'الموروث' تتصفح العجيب والغريب في ألف ليلة وليلة

  • 3/27/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

صدر في الشارقة العدد 29 لشهر آذار/مارس 2023 من مجلة الموروث الفصلية المحكمة المعنية بالتراث الثقافي، والتي تصدر عن معهد الشارقة للتراث. وقد احتوي العدد على مجموعة من الدراسات والمقاربات التراثية المطولة، والتي أسهم فيها عدد من الكتاب والباحثين والأكاديميين العرب. وفي افتتاحية العدد، لفت رئيس معهد الشارقة للتراث، ورئيس التحرير، الدكتور عبدالعزيز المسلّم، إلى أن صدور هذا العدد من مجلة الموروث، تزامن مع إقامة أيام الشارقة التراثية المتجددة في كل عام، بما تنطوي عليه من دلالات مواصلة السير المنهجي في التشجيع على حفظ تراثات العالم وصونها من خلال إتاحة الفرصة للأفراد والجماعات والفرق المحلية والعربية والدولية، للتعبير عن أشكالها المتنوعة، عبر الندوات الحوارية المقربة فيما بين شعوب العالم. وفي دراسات ومقالات العدد، يُبحر بنا الباحثمحمد حسن عبد الحافظ، في عوالم ألف ليلة وليلة، من خلال أبرز سمتين ميزتها وهما "العجيب" و "الغريب" مبتدئاً بمناقشة المفهومين ورصد أنماطهما وبنيتيهما، ومتابعاً تمثلاتهما السردية، على صعد مختلفة كالرحلة، والشخصية، والحدث والأحلام والكائنات الخرافية والكرامات وسواها، وذلك عبر إثارة سؤال انتماء الليالي إلى جنس العجيب والغريب ومدى تأثيره في الأجناس السردية الشعبية. الحكاية الخرافية وأثرها في الأدب العربي أما الباحثة نادية هناوي، فتدلف بنا نحو بلاد الرافدين لمقاربة محمولات جنس الحكاية الخرافية فيها. والكشف عن أثرها في الأدب العربي، بوصف الحكاية الخرافية المتكأ الذي تأسس عليه أدب الأساطير والملاحم العالمية، وتسعي "هناوي" من خلال الدراسة إلى تتبع موطن الحكاية الخرافية الأول ومحمولاتها الموضوعية والفنية وتسللها إلى الأدب العربي. وتبحث الباحثة فاطمة بوزاد، في الأدوار الوظيفية والرمزية للماء في الكرامات الصوفية بالمغرب الأقصى، من كونه أصل الحياة ومصدر كل شيء حي كما جاء في المرجعيات الدينية، وعبرت عنه رمزية الطقس الصوفي لاحقاً. كما تلفت الباحثة النظر إلى الاتجاه التربوي لعلاقة المريد بشيخه ذي الكرامات المائية، وإلى المتون المائية الصوفية المعمقة لرمزية الماء وقداسته في المعجم الصوفي. وتتخذ الباحثة مروة مهدي عبيدو، من السرديات التراثية للشاعر عبد الرحمن الأبنودي أنموذجاً للكشف عن خصوصية صوت المرأة المصرية التراثي داخل خطاب السرد. وهي إذ تتحرك من خلال منهج يراوح بين خطاب الأغاني وطقوس الطب الشعبي وقصائد الشاعر، فإنها لا تتخلى عن المنهج السياقي الذي توظفه للكشف عن أثر المعطى التراثي في تكوين الشاعر الأدبي والإنساني. وتتمحور مقاربة الباحث ماجد البصري حول الأدوات الشعبية التي استعملها الأجداد قبل مرحلة التصنيع، سواء تلك المتصلة بالأدوات البيتية أو الإنتاجية المستخدمة في إنجاز أعمالهم، وصلة تلك الأدوات بالمعتقدات والمفاهيم وبعض التقاليد، الأمر الذي أدى إلى أن ترتبط بمحمولات رمزية وإشارية جعلت كل أداة منها اليوم ممثلة لأيقونة حكاية شعبية أو معتقد ابتكرته مخيلة أسلافنا من واقع تجاربهم، مستدلاً على ذلك بما تدل عليه بعض هذه الأدوات من تفاؤل وتشاؤم أو نحس وبركة، مما نجده على واجهات المحال التجارية حتى اليوم أو على مداخل أبوابنا وجدران بيوتنا، وهو ما حدا بالباحث إلى مقاربة العلاقة بين جيلنا الحالي وجيل الأسلاف. حرف شعبية مغربية من الماضي  أما الباحث الحسين ريوش، فيتناول إحدى الحرف التي لم تنل حظها من الدرس