مجلة 'الموروث' تتصفح التراث الجزائري غير المادي

  • 12/27/2022
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

صدر في الشارقة العدد 28 لشهر كانون الأول/ديسمبر 2022 من مجلة الموروث الفصلية المحكمة المعنية بالتراث الثقافي، والتي تصدر عن معهد الشارقة للتراث.  وقد احتوي العدد على ملف حول التراث الجزائري غير المادي، ومجموعة من الدراسات والمقالات التي دارت في فلك التراث وقضاياه، وتناولها الدكتور عبدالعزيز المسلّم، رئيس تحرير، بالنقاش في مقاله الافتتاحي الذي تصدّر صفحات المجلة.  رمزية الحصان في المخيال الثقافي  وقد استهلت المجلة ملف العدد الذي أضاءت من خلال دراساته ومقالاته على ما اشتهرت به الجزائر الشقيقة من موروث وتراث غير مادي، بدراسة للباحث مبروك بوطقوقة، تناولت موضوع "لعب البارود" أو لعب الخيل تلك الممارسة ذات الارتباط الوثيق بتاريخ الجزائر النضالي، وما شهده من صفحات جهاد وبطولات في مواجهة الغزو الأجنبي، وذلك من خلال العرض الاحتفالي وحضور الحصان الذي يمثل رمزية خاصة في المخيال الثقافي والديني، لأداء مشاهد الكر والفر بين مجاميع من الفرسان ومن يقودهم، وإطلاقهم البارود وسط حماسة الجمهور.   في حين تناولت الباحثة زهية عبد الله، شَعر الجسد بكل ما يمثله من رمزية في الموروث الإنساني، من حيث العناية به لدى المسلمين لما له من طقسية وتراتبية، فضلاً عن دلالاته الاجتماعية والعقدية على القبح والجمال والإذلال، وعلى الذكورة والأنوثة أو الفقر والغنى.  أما الباحث سليم درنوني فيسلط الضوء على "لعبة السبق" بوصفها إحدى الألعاب ذات التقاليد المتوارثة طويلاً في المجتمع الجزائري، ولا سيما في الأوراس والزيبان، حيث مورست على مدى مراحل تاريخية، إذ عرض الباحث لأصولها وتطورها التاريخي وتقاليدها الاحتفالية، قبل أن تبدأ بالانحسار، فقد احتوت اللعبة على مجموعة من الضوابط والقواعد التي تحكمها، فضلاً عن امتلاكها لغة رمزية خاصة بها.   وفي دراستها عن الكسكس تناولت الباحثة ويزة فلاز، طبق الكسكس الشهير، وما له من فوائد غذائية، ومن رمزية اجتماعية على التوحد والتلاحم بين أبناء المجتمع، بوصفه طبقاً جمعياً يحضر في المواسم الدينية والزوايا والمناسبات العائلية على حد سواء، لتبحث في أصول هذه الأكلة العريقة، وأدواتها، وما تتعرض له اليوم من تحديات.  الثقافة الشعبية والرواية الجزائرية  وفي زاوية أخرى تتناول الباحثة فيروز رمضان، مظاهر التأثر الكبير للرواية الجزائرية الحديثة بالرواية الغربية وباتجاهاتها وتقنياتها، لكنها تدلف بنا إلى ضرب من الخصوصية التي لا يمكن إغفالها، تلك المتجلية في التجليات التراثية التي تمنح الخطاب الروائي طابعه الجمالي من خلال أوجه التوظيف الفني والتناص الذي تتبع الباحثة رصدها لعدد من النماذج الروائية المختارة.  وفي حقل الترجمة، يعكف الباحث الخبير عبد الحميد بورايو، على ترجمة موضوعة احتفالية لعبد الرحمن موساوي، يتناول فيها علاقة المقدس بالمسكن والفضاء والذاكرة والاحتفال في المجتمع التقليدي. في الجنوب الغربي الجزائري، كاشفاً عن أهمية المعطى الروحي في اختيار فضاء المنشآت البشرية وبنائها وهندستها.  