ارتدى «الصاروخ» كليان مبابي شارة قيادة منتخب فرنسا للمرة الأولى، خلال فوزه العريض أمام هولندا بـ«رُباعية»، بعدما أثار اختيار وقرار مدربه ديشامب جدلاً واسعاً طوال الأيام التي سبقت مواجهة المنتخبين في تصفيات «يورو 2024»، وإذا كان تاريخ «قادة الديوك» يُشير إلى أن مبابي حمل شارة القيادة في عمر 24 عاماً، مثلما حدث مع «الأسطوري» بلاتيني في نفس السن عام 1979، فإن الأمور بدت مختلفة تماماً في تلك الحقبة القديمة، بل إن تسلسل قيادة «البلوز» منذ ما يقارب 120 عاماً يُخالف ما يحدث حالياً مع «الفتي المُدلل»! وفي ظل وجود جريزمان صاحب التجربة الدولية الأكبر في عمر 32 عاماً، ومعه المهاجم المخضرم جيرو بـ36 عاماً وآخرون، تسير مسألة اختيار مبابي «قائداً للديوك» في نفس طريق المحادثات الطويلة التي جرت من أجل إقناعه بالبقاء في صفوف باريس سان جيرمان، وبلغت أرفع المستويات السياسية قبل الرياضية، وهو ما يختلف مع وضع بلاتيني قبل 44 عاماً، حيث وقع الاختيار عليه ليحمل «الشارة الزرقاء» في نفس عمر مبابي، لكن الفوارق السنية لم تكن كبيرة بين أغلب لاعبي «الديوك» في تلك الفترة، ولم يبرز أحد النجوم بالصورة الفنية التي تفوق ما كان عليه «الفارس»، وكان منطقياً أن يكون قائداً على حساب رفيقيه ألان جريس ودومينيك روشيتيو. وبالعودة إلى تاريخ القادة في منتخب فرنسا، كان «أسطورة الأساطير» جوست فونتين مثالاً مُعبراً عن نظام ارتداء «الشارة الزرقاء»، إذ توهج فونتين بصورة غير عادية في مونديال 1958، بتسجيله الـ13 هدفاً الصامدة تاريخياً حتى الآن وقاد «الديوك» إلى المركز الثالث في عمر 25 عاماً، ومع ذلك لم يسبق لفونتين ارتداء شارة القيادة أبداً، وسط وجود «كباتن المنتخب» الأكبر سناً مثل روبيرت جونكويت، أرماند بينفيرن وروجيه بيانتوني، الذين تراوحت أعمارهم بين 27 عاماً و33، وبالطبع لم يكن أي اسم من هؤلاء أشهر أو أفضل من فونتين! بل إن رفيقه البارع، ريموند كوبا، لم يحمل شارة القيادة إلا في عمر 29 عاماً بسبب الثلاثي المذكور، رغم تألق كوبا في نفس البطولة واختير ضمن فريق المونديال، وتردد إعلامياً أنه حصل على جائزة أفضل لاعب خلال البطولة بعدما حصد جائزة أفضل لاعب صاعد في كأس العالم 1954، إذ كانت الجوائز غير رسمية وقتها، كما حصد جائزة «الكرة الذهبية» عام 1958 ليكون أول فرنسي يفوز بها بعدما حل «ثالثاً» في 1956 و1957، لكن ذلك لم يكن مُبرراً لتجاوز نظام تسلسل القيادة الفرنسية. كما تكرر الأمر مع الأيقونتين، جان بيير بابان وإريك كانتونا، أبرز نجوم فرنسا في حقبة التسعينيات، ورغم عدم وجود أسماء لامعة في كتيبة «الديوك» آنذاك مقارنة بالثنائي الموهوب، إلا أن مهاجم ميلان وبايرن وكذلك نجم مانشستر يونايتد لم يحصلا على «الشارة» إلا قرب نهاية مسيرتيهما الكروية في عمري 29 عاماً لبابان و27 لكانتونا، وبعدد قليل جداً من المباريات التي ظهر فيها كل منهما «قائداً للديوك»! صحيح أن المدرب الحالي ديشامب بقي «قائداً» لفترة طويلة، إلا أن ظهور زين الدين زيدان وصناعته الفارق الهائل في تاريخ المنتخب بداية من كأس العالم 1998، كان كافياً ليحمل «زيزو» الشارة في توقيت مُبكر يراه الكثيرون «مُستحقاً»، لكن هذا لم يتحقق إلا عام 2001 في عمر 29 عاماً وفي عدد متوسط من المباريات أيضاً، بسبب الأولوية التي منحت مارسيل ديساييه ولوران بلان الفرصة قبل زيزو. ورغم أن تييري هنري يُعد أحد أعظم المهاجمين الذين عرفهم «الديوك» في تاريخه، إلا أنه تولى القيادة في عمر 31 عاماً خلال 21 مباراة فقط بداية من عام 2008، قبل عامين فقط من اعتزاله الدولي، لأنه توجب عليه انتظار «دوره» بعد ليليان تورام وباتريك فييرا وفابيان بارتيز وإريك أبيدال، ورغم قيمة تلك الأسماء التاريخية، لكن هنري ربما استحق الشارة قبلهم في رأي البعض!
مشاركة :