تتجلى في المسجد النبوي قيم التراحم والإحسان في سباق إلى الخيرات بين المسلمين في الشهر المبارك، شهر الرحمة والغفران والحرص على المثوبة والأجر. ويبدأ الأهالي قبيل الإفطار تقديم آلاف وجبات الإفطار في المسجد النبوي وساحاته من خلال موائد متوارثة أبًا عن جد بصورة منظمة في جميع أرجاء المسجد النبوي وساحاته، إذ يحرص الجميع على تجهيزها وترتيبها للزوار والمصلين، والسباق لكسب الأجر في تفطير الصائمين. في مشهد إيماني في أروقة المسجد النبوي وساحاته، يتسابق الصغار والكبار مع أول أيام شهر رمضان المبارك، على تجهيز وتنظيم موائد الإفطار لضيوف الرحمن من الأهالي والزوار، فتصطف الموائد في منظر بديع، في كل مكان داخل المسجد النبوي وخارجه، في مشهد يعكس عادة مدينيه أصيلة عنوانها الكرم والإحسان والتكافل. وأوضح المواطن عبد الغني القش، أن خدمة الصائمين وإفطارهم شرف كبير ومفخرة يرجو بها الجميع الثواب والرضوان من الله تعالى، مؤكدًا أن والده -رحمه الله- بدأ هذا الأمر قبل أكثر من 70 عامًا، وهو يواصل وإخوته اليوم مسيرة والده في تفطير الصائمين، وغرسها في أبنائهم ليواصلوا هذا الشرف في بذل الخير والعطاء، وليقدموا أجمل الصور عن أهل المدينة المنورة في خدمتهم لضيوف الرحمن أثناء زيارتهم إلى طيبة الطيبة. ولفت القش، إلى أن "الموائد الرمضانية" التي تقدم إفطار الصائمين في المسجد النبوي وساحاته الخارجية، واحدة من أشهر عادات أهل المدينة المنورة في التكافل والتراحم والمنافسة على عمل وبذل الخير، التي توارثوها أبًا عن جد ويؤدونها في الشهر الفضيل كل عام. ذكر المواطن محمد الأحمدي أحد مقدمي موائد الإفطار في المسجد النبوي، أنه ارتبط بالمائدة الرمضانية التي كان يعدها والده -رحمه الله- قبل 68 عامًا، وتوارث هو وإخوته هذا الأمر من بعد والده لتستمر هذه المائدة لإفطار الصائمين. وأبدى سعادته نظير ما يسمعه من ضيوف الرحمن من مشاعر إيجابية ودعوات لا تنقطع، مشيرًا إلى حرصه على تعليم الأبناء وحضورهم إلى المائدة الرمضانية لخدمة الزوار والمواطنين، ليواصلوا نهجهم في المستقبل لهذه العادة الجميلة بين أبناء المدينة. في السياق نفسه تنظم وكالة شؤون المسجد النبوي بالتعاون مع مقدمي خدمة الإفطار، عملية الإفطار من إعداد الوجبات من خلال أصحاب الموائد أو عن طريق شركات الإعاشة المعتمدة وفق أعلى معايير الجودة لسلامة الصائمين، وتهيئة جميع السبل للقائمين على تقديمها وتحديد مواقع وضع السفر داخل المسجد وخارجه. وأوضحت الوكالة شؤون المسجد النبوي أن الأصناف المسموح بدخولها إلى المسجد النبوي هي التمر، واللبن الزبادي، والدقة، والخبز، والفطائر والقهوة والشاي، وتحضيرها وتقديمها للصائمين وفق الاشتراطات الصحية، مع الحرص على نظافة وتهيئة المسجد النبوي للمصلين، ومنع استخدام الوجبات السائلة بأنواعها عدا الماء والقهوة والشاي بالكميات المحددة حفاظًا على نظافة المسجد النبوي، والالتزام بالمواقع المحددة للمائدة، بالإضافة إلى مباشرة مقدمي الإفطار للخدمة أو من ينوب عنهم في تفطير الصائمين، ورفع المائدة في الوقت المحدد مع عدم وضع موائد الإفطار بعد صلاة المغرب. ويجري استقبال موائد الصائمين بعد انتهاء صلاة العصر من خلال أبواب محددة في جميع جهات المسجد النبوي، وخصصت الوكالة مراقبين ميدانيين يتولون الإشراف على دخول هذه الموائد حتى رفع موائد الإفطار وبقايا الطعام بطريقة منظمة وفي وقت وجيز قبل إقامة الصلاة بتعاون مشترك بين العاملين في المسجد النبوي وأصحاب الموائد. وأوضح مدير إدارة خدمات إفطار الصائمين بالمسجد النبوي وليد الجهني، أن عدد الموائد داخل المسجد النبوي يقارب 3035 مائدة، منها 2160 في قسم الرجال، وأكثر من 870 في قسم النساء، ويقدر عدد الموائد في ساحات المسجد النبوي بأكثر من 650 مائدة بأطوال كبيرة متفاوتة، مشيرًا إلى أن عدد الوجبات المقدمة 230156 تقريبًا قابلة للزيادة، منها 87805 وجبة داخل المسجد النبوي، و142351 وجبة في الساحات الخارجية للمسجد.
مشاركة :