بموجب التعديلات الجديدة جرى اعتماد نظام الدوائر المتعددة وتقسيم العراق جغرافيا إلى 83 دائرة بدل 18 وفق عدد المحافظات. - يرى محللون أن القانون الانتخابي الجديد موجه لتكريس مصالح الأحزاب التقليدية. - استفادت الأحزاب الناشئة والمرشحون المستقلون من الدوائر المتعددة التي تمنح المرشح حصيلة ما يحصل عليه من أصوات الناخبين. - في حين أن نظام الدائرة الواحدة يعطي للقائمة أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة. نجح مجلس النواب العراقي في 27 مارس/ آذار الجاري، في تمرير تعديلات مثيرة للجدل على قانون الانتخابات بعد مناقشتها في أكثر من جلسة خلال الأسابيع الماضية. ووفق الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، فإن المجلس صوت خلال جلسة في 27 مارس الجاري، بحضور 218 نائبا على قانون "التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والأقضية رقم (12) لسنة 2018". وبموجب التعديلات الأخيرة، فإن النظام الانتخابي الجديد ألغى النظام المعمول في انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وبموجبه اعتُمد نظام الدوائر المتعددة وقسم العراق جغرافيا إلى 83 دائرة بديلا عن النظام القديم، الذي يحدد أن كل محافظة (عددها 18) تمثل دائرة انتخابية واحدة. ويرى محللون أن القانون الانتخابي الجديد بدا وكأنه موجه لتكريس مصالح الأحزاب التقليدية المتضررة من التعديلات التي أقرها مجلس النواب بعد إطاحة الحركة الاحتجاجية بحكومة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019. واستفادت الأحزاب الناشئة والمرشحون المستقلون من الدوائر المتعددة التي تمنح المرشح حصيلة ما يحصل عليه من أصوات الناخبين، في حين أن نظام الدائرة الواحدة الذي أُعيد العمل به يعطي للقائمة الانتخابية أصوات الناخبين للمرشحين ضمن هذه القائمة. وحتى في حال حصول المرشح على أصوات أعلى من غيره ضمن نفس الدائرة الانتخابية لا يصل إلى مجلس النواب بسبب آلية توزيع المقاعد على القوائم الحزبية في نفس الدائرة. كما تعطي التعديلات الأخيرة، هيمنة واضحة للأحزاب التقليدية التي تملك ما يكفي من الإمكانيات لحشد الرأي العام والتعبئة الجماهيرية لصالح القائمة الانتخابية الخاصة بالكتل أو التحالفات السياسية. ** تراجع الأحزاب التقليدية وخلافا لجميع نتائج الانتخابات التشريعية الأربعة (2006 و2010 و2014 و2018)، تراجع أداء الأحزاب التقليدية لصالح الأحزاب الناشئة والمستقلين، إضافة إلى التيار الصدري الذي نجح في استغلال النظام الانتخابي في أوساط قاعدته الجماهيرية ليحصل على المرتبة الأولى بـ 73 نائبا (من أصل 329 نائبا)، بانتخابات مجلس النواب الأخيرة. فيما فاز المستقلون وأحزاب صغيرة، بعضها انبثق عن الحركة الاحتجاجية، بأكثر من 70 مقعدا. ورفضت قوى الإطار التنسيقي التي خسرت، نتائج الانتخابات ووجهت أتباعها للنزول إلى الشوارع احتجاجا على النتائج بدعوى تزويرها. لكن القرارات غير المدروسة وحالة التخبط التي كان رئيس التيار الصدري مقتدى الصدر يعيشها طيلة 8 أشهر من المناورات السياسية، وعوامل أخرى قادت قوى الإطار التنسيقي ثانية إلى واجهة المشهد السياسي وتشكيل الحكومة التي يقودها ائتلاف "إدارة الدولة" الذي يضم تقريبا جميع القوى السياسية الشيعية والكردية والسنية، إضافة إلى مستقلين وأحزاب صغيرة. وانسحب تيار الصدر من مجلس النواب في يونيو/ حزيران 2022، بعد أن سعى لإسقاط النظام السياسي