قراءة في خصوصية العلاقات الهندية – الخليجية

  • 4/1/2023
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تعد‭ ‬‮«‬الهند‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬قربًا‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الجغرافية،‭ ‬والتاريخية،‭ ‬والثقافية‭ ‬لأجيال‭ ‬طويلة‭ ‬ممتدة‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬تمثل‭ ‬العمالة‭ ‬الهندية‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬حيث‭ ‬تبلغ‭ ‬حوالي‭ ‬9‭ ‬ملايين‭ ‬شخص،‭ ‬تبلغ‭ ‬تحويلاتهم‭ ‬نحو‭ ‬89‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬65%‭ ‬من‭ ‬تحويلات‭ ‬العاملين‭ ‬الواردة‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬بلدان‭ ‬العالم‭. ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬يمثل‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬تعداد‭ ‬سكان‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬نحو‭ ‬20%‭ ‬تقريبا‭. ‬من‭ ‬جانبها،‭ ‬أتاحت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لهذه‭ ‬العمالة‭ ‬حرية‭ ‬إقامة‭ ‬معابدهم‭ ‬وجمعياتهم،‭ ‬فيما‭ ‬يتميز‭ ‬الهنود‭ ‬بالتواصل‭ ‬مع‭ ‬محيطهم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولا‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬العزلة،‭ ‬ولهذا‭ ‬تتواصل‭ ‬الثقافة‭ ‬الهندية‭ ‬مع‭ ‬العربية‭.‬ وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬الهند‭ ‬الكبير‭ ‬البالغ‭ ‬1‭.‬40‭ ‬مليار‭ ‬نسمة،‭ ‬والذي‭ ‬أصبح‭ ‬يتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬الصين،‭ ‬وبرغم‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الفقر‭ ‬فيها،‭ ‬حيث‭ ‬يبلغ‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬فقر‭ ‬مدقع‭ ‬360‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬فيما‭ ‬تشير‭ ‬تقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬77%‭ ‬من‭ ‬سكانها‭ ‬هم‭ ‬دون‭ ‬خط‭ ‬الفقر؛‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تظل‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬موردي‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬لدول‭ ‬الخليج،‭ ‬ومن‭ ‬أهمها‭ ‬الحبوب‭ ‬والأرز‭ ‬واللحوم‭. ‬ وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬الهند‮»‬،‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬مستورد‭ ‬للنفط‭ ‬عالميًا‮»‬،‭ ‬بعد‭ ‬الصين،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بما‭ ‬قيمته‭ ‬نحو‭ ‬119‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬فإن‭ ‬وارداتها‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬تمثل‭ ‬أهم‭ ‬مصادر‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬الطاقة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬استفادتها‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬بسبب‭ ‬العقوبات‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬موسكو،‭ ‬حيث‭ ‬تؤمن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬قرابة‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭. ‬وتأتي‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الأولى،‭ ‬تليها‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬المورد‭ ‬الرئيسي‭ ‬للغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال،‭ ‬وتوفر‭ ‬لها‭ ‬نحو‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها‭ ‬منه؛‭ ‬وعليه،‭ ‬فقد‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬الهندي‭ ‬الخليجي‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬نحو‭ ‬154‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬55‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬عام‭ ‬2000‭.‬ وتشير‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬إلى‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة،‭ ‬والمواقف‭ ‬المتماثلة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬إزاء‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية،‭ ‬فالهند‭ ‬لها‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لها‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الأقطاب‭ ‬الثلاثة؛‭ ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬أن‭ ‬يتخذ‭ ‬موقفًا‭ ‬منحازًا‭ ‬لطرف‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭. ‬فيما‭ ‬تجلت‭ ‬أيضا‭ ‬هذه‭ ‬الروابط‭ ‬أيضا‭ ‬أثناء‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬حين‭ ‬أمدت‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬السعودية‭ ‬‮«‬الهند‮»‬،‭ ‬بأطنان‭ ‬من‭ ‬أنابيب‭ ‬الأوكسجين‭. ‬وحين‭ ‬حلت‭ ‬أزمة‭ ‬الحبوب،‭ ‬بسبب‭ ‬العملية‭ ‬العسكرية‭ ‬الروسية‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬تم‭ ‬استثناء‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬حظر‭ ‬صادرات‭ ‬الهند‭ ‬من‭ ‬القمح‭. ‬فيما‭ ‬تستفيد‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬الصعود‭ ‬التنموي‭ ‬الذي‭ ‬تحققه‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬مشروعاتها‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التنموية‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬العلاقات‭ ‬الهندية‭ ‬الخليجية‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬المسار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لكلا‭ ‬الجانبين،‭ ‬وتعد‭ ‬مرشحة‭ ‬للتنامي‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعوقها‭ ‬الاقتراب‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬باكستان،‭ ‬أو‭ ‬تبني‭ ‬السعودية‭ ‬لقضايا‭ ‬المسلمين‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬مسلمو‭ ‬الهند،‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬قرابة‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬تعداد‭ ‬سكانها‭.