«النفّار».. تراث شعبي مغربي يقاوم الزمن

  • 3/26/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كما في الكثير من البلدان العربية، ولو بأسماء مختلفة، يُعدُّ المسحراتي أو «النفّار»، كما يطلق عليه في المغرب، من التراث الشعبي المغربي المرتبط بشهر رمضان، ويتجلى دور «النفاّر» في إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، وقد عُرف النفّار منذ قرون في المدن المغربية قبل اكتشاف الساعات والمنبهات والوسائل التقنية الأخرى، التي يعتمد عليها الناس في وقتنا الراهن لتنظيم مواعيدهم وإيقاظهم. يجوب «النفّار» الأزقة والدروب، حاملاً مزماره النحاسي الطويل، وبلباسه المغربي الأصيل المتمثل في الجلباب المغربي والطربوش الأحمر وجرابه الجلدي المزين برسوم جميلة. أخبار ذات صلة مجلس محمد بن حمد الشرقي ينطلق اليوم الحكام يتقبلون التهاني في شهر رمضان المبارك مهنة متوارثة مهنة «النفّار»، وإن كانت مهنة موسمية لا تُغني صاحبها، ينتهي دورها بانتهاء شهر رمضان، فقد توارثها الأبناء عن الأجداد، وهناك عائلات مغربية في بعض المدن المغربية العريقة حافظت على هذا الإرث وصانته من التلاشي والاندثار، حيث إن ضياع هذا الإرث الشعبي خسارة كبرى لجزء من الفلكلور المغربي وأحد رموزه الضاربة في القدم. يقول السيد علي الطاهر، الذي يمارس مهنة «النفّار»: أمارس هذه المهنة منذ خمسة عقود وقد ورثت هذا العمل عن والدي، رحمه الله، الذي كان يمارسها لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور، وقد ترك لنا والدنا بعد رحيله مزماره النحاسي الذي كان يحبه ويعتني به ويقوم بصقله وتنظيفه بمواد خاصة يجلبها من مدينة فاس، وكان لابد من أن أحافظ على ذكرى والدي بإحياء مهنة عشقها وجعلته محبوباً بين الناس في الحي الشعبي الذي ولدنا فيه. يقول الباحث المغربي عبد الله النملي: حرفة «النفّار» وإن كانت لا تزال تظهر خلال شهر رمضان، غير أنها تتجه نحو الانقراض، لأنها لم تعد تؤمن رزق أصحابها، لذا اختفت تقريباً من جل الأحياء الراقية والمتوسطة، مع اقتصاره على بعض الأحياء الشعبية التي تصر على تحدي الزمن، رغم أن معظم «النفارين» تخلوا في السنوات الأخيرة عن مهنتهم، فمنهم من تحول للعمل داخل مجموعات موسيقية شعبية، ومنهم من يجول بمزماره أو طبلته داخل الأحياء السكنية وحافلات النقل الحضري والقروي باحثاً عن رزقه، وقليل منهم من وضع مزماره ضمن عتاده المهمل، وبدأ يبحث عن حرف ومهن أخرى تؤمن له حياة أوفر حظاً. فرحة رمضان أما الباحث في الثقافة الشعبية مصطفى أعراب، فيقول إن أصول آلة النفّار تعود إلى الأندلس التي عرفتها خلال العصر الإسلامي، لكنها لم تنتقل إلى المغرب إلا في عام 725 هـ، خلال فترة حكم السلطان أبو عنان بن أبي الحسن، الذي شيد ثلاثة أبراج بمدينة فاس للبواقين، أي أصحاب البوق، الذين كانوا يستخدمون هذه الآلة للتحذير أو التعبئة. وتقول السيدة طامو أم الغيث: «لا تكتمل فرحة قدوم شهر رمضان إلا بسماع ورؤية «النّفار» بلباسه المغربي، الذي يذكرنا بطفولتنا البعيدة، في عالم طغت فيه الماديات والوسائل التقنية التي أثرت على الكثير من موروثنا الشعبي».

مشاركة :