بحلول شهر ابريل/نيسان، يكون قد مضى 40 عاما على إنشاء دائرة الثقافة بإمارة الشارقة، وعلى مدار العقود الأربعة الماضية حققت الدائرة رصيداً ضخماً من الإنجازات التي جعلت من الدائرة واحدة من أبرز المؤسسات العاملة في حقل الثقافة على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة، والخليج والمنطقة العربية، إضافة إلى حضورها الدولي البارز والذي تجسّد عبر مجموعة من الأنشطة والمبادرات في إطار مشروع الشارقة الثقافي. مجلة "الرافد" التي تعد أحد منجزات الدائرة من الإصدارات الدورية، احتفت في عددها الجديد رقم 308 لشهر نيسان/أبريل 2023، بمسيرة الإنجاز وقدمت قائمة بما قامت به الدائرة من أنشطة ثقافية على المستوى المحلي والعربي والدولي، وما أثرت به المكتبة العربية من إصدارات، وما حصدته من جوائز. وفي افتتاحية العدد الجديد من مجلة "الرافد"، أكد الكاتب المُبدع والمثقف الكبير الدكتور عمر عبدالعزيز، على أنه من الصعوبة بمكان حصر الفعاليات الثقافية في إمارة الشارقة، وأنه بالإضافة إلى جملة الفعاليات الفنية والثقافية في حقول التشكيل والمسرح والشعر، يتواصل الزخم لمزيد من النماء النوعي والكمي. ونوًه عبد العزيز إلى المعارض الحروفية والتشكيلية التي تتجه نحو ترسيخ الخصوصيات المرتبطة بالفنون الإسلامية في ترحال رشيق على دروب تنويعاتها، من زخرفة وحروفية، ونمنمة، ونقش ورقش، وتوشيات "صوتبصرية" تستخرج أجمل ما في تلك الفنون من غنائيات صادحة، كما توقف عند الأمسيات الشعرية والأدبية بعامة والتي تتجه إلى مواضيع متصلة ببرنامج المرئيات المتجدد بحسب المتغيرات. وفي متواليات الإصدارات السنوية لدائرة الثقافة وموازياتها الثقافية الفنية في المؤسسات الثقافية الأخرى تتم العناية الخاصة بالمواضيع ذات الصلة بالمرئيات المعتمدة، وبرامج التنفيذ المخطط لها، غير أن الجامع المشترك بين كل هذه الفعاليات يوازي استمرار العطاء الثقافي بذات الزخم وتفعيل الحواضن المؤسسية الجامعة للمعاني، وترسيخ التقاليد الحميدة المقرونة بقواعد المعايير الإبداعية. عهد ميمون في الثقافة العربية وبطبيعة الحال، وكما يؤكد الدكتور عمر عبد العزيز، فإن متوالية البرامج الخاصة تستمر ببينالي الشارقة الدولي للفنون وأيام الشارقة المسرحية، وأيام الشارقة التراثية ومهرجانات الترسيخ الجمالي للمشاهد البصرية، بما في ذلك مهرجان الأضواء. كما تستمر النشاطات التقليدية اليومية والأسبوعية في مختلف الهيئات والمؤسسات ذات الصلة. وبهذا المعنى نرصد الانزياحات الدلالية والمعنوية في سلسلة الفعاليات التي تفيض بما تعتمل به من رسائل ورؤى لتبقى شارقة سلطان، شاهداً على عهد ميمون في الثقافة العربية. وتتواصل مبادرات وتوجيهات ربان السفينة الشيخ الدكتور سلطان بن القاسمي، لإكساء الفعل الثقافي الشامل قيماً متجددة وإبحارات متنوعة محمد وصولا إلى طمأنينة الثقة بخيارات الشارقة، ومنهج التفاعل الحميد مع حكمة التاريخ الزماني والجغرافيا المكانية. المرسوم الأميري واستحضرت مجلة الرافد في صفحاتها الخاصة التي احتفت من خلالها بمرور 40 عاما على تأسيس دائرة الثقافة بالشارقة، استحضرت أولى محطات تأسيس الدائرة بإمارة الشارقة، في 30 إبريل/نيسان 1981م، عندما أصدر الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة المرسوم الأميري رقم (20) القاضي بإنشاء الدائرة الثقافية التي عرفت فيما بعد بـ "دائرة الثقافة"، بموجب المرسوم الأميري رقم 13/2017م. ووفقا للمجلة فقد جاء إنشاء الدائرة بغرض تعزيز الجهد الثقافي المبذول. والعمل على تطوير وتوسيع قاعدة العمل الثقافي الخلاق. ليصل إلى المواطن والمقيم في كل مكان. وقد حرصت الدائرة عند قيامها على تحقيق ذلك عبر أنشطة ثقافية عربية واسلامية توثر وتناثر بالثقافة الإنسانية في مفهومها الشامل والواسع، منطلقة من شعار حاكم الشارقة: "كفانا من ثورة الكونكريت، ولنتحول إلى بناء الإنسان". المشروع الثقافي