زياد الدباس الهدف من الاستثمار بصورة عامة هو تحقيق الأرباح الذي يشجع أصحاب المدخرات على الاستثمار بالأدوات الاستثمارية المختلفة، والأرباح المحققة من الاستثمارات عادة ما تحافظ على القوة الشرائية للأموال المستثمرة بسبب مخاطر التضخم، وحيث تتراجع قيمة الأموال غير المستثمرة سنوياً بنسب التضخم أي ارتفاع الأسعار. وباستثناء الاستثمار في الودائع أو السندات الحكومية القوية التي تضمن رأس المال والفوائد المستحقة، فإن القيمة المستقبلية لأي استثمار آخر غير مؤكدة، وبالتالي يفترض معرفة مخاطر الاستثمار قبل الالتفات إلى توقعات عوائده، وهنالك شريحة من المستثمرين تقبل عائداً منخفضاً للابتعاد عن المخاطر، والملاحظ خلال هذه الفترة تنوع وتعدد المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون بصورة عامة، والمستثمرون في أسواق الأسهم بصورة خاصة، والمخاطرة في الأسهم تعني عدم تحقيق العائد المتوقع، لذلك يفترض في المستثمر الذي يتوقع عائداً على أسهمه خلال عام نسبته ٢٠٪ معرفة المخاطر المتوقعة لتحقيق هذا العائد، وخسارة جزء من رأس المال المستثمر في أسواق الأسهم ليست هي الخسارة فقط، بل أيضاً الفجوة بين العائد الفعلي والعائد الذي كان متوقعاً تحقيقه، واللافت أن معظم الأدوات الاستثمارية وفي مقدمتها أسواق الأسهم تعاني خلال هذه الفترة من تنوع المخاطر النظامية والتي تؤثر في أداء جميع أسهم الشركات وأداء القطاعات الاقتصادية المختلفة، بينما المخاطر غير النظامية تتركز على أسهم شركة أو قطاع محدد، والمخاطر النظامية ترتبط بعوامل وتوترات سياسية، أو أمنية، أو اجتماعية، أو اقتصادية استثنائية، إضافة إلى مخاطر تحرك سعر الفائدة ومخاطر التقلب الشديد في أسواق الأسهم العالمية، إضافة إلى التباطؤ الاقتصادي في الصين وبعض الدول الكبرى، والذي انعكس على الطلب على المواد الأولية وفي مقدمتها سعر النفط، وحيث تراجع بنسب قياسية، كما تتأثر الأسواق بمخاطر فقدان الثقة والمخاطر النفسية ومخاطر الخوف والطمع ومخاطر سيطرة المضاربين على حركة الأسواق، وبالتالي البيع العشوائي والبيع على المكشوف، إضافة إلى مخاطر سعر الصرف، كما تتأثر الأسواق أيضاً بالأوضاع الاقتصادية في الدول، وحيث تتجه أسعار الأسهم للارتفاع عندما يشهد الاقتصاد نمواً وانتعاشاً، وتتراجع أثناء ركود وتراجع الاقتصاد، وبالتالي تتأثر الأسواق بمخاطر الدورات الاقتصادية، وحيث يصعب إيجاد أي وسيلة لحماية المستثمرين من المخاطر الناجمة عنها بعكس المخاطر غير النظامية، وحيث يساهم التنويع في تخفيضها، بينما تقع على عاتق المستثمر الواعي والذكي والمتخصص معرفة التأثيرات السلبية لهذه الظروف في أداء الأسهم التي يحملها أو الأدوات الاستثمارية التي يمتلكها، مع أهمية التأكد من أن أسهم الشركات التي يمتلكها المستثمر تتميز بإدارة كفؤة، ومؤشرات نمو وربحية وسيولة قوية، وبناء عليه يتخذ القرارات الاستثمارية المناسبة التي يفترض أن تسبقها دراسات وتحليلات مكثفة بهدف تقليل التعرض إلى المخاطر، وبعض المستثمرين يلجأون إلى حماية أنفسهم من هذه المخاطر المتنوعة من خلال تنويع محفظته الاستثمارية بأنواع متعددة من الأسهم ومن القطاعات والأدوات الاستثمارية المختلفة، بحيث يكون درجة الارتباط بين أدائها وتحركاتها معدومة أو ضعيفة جداً، إلا أن أزمة عام ٢٠٠٨ أثبتت فشل هذه النظرية، وحيث تراجعت أسعار أسهم جميع القطاعات الاقتصادية وجميع أنواع الأدوات الاستثمارية، بغض النظر عن درجة الارتباط بينها، كما أن عام ٢٠١٥ الماضي شهد أيضاً تراجع معظم الأدوات الاستثمارية، ونتيجة عدم وضوح وضبابية الرؤيا الاقتصادية والاستثمارية والسياسية خلال هذه الفترة، فإن قرارات الاستثمار أصبحت صعبة وتحتاج إلى دراسة وتحليل معمق.
مشاركة :