من حيث انتهى الجزء الأول، يعود عشاق أفلام الأبطال الخارقين إلى متابعة فيلم الأكشن والمغامرة "شازام غضب الملوك"، في جزئه الثاني، محاولة جديدة لاستخدام القوة الخارقة لخدمة رسالة اجتماعية بالدرجة الأولى تضع العائلة في مصاف الكنز الأكبر الذي يمكن أن يحصل عليه الإنسان في حياته، مهما اختلفت طريقه شازام في جزئه الثاني الذي ابتكره دي سي كومكس، إلا أنها مغامرة كوميدية ناجحة لبطل خارق راشد بعقلية صبيانية. وتدور أحداث الفيلم حول بيلي باتسون، شاب يجد نفسه مالكا لقوة الساحر شازام القادرة على محاربة قوى الشر، فمع حكمة سليمان، قوة هرقل، قدرة أطلس على التحمل، قوة زيوس، شجاعة أخيل، وسرعة الزئبق، يصبح بيلي هو كابتن (مارفل) العجيب. الفيلم الذي امتدت أحداثه طوال 127 دقيقة، لم يخل من روح الأجواء الكوميدية غير المفتعلة التي تمتعت بها شخصية شازام وبقية إخوته الأبطال الخارقين، هو رحلة عبر القوة والموقف للحفاظ على أواصر أسرة وضعتها الظروف أمام تحديات كبيرة وخطيرة ونجحت في تخطيها بكل شجاعة وتضامن. العائلة "إما كلنا أو فلا" لا تبدو قصة الجزء الثاني من شازام بعيدة عن الجزء الأول، بل هي استمرار لقصة المراهق بيلي بلتسون البالغ من العمر 14 عاما، الذي يذكر في بداية الفيلم كيف وجد نفسه وحيدا بعد أن تخلى عنه والداه وكل من حوله، إلى أن استقر أخيرا للعيش مع أسرة سبق لها أن تبنت خمسة أطفال آخرين، بالتالي يجد باتسون نفسه معهم ويعدهم بمنزلة عائلته الحقيقية، ويعاملهم على هذا الأساس، ومن هنا تكون الرسالة بأن العائلة تأتي أولا دائما. ركزت القصة بشكل واضح على أهمية الأسرة وترابطها، وذلك من خلال المقولة التي لزم شازام قولها لبقية إخوته، "إما كلنا، أو فلا" عندما كانوا يحاولون القيام بأمور وحدهم، في دلالة على ضرورة الترابط ما بين الإخوة ليتم تحقيق النجاح. وفي تصاعد الأحداث، يتضح أن باتسون قد حصل على قوة خارقة منحه إياها ساحر بعد أن سلبها من الملك أطلس، فتجعل منه شخصية أكبر في العمر وفي الوقت ذاته خارقة بمجرد أن ينطق بالكلمة السحرية "شازام". كما يقوم باتخاذ قرار من نفسه ويمنح إخوته الخمسة القوة الخارقة ذاتها أيضا، ليشكلوا مجموعة من الأبطال الخارقين هدفها مساعدة سكان المدينة، على الرغم من أنهم باتوا يطلقون عليهم صفة الفاشلين. بنات الملك أطلس يشكلن العنصر المنافس لباتسون في القوة، لكن قوتهن تحركها دوافع شيطانية هدفها تدمير كوكب الأرض، ويحاولن استعادة قوة وسحر والدهن المسلوبين من شازام ومن معه، الأمر الذي يضعهن جميعا في اصطدام مباشر أمام بعضهن بعضا، وهو ما يخلف دمارا في كوكب الأرض، خصوصا أن الأخت الوسطى كاليبسو من بنات أطلس تميل في داخلها إلى الشر وتدمير كوكب الأرض انتقاما لما حصل مع والدها كما تدعي، في حين أن الأختين الكبرى هيسبيرا والصغرى آن يخالفانها ذلك عندما حققا الهدف الذي أتيا من أجله. كوميديا غير مفتعلة يمكن تصنيف فيلم شازام 2 بأنه فيلم كوميدي مضحك لكنه في الوقت نفسه جدي، شخصية باتسون وكيفية تعامله مع القوة الخارقة التي اكتسبها، منحت المشاهد متعة متابعة العمل حتى نهايته من دون أن يشعر بأن القوة الخارقة التي يشاهدها فيها من المبالغة أكثر ما فيها من الحقيقة، لأنه عرف كيف يطوع هذه القوة في خدمة المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقه. تجد