الكبير وقد عبّر المرسوم الأميري الذي أصدره حاكم الشارقة بإنشاء الدائرة، عن حجم الطموحات التي كان يتطلع إليها سموه، بل يمكن التأكيد على أن الأهداف التي رسمها سموه للدائرة في هذا المرسوم هي المبادئ الأساسية نفسها التي بني عليها المشروع الثقافي الكبير الذي انطلق من الشارقة، ونضج وتبلورت ملامحه، وأصبح على ما هو عليه اليوم تألقا وقوة تأثير على مختلف المستويات. وكان من أبرز الأهداف التي سعت الدائرة إلى تحقيقها: - تحديد أولويات العمل الثقافي بما يتفق مع الاحتياجات الفعلية لاستراتيجية طويلة المدى. - المحافظة على الثقافة والفنون الوطنية. - تقديم الأنشطة والبرامج التي تعمل على تأصيل القيم العربية والإسلامية، والتي تساهم في إيجاد الشخصية الوطنية القادرة على العطاء. - توسيع أطر وآفاق المعرفة بما يخدم أهداف التنمية بمنظورها الشمولي اجتماعيا واقتصاديا وسياسياً. - المحافظة على التراث والتعريف به. - التعاون مع الأجهزة والمؤسسات الثقافية المحلية والعربية والدولية بما يخدم أهداف العمل الثقافي. المؤسسة الأم وخلال وقت قصير استطاعت الدائرة أن تؤكد فاعليتها عبر حزمة من المبادرات الكبيرة في مجالات إصدار الكتب والدوريات، وتنظيم المهرجانات والندوات الكبرى، والأمسيات والمعارض والجوائز والتكريمات وسواها من الفعاليات مغطية مختلف حقول الثقافة والفكر والفن والأدب كالمسرح والتراث والآثار، والتشكيل وسواها ومع توسع مشروع الشارقة الثقافي، وامتداد أنشطته، ومع تعاظم حجم العمل فيه، بادر حاكم الشارقة راعي هذا المشروع إلى إصدار عدد من المراسيم القاضية بإيجاد مؤسسات جديدة انطلاقا من المؤسسة الأم "دائرة الثقافة" فكان أن ظهرت هيئة الشارقة للكتاب، ومؤسسة الشارقة للفنون، ومعهد الشارقة للتراث، وهيئة الشارقة للمتاحف، وهيئة الشارقة للآثار، وسواها من المؤسسات التي كانت قبل ذلك جزءاً من دائرة الثقافة. ووفقا للملف الذي نشرته مجلة "الرافد" فإن هذا التوزيع الجديد للعمل أعطى الفرصة للدائرة كي تطور أداءها في المجالات التي أوكل إليها أمر العمل فيها مستفيدة من الدعم الكبير ل حاكم الشارقة لها وموظفة رصيدها الغني من الخبرة لتطوير العمل، والارتقاء به إلى مستوى ما حققته الشارقة من منجزات في المجالات الأخرى. حزمة من الفعاليات واليوم تنظم الدائرة وتشرف على حزمة من الفعاليات الكبيرة لعل من أهمها: أيام الشارقة المسرحية مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي ملتقى الشارقة للمسرح العربي مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي مهرجان الشارقة للمسرح المدرسي مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة ملتقى الشارقة للبحث المسرحي مهرجان المسرح الكشفي مهرجان خورفكان المسرحي. وفي الشعر تنظم الدائرة مهرجان الشارقة للشعر العربي، ومهرجان الشارقة للشعر النبطي وفي الفنون تنظم ملتقى الشارقة للخطّ مهرجان الفنون الإسلامية مشروع كتاتيب، وفعاليات أخرى كثيرة، منها ما هو دوري، ومنها ما هو غير ذلك. يضاف إلى هذه الفعاليات بعض المبادرات بالغة الأهمية لعل من أبرزها مبادرة بيوت الشعر العربية التي وجه إليها حاكم الشارقة، حيث أمر سموه بإنشاء بيوت للشعر في مدن الأقصر في مصر، والمفرق في الأردن والخرطوم في السودان، والقيروان في تونس ومراكش والرباط في المغرب ونواكشوط في موريتانيا. وإضافة إلى ذلك تقدم دائرة الثقافة في الشارقة حزمة من الجوائز التي تعد اليوم الأهم والأبرز على الساحة العربية ومن هذه الجوائز: - جائزة الشارقة للإبداع العربي - الإصدار الأول، جائزة الشارقة للشعر العربي جائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي جائزة الشارقة للثقافة العربية - اليونيسكو جائزة الشارقة للتأليف المسرحي جائزة الشارقة لنقد الشعر العربي.. وتولي دائرة الثقافة في الشارقة الكتب والدوريات عناية خاصة فقد أصدرت إدارة الدراسات والنشر في