سجال نووي تصعيدي بين روسيا والغرب في غمرة حرب أوكرانيا

  • 3/26/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كييف - انتقد حلف شمال الأطلسي (الناتو) اليوم الأحد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب خطابه النووي الذي وصفه الحلف بأنه "خطير وغير مسؤول"، وذلك بعد يوم من تلويح بوتين بأنه سينشر أسلحة نووية تكتيكية في روسيا البيضاء (بيلاروسيا)، في خطوة أدت إلى مزيد تأجيج التوتر بين موسكو والغرب. وأعلن بوتين الخطوة السبت وشبهها بنشر الولايات المتحدة أسلحتها في أوروبا، مع إصراره على أن روسيا لن تنتهك تعهداتها المتعلقة بالحد من انتشار الأسلحة النووية. وعلى الرغم من أن هذا التطور كان متوقعا إلى حد ما، لكنه يعد أكثر المؤشرات صراحة من جانب موسكو على استخدام الأسلحة النووية منذ بدأت غزو أوكرانيا قبل نحو 13 شهرا، بينما دعت أوكرانيا إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لمواجهة هذه الخطوة. وقال حلف شمال الأطلسي إن تعهد الرئيس الروسي بالحد من نشر الأسلحة النووية ووصفه لنشر الأسلحة الأميركية حول العالم في غير محلهما تماما، بينما قللت واشنطن، القوة النووية العظمى الأخرى في العالم، من شأن المخاوف المتعلقة بإعلان بوتين. وقال متحدث باسم الناتو اليوم الأحد "إشارة روسيا إلى المشاركة النووية في حلف شمال الأطلسي إشارة مضللة تماما. يحترم الشركاء في حلف شمال الأطلسي التزاماتهم الدولية احتراما تاما". وأضاف المتحدث الذي لم يكشف عن اسمه "لطالما خرقت روسيا التزاماتها بالحد من انتشار الأسلحة ومؤخرا علقت مشاركتها في معاهدة نيو ستارت للحد من انتشار الأسلحة النووية". وتضع معاهدة نيو ستارت حدا لعدد الرؤوس الحربية النووية الإستراتيجية التي بوسع الولايات المتحدة وروسيا نشرها وتحد من نشر الصواريخ التي تطلق من الأرض أو من على الغواصات وكذلك القاذفات التي تطلقها. وقال أوليكسي دانيلوف المستشار الأمني الكبير للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الأحد إن خطط روسيا لنشر أسلحة نووية تكتيكية في روسيا البيضاء سيزعزع استقرار تلك الدولة، متهما موسكو باحتجاز مينسك "رهينة". وقال خبراء إن أهمية هذا التطور تكمن في أن موسكو كانت تفخر حتى الآن بأنها على عكس واشنطن لم تنشر أي أسلحة نووية خارج حدودها. لكن تلك ستكون المرة الأولى منذ منتصف التسعينيات التي تنشر فيها روسيا مثل تلك الأسلحة خارج أراضيها. وانتقد مستشار كبير آخر للرئيس الأوكراني اليوم الأحد خطة بوتين وقال إن تصرفات الرئيس الروسي كانت "متوقعة جدا". وكتب ميخايلو بودولياك في تغريدة على تويتر "الإدلاء بتصريح عن أسلحة نووية تكتيكية في روسيا البيضاء، إنه يعترف بأنه خائف من الهزيمة وكل ما يمكنه فعله هو التخويف بالأسلحة التكتيكية". وبدا أن واشنطن لا تلحظ أي تغير في إمكان استخدام موسكو للأسلحة النووية في الحرب في أوكرانيا وقالت هي وحلف شمال الأطلسي إن الأخبار لن تؤثر في موقفهما النووي. وكتب المتحدث باسم الحلف "لم نلحظ أي تغييرات في موقف روسيا النووي من شأنها أن تجعلنا نعدل موقفنا". ويشير مصطلح الأسلحة النووية "التكتيكية" إلى الأسلحة التي تستخدم لتحقيق مكاسب محددة في ساحة المعركة وليس الأسلحة ذات القدرة على إبادة المدن. وليس واضحا عدد الأسلحة التي تمتلكها روسيا من هذا النوع نظرا لأن هذا الأمر محاط بالسرية منذ الحرب الباردة. بدوه حث جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، روسيا البيضاء اليوم على عدم نشر أسلحة نووية روسية على أراضيها، قائلا إنها "قد تواجه مزيدا من العقوبات إذا فعلت ذلك". وكتب بوريل على تويتر "استضافة روسيا البيضاء لأسلحة نووية