قدم أداء رائعا، وهو من الممثلين الذين لم يحصلوا على حقهم في التمثيل من قبل المخرجين في المغرب، كما تم اختيار بوبكر الصديق، وعبدالكبير الركاكنة، بالإضافة إلى وجوه جديدة قامت بأدوار الأمن الوطني لتجنب الشعور بالاصطناعية في الأداء. كما كان للإخراج دور مهم في إعداد الممثلين، على الرغم من القيود المادية التي كان من الممكن أن تحسن من جودة الفيلم، إذ تأثرت الإنتاجية بقلة الدعم الأمني الذي لم يوفر لنا الملابس والإكسسوارات الخاصة بالأمن الوطني، مما دفعنا للتعويض بالأمور المتاحة والإبداع البسيط لتغطية النقص في الموارد. كيف وازنت بين ما يهدف إليه الحوار السيناريستي وأداء الممثلين ورؤيتك الإخراجية؟ في عملية التصوير كان الحوار أكثر عفوية مما كان مكتوبا في السيناريو خاصة في أداء المواطنين، أما بالنسبة لأداء رئيس الحكومة فاعتمدنا على حوارات مكتوبة تتماشى مع الخطاب السياسي، وسعينا لتحقيق التوازن بين العفوية والالتزام بالنص المكتوب لكي ننقل رسالتنا بوضوح للجمهور بكل أمانة. ما هي التحديات الرئيسية التي واجهتك خلال عملية الإنتاج وكيف تعاملت معها؟ عدم الحصول على الدعم سواء من الدولة أو من جهة الأمن الوطني التي كنا بحاجة إليها، فلم يكن هناك دعم للملابس والإكسسوارات البسيطة والديكور، لذا اضطررنا للاعتماد على أنفسنا في كل شيء تقريبا بما نعرفه، كما واجهت صعوبة في تنفيذ مشاهد الشرطة بسبب عدم معرفتي لكيفية إدارة مثل هذه الازمات في الفيلم، وكان من المفترض أن يكون هناك كوتش من الشرطة لمساعدتنا ولكن لم نتمكن من ترتيب ذلك، بالإضافة إلى رفض المركز السينمائي دعمنا بحجة أن الفيلم يحمل طابعا سياسيا، بينما كان الهدف الرئيسي للعمل هو التركيز على الجوانب الاجتماعية أكثر من السياسية. ما هي النقطة الأكثر إثارة في الفيلم بالنسبة لك كمخرج؟ هي عندما يتصاعد الحوار بين الحكومة والشعب، حيث يتم طرح نقطة ضعف الشباب المتمثلة في الأسرة والحالة الاجتماعية بطريقة كوميدية وسلسة، خاصة عندما يتهم الشاب بأنه إرهابي وهو في الواقع مجرد مواطن بسيط يسعى لمساعدة والدته المريضة من خلال تحقيق مطالبه العادية، وهذه اللقطات مزجت فيها الكوميديا والتراجيديا، ولها دلالات شخصية بالنسبة لي لأنني عانيت نفس المشكلة مع والدتي التي كانت مريضة بمرض السرطان، حيث لم أستطع توفير العلاج بسبب ضعف الإمكانيات، بالإضافة إلى أنه من الصعب أن تكون مخرجا وممثلا في نفس الوقت لتنسيق أدوار كهذه بشكل معقول. ما الذي يميز هذا العمل السينمائي عن باقي أعمالك الأخرى الأكثر شعبية مثل "البانضية"؟ هي أحداثه الواقعية، فالعمل يطرح الحالة الاجتماعية لأكثر من 300 ألف مواطن مزال يقطنون في أحياء الصفيح ويعيشون في ظروف قاسية بينما نحن مرشحون لكأس العالم، فهذه الفكرة الواقعية التي جمعت بين التراجيديا والكوميديا تجعل الأحداث معقولة ومقبولة، وهذا ما يميزه عن باقي أعمالي السينمائية الأكثر شهرة، فشعبيته تعكس أنه عمل من الشعب وإلى الشعب هل سنرى جزءا ثانيا ل"عبدو عند الموحدين"، أقصد "عبدو عند المرابطين" أو "المرينيين"، وهو فيلم ممتع حقيقة بالنسبة لنا كمغاربة؟ فعلا كتبنا فيلم "عبدو عند المرينيين" وقدمناه مرتين للحصول على الدعم وللأسف الشديد لم تكن اللجنة موفقة في اختيار العمل، وبطبيعة الحال لديهم تعليمات بأن يعطوا الدعم فقط للأقرب من زملاء المصالح، وحتى الآن لم نعرف لماذا لم نحصل على الدعم لإنتاج هذا العمل، وهو فيلم سينمائي ضخم جدا، وأنا متأكد أن اللجنة لم تقرأ السيناريو، بل اكتفوا بقراءة الملخص، خصوصا أن الفيلم يتحدث عن جزء من تاريخ المغرب في مرحلة المرينيين في عهد أبو عنان المريني. من خلال ممارستك لمهنة التمثيل والإخراج، كيف ترى الوسط الفني في المغرب؟ لا يمكننا أن نتحدث عن وسط فني يسيره أشخاص ليسوا من أهله، فالقطاع الفني في المغرب يحتاج إلى متخصصين في الميدان ولديهم تكوين ثقافي وفني ويحترمون أذواق الجمهور، أما الفنان فهو مجرد مسير ومغلوب على أمره، فالعديد منهم يتعرضون للإقصاء لأنهم رفضوا التطبيل للتفاهة. هل هناك أعمال تلفزيونية أو سينمائية قادمة؟ نعم، حاليا نحن في مرحلة تصوير فيلم كوميدي في فاس عنوانه "المدجة" بالأمازيغية، والذي يستند إلى أسطورة ترتبط بالتاريخ الأمازيغي في المغرب، بالإضافة إلى ذلك يتم حاليا عرض مسلسل "نائب الرئيس" ضمن برامج رمضان 2024 على قناة "شدي تي في"، وفي الوقت نفسه يتم عرضه على قناتي في اليوتيوب التي تحمل اسم سعيد الناصيري لمن يرغب في مشاهدته. هل في أعمالك الفنية رسالة معينة للصناع السينما أو للمشاهدين؟ ليس هناك صناعة سينمائية بعد في المغرب، وهذا ما يبعدنا عن التقدم، بالإضافة إلى ذلك، فإدارة القطاع السينمائي من قبل وزارة فاشلة لن يأتي بنتيجة، نأخد على سبيل المثال القاعات السينمائية التي تم فتحها مؤخرا، فهي ليست سوى مسارح عادية تم تجهيزها بشاشات بسيطة، وهذا لا يعتبر تطويرا حقيقيا للصناعة السينمائية، فنحن بحاجة إلى من يفهم الميدان السينمائي بمهنية، ويستمع إلى مطالب الجمهور والرواد، ويعمل على تطوير القطاع بشكل حقيقي لا بشكل تطبيلي ينفخ في إنجازات ظاهراها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب.
مشاركة :