الشخصية الرئيسية بقوى خارقة تحاول القضاء على الشر لكن دون جدية في التعامل مع الأمر، بل بكوميديا مستهترة تمتع معها المشاهد وتحقق المرجو منها في الأخير، من دون الحاجة إلى استخدام مؤثرات خاصة أو الهروب إلى الألفاظ القاسية والمسيئة التي تجعل المشاهد يضحك منها لكنه ينفر من سماعها. ولكونه يركز في رسالته على دور الأسرة وأهميتها، حافظ فيلم شازام 2 على نظافة النص ولجأ إلى استخدام الكوميديا الظرفية بطريقة راقية لمحاربة الشر، وهنا تكمن قوة هذا الفيلم إذ يلعب على الكوميديا الساخرة بشكل رائع وماتع، مع صياغة سيناريو ماتع ومتراص في حبكته، ولعل هذا ما جعله يدخل خانة التصنيف كفيلم عائلي بسهولة. أداء الممثلين من العوامل التي أسهمت في نجاح الفيلم وتميزه، أداء الممثلين عموما، وما قدمه بطل الفيلم الممثل زاكري ليفي في دور شازام بشكل خاص. فإذا كان الإخراج والسيناريو رائعين، فشخصية شازام كانت أروع، فأجمل وأمتع لحظات الفيلم هي عندما يكون فيها شازام حاضرا بأدائه الكوميدي والمتناقض، حيث في عقله هو فقط فتى صغير أو مراهق في بداية مراهقته وبالتالي فتصرفاته لا تزال صبيانية نوعا ما، لكن في شكله فهو رجل بقوام خارق، وبالتالي ذلك التناقض بين العقل الصغير والجسد الكبير أوجد كوميديا بطابع بطولي لا مثيل له. هناك شخصيتان ثانويتان كانتا أيضا رائعتين، الأولى هي شخصية الصبي فريدي صديق البطل الخارق الذي قدم أداء كوميديا هو الآخر بشكل ماتع جدا، ثم هناك الشخصية الشريرة من أداء النجم مارك سترونج، حيث كان هو الآخر موفقا جدا في تقديمه لعدو البطل، وقدم ما كان يجب تقديمه على المستوى نفسه لباقي عناصر الفيلم. المؤثرات الصوتية نجح صناع الفيلم في وضع مؤثرات صوتية تجلت فيها القوة الإخراجية التي ميزت المخرج السويدي ديفيد إف ساندبرج، في اللحظات التي تنطق فيها الشخصية الرئيسة للفيلم كلمة شازام وتتحول بلحظة من الفتى المراهق إلى البطل الخارق، وقد تم الاعتماد على الدخان لإخفاء ما يجب إخفاؤه ليحدث التحول بشكل سلس وفاعل. هذا فضلا عن الأزياء المستخدمة وتصوير الشريرات الثلاث بنات أطلس، وطريقة تصرفهن، إضافة إلى الموسيقى التصويرية المرافقة التي جاءت جميعها في خدمة الحبكة الدرامية الكوميدية للعمل، وجمعت بين الفكاهة والجدية بصورة ممتعة، ليست حقيقة ربما لكنها ليست بعيدة عن تصور المشاهد أيضا. نهاية غير مقنعة قد يؤخذ على الفيلم كنقاط ضعف، نهايته غير المقنعة إلى حد ما، يمكن اعتبارها عوامل نقص أو خطوة ناقصة أوقعت المخرج في فخ الانتقاد، خاصة أننا نكتشف في النهاية أن ليس شازام وحده من يقاتل الشرير، بل انضمت إليه شخصيات أخرى بقوى خارقة أيضا لتساعده على إنهاء الأمر، وربما السبب وراء اختيار هذه النهاية أننا كنا أمام بطل خارق لكنه فتى يافع لم تكتمل ملامح شخصيته بعد، لكنه يملك قوى خارقة لا مثيل لها. من هنا جاءت ربما الحاجة إلى الاستعانة بشخصية من عالم الخوارق لا تنتمي إلى الفيلم، وكأنها جاءت لتؤكد رسالة واحدة مفادها أن شازام ينتمي إلى عالم دي سي الموسع، ولا شك أنه سيجتمع في المستقبل مع باقي الأبطال الخارقين. كأنها جواز عبوره إلى مرحلة النضوج لمنافسة سوبرمان وباتمان أو أقلها الدخول إلى تصنيفاتهم العالمية ليكون شازام جزءا من هذه العائلة وليس دخيلا عليها أو طائرا مغردا خارج السرب.
مشاركة :