باستخدام القوة المسلحة للاستيلاء على الحكم طيلة يومين من الاشتباكات المسلحة داخل المنطقة الخضراء يومي 29 و30 أغسطس/ آب 2022 والتي انتهت بإعلانه اعتزال العمل السياسي. ** التحالفات.. مفتاح الأحزاب الصغيرة تسيطر على مجلس النواب العراقي أغلبية تمثل قوى الإطار التنسيقي الذي يضم معظم القوى السياسية الشيعية الرئيسية باستثناء التيار الصدري، وأجنحة سياسية لعدد من المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران. وأثارت التعديلات على قانون الانتخابات غضب الأحزاب الصغيرة والحركة الاحتجاجية التي ترى أنها "مصممة" لخدمة مصالح الأحزاب التقليدية التي هيمنت على المشهد السياسي طيلة مرحلة ما بعد غزو العراق واحتلاله عام 2003. لكن سعد الراوي، وهو أحد أبرز الخبراء في الانتخابات وقوانينها والذي شغل سابقا منصب نائب رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، قال للأناضول، إن "التعديل الأخير يقلل من استفادة الأحزاب الصغيرة لصالح الأحزاب الكبيرة أو الائتلافات الانتخابية". وأضاف: "يمكن لهذه الأحزاب الصغيرة تجاوز تداعياته عبر تشكيل تحالفات واسعة قد تحقق نتائج أفضل من أي حزب كبير معروف في حال وضعت خطة انتخابية تأخذ بالحسبان توزيع المرشحين وتوزع الناخبين المؤيدين". وأفاد بأن الأحزاب الناشئة لديها فرصة كبيرة "لاستقطاب نسبة مهمة من الناخبين الذين عزفوا عن المشاركة في الانتخابات السابقة إذا نجحت في إقناعهم بمشروع سياسي إصلاحي قادر على سحب البساط من تحت أقدام الأحزاب الكبيرة". وأوضح أن ذلك "طالما نسب المشاركة في الانتخابات السابقة متدنية نتيجة عدم الإقبال على التصويت، والتي يمكن تعديلها لصالح هذه الأحزاب بمشاركة أوسع من الناخبين المؤيدين لها". ** انتقادات قوبلت التعديلات بانتقادات واسعة من قوى الحركة الاحتجاجية وناشطي التيار الصدري ومن مقربين من مرجعية النجف. وفي تصريحات صحفية، اعتبر عضو كتلة "اشراقة كانون النيابية" باسم الغرابي، أن أبرز الاعتراضات على القانون الجديد تتلخص في ضرورة "أن يكون المرشح الفائز من المحافظة نفسها، وليس مرشح من مدينة أو محافظة أخرى ويرشح اسمه في غير محافظة، ومنع مسألة الترشيح في مناطق أخرى غير ساكن فيها المرشح". وعلى ما يبدو فإن الحركة الاحتجاجية تعد لتظاهرات رافضة للتعديلات الأخيرة وتمرير طريقة "سانت ليغو" في توزيع المقاعد النيابية بين القوى الفائزة في الانتخابات. وسبق أن اعترض عبد المهدي الكربلائي، الممثل البارز عن مرجعية النجف، على آلية الانتخابات الجديدة، وقال في تصريحات لقناة "كربلاء الفضائية"، إنه "لا للقائمة المغلقة، لا للدائرة الواحدة". ولا تبدو هناك أي احتمالات لأن يدعو رئيس التيار الصدري أتباعه للنزول إلى الشارع في محاولة للاحتجاج على التعديلات الأخيرة التي نجحت قوى الإطار التنسيقي في إضفاء الشرعية الدستورية عليها من خلال إقرارها في مجلس النواب. كما أنه لا يوجد ما يؤكد على أن عموم العراقيين الذين قاطعوا دورة انتخابية أو أكثر من دورة خلال السنوات الماضية سيشاركون بنسبة أعلى في الانتخابات. وعلى العكس من ذلك، فإن جميع المعطيات تشير إلى أن الانتخابات القادمة ستشهد تراجعا في نسب المشاركة إلى ما دون العشرين بالمئة، وهذا لا يعني الكثير طالما أن قانون الانتخابات يخلو من أي عتبة انتخابية لتحديد شرعيتها وفق نسبة المشاركة فيها. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :