ذكرت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي أمس أن التوترات الأخيرة التي تحيط بالقطاع المصرفي تطرح "مخاطر جديدة" تهدد الاقتصاد، في وقت ما زال أمام البنك "طريق يقطعه" لمكافحة التضخم المرتفع. أدى انهيار ثلاثة مصارف أمريكية واستحواذ بنك يو بي إس السويسري على منافسه كريدي سويس إلى اضطرابات في أسواق المال العالمية وأثار مخاوف من تفجر أزمة في القطاع المصرفي. وبحسب "الفرنسية"، قالت لاجارد إن التوقعات الأخيرة للبنك المركزي الأوروبي الذي خفض التوقعات المتعلقة بالتضخم ورفع تلك المتعلقة بالنمو لهذا العام، لم تأخذ بعين الاعتبار الاضطرابات الحالية. وأضافت في منتدى في فرانكفورت أن "تلك التوترات زادت من المخاطر التنازلية الجديدة وجعلت تقديرات المخاطر أكثر غموضا". وتابعت أن هناك "مزيدا من الريبة" عندما يتعلق الأمر بتوقعات البنك المركزي الأوروبي. لكنها شددت على أنه في حال تحققت التوقعات الأخيرة "سيظل أمامنا طريق يجب قطعه لاحتواء الضغوط التضخمية". لكن أمام "حالة عدم اليقين العالية"، فإن القرارات المستقبلية ستعتمد على البيانات، بحسب لاجارد، التي امتنعت عن التعهد برفع الفوائد بشكل أكبر. تسببت الاضطرابات الأخيرة في أسواق المال، بمعضلة لدى محافظي البنوك المركزية بين المضي قدما في جهود خفض التكاليف المرتفعة جدا والعمل على عدم تفاقم الاضطرابات. بعد أن أدت الحرب الروسية- الأوكرانية إلى ارتفاع التضخم في منطقة اليورو العام الماضي، شرع البنك المركزي الأوروبي في حملة غير مسبوقة من إجراءات التشديد النقدي، ورفع أسعار الفائدة بمقدار 350 نقطة أساس منذ تموز (يوليو) الماضي. رفعت المؤسسة المالية ومقرها في فرانكفورت، أسعار الفائدة نصف نقطة مئوية في اجتماعها الأسبوع الماضي، كما تعهدت سابقا، متجاهلة الدعوات لإيقاف إجراءات التشديد النقدي أو إبطاء وتيرتها استجابة للاضطرابات. وساعد تراجع أسعار الطاقة في الأشهر الأخيرة على تباطؤ التضخم إلى 8.5 في المائة في شباط (فبراير). بعد أيام من الاضطرابات في سوق المال، تعافت الأسواق هذا الأسبوع، إذ خففت التعهدات بالدعم الحكومي من المخاوف إزاء القطاع المصرفي. وذكرت كريستين لاجارد أن البنك سيتخذ توجها "قويا"، يسمح له بالاستجابة لمخاطر التضخم، حسب الحاجة، وأيضا يساعد الأسواق المالية، حال ظهور تهديدات. وقالت إن "إعادة التضخم إلى 2 في المائة، على المدى المتوسط، أمر غير قابل للتفاوض". وأضافت "سنقوم بذلك باتباع استراتيجية قوية، تعتمد على البيانات ويرسخ استعدادا للعمل، لكن هذا لا يسمح بالمقايضات، حول هدفنا الرئيس". واستندت رئيسة البنك إلى تصريحات لها للمشرعين الإثنين، متعهدة بدعم النظام المالي، حال الضرورة، وأيضا المراقبة المطردة لمخاطر التضخم، التي تصر على أنها لم تظهر حتى الآن أي مؤشرات على التلاشي، وسط اضطراب السوق العالمية أخيرا. من جهته، أعرب رئيس البنك المركزي الألماني يواخيم ناجل عن اعتقاده بأن البنك المركزي الأوروبي لم يصل بعد إلى نهاية مسار رفع سعر الفائدة. وفي مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، الاقتصادية، نشرتها أمس، قال ناجل إن البنك المركزي الأوروبي لا يزال أمامه بعض الطريق. وفي الوقت نفسه، اعترف ناجل بأن أسعار الفائدة تقترب من النطاق المقيد والذي يفهمه خبراء الاقتصاد بأنه يمثل المستوى الذي تبدأ عنده أسعار الفائدة في عرقلة النشاط الاقتصادي. وأكد ناجل أنه يجب على البنك المركزي الأوروبي أن يقاوم الدعوات التي تنادي إلى سرعة تخفيض أسعار الفائدة عند الوصول إلى ذروة أسعار الفائدة، محذرا من أنه بخلاف ذلك، فإن التضخم المرتفع سيعاود الاندلاع مرة أخرى. وأضاف ناجل، الذي يشغل عضوية مجلس السياسة النقدية في البنك المركزي الأوروبي: "مكافحتنا للتضخم لم تنته بعد".
مشاركة :