‬ وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا،‭ ‬أعلنت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والهند‭ ‬يوم‭ ‬24‭ ‬نوفمبر2022،‭ ‬إعادة‭ ‬إطلاق‭ ‬مفاوضات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقات‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬واستقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المشتركة‭. ‬وتستفيد‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬من‭ ‬الأرضية‭ ‬القوية‭ ‬لعلاقات‭ ‬التعاون‭ ‬القائمة‭ ‬بالفعل‭ ‬بينهما،‭ ‬كما‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬الجولات‭ ‬السابقة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬تجارة‭ ‬حرة‭ ‬عامي‭ ‬2004‭ ‬و2006،‭ ‬وأسباب‭ ‬توقف‭ ‬هذه‭ ‬الجولات‭ ‬حتى‭ ‬يمكنها‭ ‬تحقيق‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬مسارات‭ ‬لنمو‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المتبادلة،‭ ‬والتي‭ ‬تتعدد‭ ‬فرصها‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬قارة‭ ‬بذاتها‭. ‬وفيما‭ ‬يركز‭ ‬الجانب‭ ‬الخليجي‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والمعرفة‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬فإن‭ ‬الجانب‭ ‬الهندي‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭.‬ وتبدو‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الدور‭ ‬المتعاظم‭ ‬للهند‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الدولية،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬تحقيقها‭ ‬مستويات‭ ‬نمو‭ ‬عالية‭ ‬تتجاوز10%‭ ‬سنويًا،‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬وحرص‭ ‬تكتلات‭ ‬ودول‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬اتفاقيات‭ ‬وإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬معها،‭ ‬مع‭ ‬توقع‭ ‬تجاوزها‭ ‬النمو‭ ‬الصيني‭. ‬وبالفعل،‭ ‬تتقدم‭ ‬الهند‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬تقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬والقطاع‭ ‬الصناعي‭. ‬وتشكل‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬واجهة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الهندي‭ ‬الحديث،‭ ‬وتعد‭ ‬أسرع‭ ‬قطاعاته‭ ‬نموًا،‭ ‬وتدر‭ ‬على‭ ‬البلاد‭ ‬قرابة‭ ‬13‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويًا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬مقرًا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬الأمريكية‭ ‬العملاقة،‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬فيما‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬وتوطين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصناعات‭ ‬بها‭.‬ وترتكز‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬المتوقعة‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الوطيدة‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬السعودية،‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬معها‭ ‬بعد‭ ‬استقلال‭ ‬الهند‭ ‬مباشرة‭ ‬عام‭ ‬1947‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬أخذت‭ ‬العلاقات‭ ‬منحى‭ ‬تصاعديا،‭ ‬وتعددت‭ ‬الزيارات‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الدولتين،‭ ‬وغدت‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬،‭ ‬حاليًا‭ ‬الشريك‭ ‬التجاري‭ ‬الرابع‭ ‬لـ«نيودلهي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تستورد‭ ‬منها‭ ‬20%‭ ‬من‭ ‬حاجتها‭ ‬للنفط،‭ ‬فيما‭ ‬تعد‭ ‬السعودية‭ ‬ثامن‭ ‬أكبر‭ ‬سوق‭ ‬للصادرات‭ ‬الهندية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الجالية‭ ‬الهندية‭ ‬بها‭ ‬–‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬3‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬–‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬تحويلات‭ ‬مالية‭ ‬إلى‭ ‬بلادها‭.‬ في‭ ‬الإطار‭ ‬ذاته،‭ ‬شهدت‭ ‬العلاقات‭ ‬السعودية‭ ‬الهندية،‭ ‬‮«‬تحولا‭ ‬تاريخيا‮»‬،‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬دلهي‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬2006،‭ ‬أثناء‭ ‬زيارة‭ ‬الملك‭ ‬‮«‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬‮«‬إعلان‭ ‬الرياض‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬2010،‭ ‬الذي‭ ‬مثل‭ ‬قيام‭ ‬الشراكة‭ ‬الحقيقية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وتأسيس‭ ‬‮«‬لجنة‭ ‬سعودية‭ ‬هندية‮»‬،‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭. ‬وبعد‭ ‬زيارة‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬الهند‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬قام‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الهندي،‭ ‬‮«‬نار‭ ‬بندرا‭ ‬مودي‮»‬،‭ ‬بزيارة‭ ‬الرياض،‭ ‬وأعلن‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فرصًا‭ ‬للاستثمار‭ ‬بالهند‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وسبق‭ ‬‮«‬لمودي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬زار‭ ‬السعودية‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬ونتج‭ ‬عن‭ ‬زيارته‭ ‬في‭ ‬2017‭ ‬و2018،‭ ‬استثمارات‭ ‬سعودية‭ ‬في‭ ‬تكرير‭ ‬النفط‭ ‬والبتروكيماويات،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬الإسكان،‭ ‬وإنتاج‭ ‬الكهرباء،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬عليها‭ ‬البلدان‭ ‬مصفاة‭ ‬‮«‬راتنا‭ ‬غيري‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تبلغ‭ ‬تكلفتها‭ ‬44‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬ أما‭ ‬‮«‬الإمارات‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الهند‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬1972،‭ ‬فقد‭ ‬أعلنت‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬إقامة‭ ‬الشراكة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الشاملة‭ ‬معها؛‭ ‬لتدشن‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬التاريخية،‭ ‬وغدت‭ ‬بذلك‭ ‬ثالث‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬لها‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬التجارة‭ ‬الثنائية‭ ‬غير‭ ‬النفطية‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬5‭ ‬سنوات‭. ‬ومن‭ ‬المعلوم،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دبي‮»‬،‭ ‬ظلت‭ ‬تمثل‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬مركزًا‭ ‬تجاريًا‭ ‬إقليميًا‭ ‬لإعادة‭ ‬تصدير‭ ‬المنتجات‭ ‬الهندية‭. ‬وتعد‭ ‬زيارة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الهندي‭ ‬للإمارات‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬‮«‬نقطة‭ ‬تحول‮»‬،‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوز‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬بينهما‭ ‬قرابة‭ ‬60‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬180‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬السبعينيات،‭ ‬فيما‭ ‬نمت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المتبادلة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬2003‭ ‬إلى2021،‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬57‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬تمثل‭ ‬نسبة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الهندية‭ ‬فيها‭ ‬نحو‭ ‬54%‭.‬ وتمتد‭ ‬جذور‭ ‬العلاقات‭ ‬الهندية‭ ‬الكويتية‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬وازدهرت‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬إبان‭ ‬حكم‭ ‬الشيخ‭ ‬مبارك‭ ‬الكبير،‭ ‬وكانت‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬الكويتية‭ ‬تحمل‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬والتمور‭ ‬والبضائع‭ ‬إلى‭ ‬القارة‭ ‬الهندية،‭ ‬وتعود‭ ‬محملة‭ ‬بالمنتجات‭ ‬الهندية‭. ‬وفي‭ ‬يونيو‭ ‬1962،‭ ‬بدأت‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وتمثل‭ ‬الجالية‭ ‬الهندية‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬26%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الوافدين‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬3.4‭ ‬ملايين‭ ‬شخص،‭ ‬وتبلغ‭ ‬نسبتهم‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬الكويت‭ ‬30%،‭ ‬أما‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بينهما،‭ ‬فيبلغ‭ ‬نحو‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬فيما‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الكويتية‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬5‭.‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬مع‭ ‬توقع‭ ‬زيادتها‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭.‬ وكبقية‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تعد‭ ‬الجالية‭ ‬الهندية‭ ‬في‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬الأكبر،‭ ‬وبلغ‭ ‬عددها‭ ‬نحو‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬وترجع‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬إلى‭ ‬أوائل‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حين‭ ‬تم‭ ‬تعيين‭ ‬أول‭ ‬قائم‭ ‬بأعمال‭ ‬للسفارة‭ ‬القطرية‭ ‬في‭ ‬‮«‬نيودلهي‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬وأول‭ ‬سفير‭ ‬في‭ ‬1974‭. ‬وفي‭ ‬2022‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بينهما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬18‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭. ‬وتستورد‭ ‬‮«‬الهند‮»‬‭ ‬من‭ ‬‮«‬قطر‮»‬،‭ ‬الأمونيا،‭ ‬واليوريا،‭ ‬والبولي‭ ‬إيثلين،‭ ‬والبوروبلين‭. ‬وتعتبر‭ ‬‮«‬نيودلهي‮»‬،‭ ‬أكبر‭ ‬مستوردي‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭ ‬من‭ ‬الدوحة،‭ ‬حيث‭ ‬غدت‭ ‬رابع‭ ‬أكبر‭ ‬وجهة‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬اليابان،‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬وسنغافورة،‭ ‬ويتم‭ ‬استيراده‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬وقعها‭ ‬الجانبان‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬بـ7‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬لمدة‭ ‬25‭ ‬عاما‭. ‬وفي‭ ‬ديسمبر‭ ‬2015،‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬هذه‭ ‬الكمية‭ ‬بمليون‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭. ‬ولدى‭ ‬تبادل‭ ‬الزيارات‭ ‬بين‭ ‬زعماء‭ ‬البلدين‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬تم‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬6‭ ‬اتفاقيات‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مجالات،‭ ‬أهمها‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬والاتصالات‭. ‬ ووفقًا‭ ‬لـ‮«‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬قطر‮»‬،‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬شركة‭ ‬هندية‭ ‬كبيرة‭ ‬وصغيرة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬قطر،‭ ‬وبلغ‭ ‬استثمارات‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬نحو‭ ‬450‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬فيما‭ ‬يبدي‭ ‬‮«‬جهاز‭ ‬قطر‭ ‬للاستثمار‮»‬،‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الهندي‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬والعقارات‭ ‬ومحطات‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وفي‭ ‬2019‭ ‬اشترى‭ ‬الجهاز‭ ‬25%‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬أداني‮»‬‭ ‬لتوزيع‭ ‬الكهرباء،‭ ‬بقيمة‭ ‬بلغت‭ ‬450‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭.‬ وأقامت‭ ‬‮«‬سلطنة‭ ‬عُمان‮»‬،‭ ‬سفارتها‭ ‬في‭ ‬‮«‬نيودلهي‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬1972،‭ ‬فيما‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬لجنة‭ ‬مشتركة،‭ ‬برئاسة‭ ‬وزيري‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬لكلا‭ ‬البلدين‭. ‬ويعد‭ ‬التعاون‭ ‬الأمني‭ ‬البحري‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬مكافحة‭ ‬القرصنة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬بينهما‭. ‬وتضم‭ ‬الجالية‭ ‬الهندية‭ ‬نحو‭ ‬492‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬10%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬سكان‭ ‬السلطنة‭ ‬البالغ‭ ‬5‭.‬6‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة،‭ ‬وتجاوز‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬6‭.‬7‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2022‭. ‬وتحتل‭ ‬الهند‭ ‬المركز‭ ‬الثاني،‭ ‬بعد‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬السلطنة،‭ ‬بحجم‭ ‬واردات‭ ‬بلغ‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬4‭.‬9‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬فيما‭ ‬تقوم‭ ‬نحو‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬شركة‭ ‬هندية‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬السلطنة‭ ‬بإجمالي‭ ‬رأسمال‭ ‬33‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬ أما‭ ‬‮«‬مملكة‭ ‬البحرين‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الهند‮»‬،‭ ‬عام‭ ‬1971،‭ ‬فقد‭ ‬وقفت‭ ‬مع‭ ‬ترشيحها‭ ‬كي‭ ‬تكون‭ ‬عضوًا‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬وفي‭ ‬ديسمبر‭ ‬2007‭ ‬أقامت‭ ‬‮«‬الجمعية‭ ‬البحرينية‭ ‬الهندية‮»‬،‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬ندوة‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬وفي‭ ‬2014،‭ ‬زار‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬الهند،‭ ‬وتم‭ ‬توقيع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مذكرات‭ ‬التفاهم‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬يتجاوز‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بينهما‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بصادرات‭ ‬هندية‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬900‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬وصادرات‭ ‬بحرينية‭ ‬تتجاوز‭ ‬500‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭. ‬وقد‭ ‬اختارت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الهندية‭ ‬إنشاء‭ ‬مشروعاتها‭ ‬الصناعية‭ ‬والتجارية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فيما‭ ‬يعد‭ ‬الألومنيوم‭ ‬والمنتجات‭ ‬النفطية،‭ ‬أهم‭ ‬صادرات‭ ‬البحرين‭ ‬للهند‭. ‬ويعمل‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬بينهما‭ ‬اللجنة‭ ‬العليا‭ ‬المشتركة،‭ ‬وكذلك‭ ‬‮«‬منتدى‭ ‬الأعمال‭ ‬البحريني‭ ‬الهندي‮»‬،‭ ‬والتواصل‭ ‬بين‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‮»‬،‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الهندي،‭ ‬ولقاءات‭ ‬وزيري‭ ‬خارجية‭ ‬البلدين‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬تمثل‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬و«الهند‮»‬،‭ ‬‮«‬أساسًا‭ ‬قويًا»؛‭ ‬لقيام‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬الخليجية‭-‬الهندية،‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬إضافة‭ ‬نوعية‭ ‬إلى‭ ‬خصوصية‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬المستمرة‭ ‬من‭ ‬قرون،‭ ‬وتعزز‭ ‬مكانة‭ ‬المجلس‭ ‬كقوة‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدولي‭ ‬لمجموعة‭ ‬الدول‭ ‬النامية،‭ ‬الذي‭ ‬تعد‭ ‬الهند‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أعمدتها‭.‬

مشاركة :