ونقرأ في العدد أيضا: دراسة الباحثة رؤى قداح، التي تتناول موضوع الميثولوجيا النوردية وتجليات الإله الابن فيها، وما شهدته وظائفها وسماتها من تحولات، عامدة إلى عقد مقارنة ضافية تفصيلية بينه وبين صورة الإله الابن في الأسطورة النيوليتية (القمرية) من جهة، وأساطير كل من سوريا الكبرى ومصر واليونان، فضلاً عن تجليات ذلك في الإلهة "دموزي" وتصوز وبعل وأدونيس، وأتيس وأوزوريس وديور بنسيوس.   عروس المطر  ويأخذنا الباحث الزبير مهداد إلى أحد طقوس الاستسقاء في شمال إفريقيا المعروف بـ "عروس المطر" أو "تاسليت ن ونزار" الذي يرى الباحث أنه يمثل بقايا معتقدات الحضارة الكنعانية والفينيقية التي هيمنت على المنطقة قديماً، إذ يتتبع فعاليات الطقس والأساطير المرتبطة به، لينتهي إلى نتيجة مفادها أن هذا الطقس إنما يمثل أحد العناصر الثقافية المشتركة بين الشعب العربي والأمازيغي، إذ يقابله في المشرق والشام والخليج طقس يشبهه إلى حد التطابق، يعرف بـ "أم الغيث".   وفي محور المقاربات يأخذنا الباحث عبد المقصود محمد عبد المقصود إلى أقصى صعيد مصر، حيث مدينة طيبة المصرية عاصمة مصر القديمة، قبل أن تنتقل إلى مدينة منف، ليروي لنا عن تاريخها الحضاري وما فيها من مزارات وإرث عريق، مثلما يحدثنا عن الاهتمام الذي يوليه المصريون لترميم آثارها ومتاحفها ومعابدها كالكرنك، والأقصر، ووادي الملوك، ووادي الملكات، ومقابرها والمسميات أطلقت عليها، وآخرها الأقصر الذي أطلقه العرب عليها.   طقوس الختان في المغرب  في حين يكتب الباحث حسن بحراوي عن شعيرة الختان في المغرب، وما يرافقها من طقوس تمتد إلى أزمنة بعيدة، منوهاً بالاختلاف فيها بين المسلمين واليهود، إلى جانب متابعة ما يرافق هذا الطقس من احتفالات، ليقف بنا أخيراً على موقف الفرنسيين إبان فترة الحماية على البلاد واهتمامهم بها، لينقل لنا نماذج من كتاباتهم التي ركزت على المظهر العجائبي الذي استوقفهم فيها وفي طقوسها.  أما الباحث عبد المجيد نوسي، فيقدم لنا قراءة موسعة لكتاب "الحكاية العجيبة في المغرب" للباحث المصطفى شاذلي، والذي يتناول فيه الحكاية العجيبة في المغرب، ضمن منهج التحليل السيميو - لساني لمستواها الشفوي، متتبعاً "المؤلف" الأمازيغي، ومحتشداً، في تحليله للمتن بعدد من المرجعيات التي اعتمدت أساليب جمع الحكايات سندها اللغوي والتثبت منها وتصنيفها.  يُذكر أن مجلة " الموروث " هي مجلة فصلية تعني بالموروث الثقافي، وتصدر عن معهد الشارقة للتراث، ويرأس تحريرها الدكتور عبد العزيز المسلّم، ومدير التحرير الدكتور صالح هويدي، وتضم الهيئة الاستشارية للمجلة الدكاترة: حمد بن صراي، وخزعل الماجدي، وسعيد يقطين، وضياء الكعبي، وعبد الحميد بورايو، ومحمد الجويلي، ومحمد حسن عبد الحافظ.. فيما تضم هيئة التحرير الدكاترة: راشد المزروعي، عبد الله المغني، عبدالله يتيم، مبروك بوطقوقة.. فيما تتولى لطيفة المطروشي السكرتارية التنفيذية، والتصميم والإخراج لمنير حمّود، والتدقيق اللغوي لبسام الحفل. 

مشاركة :