روسية سيعني تصعيدا غير مسؤول وتهديدا للأمن الأوروبي. لا يزال بإمكان روسيا البيضاء إيقاف ذلك، هذا خيارها. الاتحاد الأوروبي على استعداد للرد بفرض مزيد من العقوبات". مجلس الأمن ودعت وزارة الخارجية الأوكرانية إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بعد إعلان بوتين وطلبت من المجتمع الدولي "اتخاذ إجراءات حاسمة" لمنع روسيا من استخدام الأسلحة النووية. وقالت الوزارة في بيان "تؤكد روسيا مجددا عجزها المستمر عن أن تكون مالكة لأسلحة نووية كوسيلة للردع والوقاية من الحرب وليس كأداة للتهديدات والترهيب". وقال محللون في معهد دراسات الحرب ومقره في واشنطن إن خطر تصعيد الحرب النووية "يظل منخفضا بشدة". بدوره أكد السناتور الجمهوري مايكل مكول رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إنه يعد خطط روسيا لنشر الأسلحة النووية التكتيكية في روسيا البيضاء خططا مزعجة وتستهدف ترهيب الغرب. وقال مكول في برنامج فوكس نيوز صنداي "يتصاعد التوتر. وأعتقد أن هذا استعراض قوة من جانب بوتين لمحاولة التخويف لا أكثر… هذه الأسلحة النووية التكتيكية مثيرة للقلق"، لكن الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية وصفت إعلان بوتين بأنه تصعيد خطير للغاية. وكتبت الحملة على تويتر "في سياق الحرب في أوكرانيا، احتمال إساءة التقدير أو إساءة التفسير شديدة الارتفاع. تجعل مشاركة الأسلحة النووية الموقف أسوأ بكثير وتهدد بخطر حدوث عواقب إنسانية كارثية". بوتين يشجب المحور الغربي وقال بوتين إن رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو يطلب منذ فترة طويلة نشر تلك الأسلحة. ولم يصدر بعد رد فعل من لوكاشينكو. وعلى الرغم من أن جيش روسيا البيضاء لم يقاتل رسميا في أوكرانيا فالعلاقات العسكرية بين موسكو ومينسك وثيقة جدا. وسمحت روسيا البيضاء لموسكو باستخدام أراضيها لإرسال قوات إلى داخل أوكرانيا العام الماضي وكثفت الدولتان التدريبات العسكرية المشتركة. ونفى بوتين اليوم الأحد أيضا أن بلاده تؤسس تحالفا عسكريا مع الصين وبدلا من ذلك شدد على أن القوى الغربية هي التي تشكل "محورا" جديدا مماثلا للشراكة بين ألمانيا واليابان خلال الحرب العالمية الثانية. وكان هذا تكرارا لخطاب كثيرا ما استخدمه في وصفه لحرب أوكرانيا وهو أن موسكو تقاتل أوكرانيا الواقعة في براثن نازيين مُفترضين تحرضهم قوى الغرب التي تتوعد روسيا، في حين ترفض أوكرانيا هذه التشبيهات بوصفها ذرائع واهية لشن حرب استعمارية. وفي ساحة المعركة، قالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الأحد إن قواتها استهدفت مواقع عسكرية في خاركيف ودونيتسك وزابوريجيا وخيرسون وكبدت الجانب الأوكراني خسائر فادحة. ونقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء عن مصدر مسؤول عن إنفاذ القانون قوله إن طائرة مسيرة أوكرانية محملة بالمتفجرات ضربت وسط بلدة كيريفسك الروسية في منطقة تولا اليوم الأحد وتسببت في إصابة شخصين. وقالت روسيا في الماضي إن طائرات مسيرة أوكرانية اخترقت مجالها الجوي نحو أراضيها وتسببت في أضرار بالبنية التحتية، وهو تأكيد تنفيه كييف. وقال آندري يرماك كبير موظفي الرئاسة الأوكرانية إن القوات الروسية دمرت أيضا بنايتين سكنيتين في ضربة صاروخية على مدينة أفدييفكا في منطقة دونيتسك شرق البلاد، مضيفا أنه لم يقع أي قتلى أو مصابين. وأعلنت هيئة الأركان العامة اليوم الأحد أن القوات الأوكرانية صدت 85 هجوما روسيا على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية في عدة مناطق على الجبهة الشرقية بما في ذلك منطقة باخموت التي تشهد معارك ضارية على مدى الأشهر القليلة الماضية.

مشاركة :