أشار الخبير والمحلل السياسي المصري، مصطفى السعيد، في حديث لـRT، إلى مأزق كبير تورط فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بتمسّكه بإصلاح قانون التقاعد. وقال السعيد إن ماكرون يعيش مأزقا كبيرا مع اتساع رقعة الاحتجاجات، مشيرا إلى أن قانون التقاعد خلق له مشاكل لم يكن يتوقعها. وتساءل الباحث المصري: "هل كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتصور أن تعديله لقانون التقاعد سيجلب عليه كل هذه المتاعب". وأضاف: "أعتقد أن الاحتجاجات فاقت التصورات في اتساعها وقوتها، ووضعت الرئيس الفرنسي في مأزق صعب للغاية، فالاستطلاعات تؤكد أن أكثر من 80% من الفرنسيين يرفضون التعديل المقترح لقانون التقاعد الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، والذي برر ماكرون إصداره بأنه سيقلص العجز في الموازنة، لكن المعارضين يرون أن المبلغ ليس كبيرا لحل أزمة العجز في الموازنة، وكان يمكن تدبيره من رفع بسيط لشريحة الضرائب على الفئات الأكثر سراء، خاصة الشركات الكبرى التي تجني أرباحا هائلة". وأردف بالقول "لكن الأمر زاد تعقيدا مع تداخل عدة مشكلات، أهمها ارتفاع معدل التضخم بصورة كبيرة، وصعوبة وضع حد لارتفاع الأسعار المستمر، خاصة الأغذية والوقود، ورفض شريحة متزايدة لدعم أوكرانيا، ليتسع الرفض الشعبي لتعديل القانون، الذي كان يمكن تأجيله، لكن ماكرون مضى بعناد في الزود عما أسماه مشروع الإصلاح، فماذا ينتظر ما كرون وفرنسا؟ وهل فشل سحب الثقة من الجمعية الوطنية (البرلمان) ستضع حدا للاحتجاجات؟". والمتوقع بحسب الباحث، أن تزداد الاحتجاجات شدة واتساعا بعد فشل سحب الثقة من الحكومة، وسيمتد الرفض ليشمل الحكومة والجمعية الوطنية، فالنقابات العمالية والمهنية ومعها أكبر أحزاب المعارضة من اليمين القومي إلى اليسار المتشدد ستواصل الاحتجاج والتظاهر والإضرابات والتلويح بعصيان مدني، وهو ما سيكبد الحكومة خسائر اقتصادية وسياسية، مشيرا إلى ان السلطات ستلجأ للتضييق على التظاهرات. وأشار إلى أنه وفي المقابل تزداد المظاهرات حدة وعنفا، لتدخل فرنسا إلى دائرة صعبة من أزمتين سياسية واقتصادية متلازمتين. وصرح بأنه لا يوجد أفق لحل الأزمة الاقتصادية في فرنسا ومعظم أوروبا، لأن أزمات المديونية الضخمة تضغط بشدة على الحكومات، ودفعت الاتحاد الأوروبي إلى تقليص الإنفاق العام، بما سينعكس بالسلب على الأوضاع المعيشية ويزيدها سوءا مع تقليص الدعم الحكومي، لترتفع وتيرة الغضب ومعها الاحتجاجات التي تشمل المطالبة برفع الأجور وإسقاط قانون التقاعد. وكان الرئيس الفرنسي قد أصدر القانون دون تمريره على الجمعية الوطنية خشية رفضه الذي كان مرجحا، فاستخدم صلاحياته الاستثنائية بتمريره، وهو ما وصفته المعارضة بأنه التفاف على الديمقراطية، وتطرح الآن إجراء استفتاء شعبي. وبرفض ماكرون والحكومة ستستمر الاحتجاجات في التصعيد، وربما تشل الإضرابات قطاعات حيوية. أما إذا جرت الموافقة على إجراء استفتاء، فإن التصويت المرجح سيكون الرفض الواسع، وعندها سيكون ماكرون في أزمة شرعية، وكذلك البرلمان والحكومة، لهذا ستستمر المواجهة، وتغوص فرنسا أكثر وأكثر في أزمتي الاقتصاد والسياسة. RT - ناصر حاتم تابعوا RT على
مشاركة :