الدائرة 1933 كتاباً حتى الآن غطّت مختلف فروع المعرفة والثقافة والفن والأدب. أما على صعيد الدوريات فالدائرة تصدر سبع مجلات شهرية هي الرافد الشارقة الثقافية الشرقية الوسطى المسرح الحيرة من الشارقة، القوافي، فضلا عن الإصدارات غير الدورية والمتمثلة بالنشرات الإعلامية اليومية التي ترافق الفعاليات الكبرى التي تنظمها الدائرة. وامتثالا لتوجيهات حاكم الشارقة بتغطية جميع مناطق الإمارة، بحيث تكون هذه المناطق مشمولة بالفعاليات والأنشطة، فقد افتتحت الدائرة مكاتب لها في خورفكان وكلباء، ودبا الحصن، ووادي الحلو. وتحرص الدائرة على الدوام على أن توزع فعالياتها على هذه المناطق. رصيد غني من الإصدارات والجوائز وفي تقرير آخر أشارت مجلة "الرافد" إلى أن دائرة الثقافة في الشارقة تحتفظ بسجل حافل من الإنجازات في مجال الجوائز التي حصلت عليها، أو ترشحت لها، إصداراتها من الكتب التي أثرت المكتبة الوطنية والعربية وساهمت في سد فجوة كبيرة في احتياجات المكتبة، إضافة إلى تلبية الدراسات والبحوث التي يجريها المهتمون في عالم الآداب والمعرفة والمبدعون، وطلاب العلم في الجامعات الوطنية والعربية وطلاب الدراسات العليا. واللافت في إصدارات الدائرة أنها تتصدر مشهد الجوائز التي تمنحها المؤسسات الوطنية والعربية ذات المصداقية، والمعنية بجودة الكتاب وجديته وأصالة محتواه، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى جدارة التجربة الرائدة لدائرة الثقافة في الشارقة بالمكانة المتقدمة التي تحتلها في مجال الفعل الثقافي القائم على الرصانة والطموح والالتزام بقيم الوعي والمعرفة، وهو ما يشكل جزءاً أساسياً من جوهر المشروع الثقافي الكبير الذي أطلقه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة. وقد بلغ عدد الإصدارات الحاصلة على جوائز 25 إصداراً، ومن هذه الجوائز التي كان لإصدارات دائرة الثقافة في الشارقة حضور متصدر فيها: - جائزة الشيخ زايد للكتاب الإمارات العربية المتحدة. - جائزة منظمة المرأة العربية في العلوم الاجتماعية جامعة الدول العربية، وجائزة عبد الحميد شومان: الأردن، وجائزة العويس ندوة الثقافة والعلوم الإمارات العربية المتحدة، وجائزة دبي الثقافية للإبداع الإمارات العربية المتحدة. - جائزة شنقيط للآداب، جائزة الدولة التقديرية موريتانيا، وجوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب الشارقة الإمارات العربية المتحدة، وجائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي المركز العربي للأدب الجغرافي: الإمارات العربية المتحدة، وجوائز المجلس الأعلى للثقافة جمهورية مصر العربية جوائز مهرجان الشارقة القرائي للطفل الشارقة الإمارات العربية المتحدة، وجوائز اتحاد كتاب مصر. - كما تم رصد كتاب انطولوجيا القصة القصيرة النسوية والصادر عن الدائرة ضمن أفضل 50 إصدارا في الإمارات العربية المتحدة، بمناسبة مرور 50 عاما على تأسيس الدولة. ومؤخراً اغتنت القائمة بوجود كتاب نظرية المجاز في الشعر المعاصر لمؤلفه الدكتور محمد زيدان والصادر عن الدائرة، ضمن قوائم الفائزين بجوائز الدورة الـ 54 المعرض القاهرة الدولي الكتاب والتي اعلنتها الهيئة المصرية العامة للكتاب بحضور الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة شملت جوائز المعرض 10 فرعا بإجمالي 9 مجالات هي الرواية والقصة القصيرة وشعر الفصحى وشعر العامية، والنقد الأدبي وكتاب الطفل، والكتاب العلمي والدراسات الإنسانية، بالإضافة إلى مجالين للشباب تحت سن 35 عاماً في هذه الدورة، وهما شعر العامية وأدب الطفل. وقد فاز نظرية المجاز في الشعر المعاصر في فرع النقد الأدبي، والكتاب يقترح نظرية جديدة في البلاغة العربية لا تستبعد النظرية القديمة، بل تسير بجوارها، خاصة أن النظرية الكلاسيكية عجزت عن مواكبة التطور الحادث في النص الأدبي، سواء على مستوى الشعر أو القصة أو المسرحية أو الرواية.
مشاركة :