وهي "الصواك"، إحدى الحرف المعبرة عن أسلوب عيش ونمط من أنماط الإنتاج في المجتمع المغربي الذي كان يعتمد على الرعي المتنقل والزراعة. و"الصواك" التي حفظتها لنا كتب التاريخ والروايات الشفوية تمثل جزءاً من الموروث الذي كان ميداناً أساسياً من ميادين الشغل لفئات اجتماعية عريضة من المجتمع المغربي، إذ يمثل تراجع هذه الحرفة أو اختفاؤها في البوادي حالة تغير وانتقال من نمط إنتاج وطريقة عيش ملائمة للنمط القروي الزراعي والرعوي إلى مجتمع حضري مستقر يعتمد على الصناعة والخدمات. وتحضر حكايات "كليلة ودمنة" ضمن مواد العدد في مقاربة للباحث سعيد بوعيطة، الذي يسعى في مقاربته النقدية إلى تفكيك الخصائص المميزة لبنية الحكاية بوصفها شكلاً ذا معايير وخصائص نوعية مميزة له من ســــائر الأشكال والنصوص التراثية، إذ يكشف عن تلك الخصائص في نقد المعرفة الظنية للسرد الحكائي لتأسيس معرفة منهجية، ونقد التفرد مع حضور العقل لتأسيس التكامل بين الحكمة وقوة الجماعة، ونقد تغييب العقل لتأسيس معرفة عقلية. وبهذا يتأسس لهذا السرد الحكائي خاصية الحوارية التمثيلية القائمة على الصيغة الحجاجية. في حين ينتقل بنا الباحث درويش الأسيوطي، لتناول موضوع قلما تناوله الباحثون، ليقف على ما أسماه بـ "القوالب التعبيرية الاصطلاحية في الأدب الشعبي المصري" ماراً بمجالات التعبير الشفاهي من شعر ونثر الحكمةوملاحم واساطير وحكايات وامثال وسير، ليقف وقفة تحليلية عند القوالب الاصطلاحية التي يختلف فيها مع من ذهب إلى المساواة بينها وبين التعابير الشعبية الكنائية، عامداً إلى المقارنة فيما بينها وبين هذه الأخيرة من جهة، ثم التمييز بينها وبين كل من المثل التقريري والحكمة من جهة أخرى. وهو موضوع يظل قابلاً للحوار والخوض فيه. أما الباحث موسى فقير، فيتناول بالدرس المظاهر التربوية التقليدية في المغرب، من خلال الوقوف على ظاهرة "سلطان الطلبة"، التي يُحتفى فيها بطلبة الذكر وما يحفّ بهذه الممارسة الاحتفالية التقليدية من قيم يغرسها المربي التقليدي (الفقيه) في نفوس حفظة القرآن، وهو تقليد يستمد روحه من المرجعية الدينية، ليكتسي بدلالات اجتماعية ورمزية متوارثة عبر الأجيال، ما يمثل تناوله رداً لاعتبار هذه الممارسات المرتبطة بالنسق الحضاري للدين الإسلامي الغني بأبعاده الروحية والثقافية. الألعاب الشعبية في الجزيرة السورية ويختتم الباحث هشام عدرة، مقاربات المجلة بتسليطه الضوء على كتاب الألعاب الشعبية في الجزيرة السورية الذي يعرض لمجموعة من الألعاب الشعبية التي درج الصغار والكبار على ممارستها، موثقاً جوانب مهمة من ألعاب الجزيرة السورية والكشف عن جذورها في الموروث الثقافي والتي غابت عن ذاكرة جيل العالم الرقمي وثورة المعلومات ووسائل التواصل الحديثة التي حلت محلها، سواء في ذلك ألعاب الصبية أو الفتيات أو الألعاب المشتركة، بعد أن عرض المؤلف لـ 44 لعبة ضفتها أربعة فصول، ووثقها بالاعتماد على الرواة. يُذكر أن مجلة "الموروث" هي مجلة فصلية تعني بالموروث الثقافي، وتصدر عن معهد الشارقة للتراث، ويرأس تحريرها الدكتور عبدالعزيز المسلّم، ومدير التحرير الدكتور صالح هويدي، وتضم الهيئة الاستشارية للمجلة الدكاترة: حمد بن صراي، وخزعل الماجدي، وسعيد يقطين، وضياء الكعبي، وعبد الحميد بورايو، ومحمد الجويلي، ومحمد حسن عبد الحافظ. وتضم هيئة التحرير الدكاترة: راشد المزروعي، عبد الله المغني، عبدالله يتيم، مبروك بوطقوقة.. فيما تتولى لطيفة المطروشي السكرتارية التنفيذية، والتصميم والإخراج لمنير حمّود، والتدقيق اللغوي لبسام الحفل.

مشاركة :