"تي.آر.تي أفريقيا" ذراع إعلامية جديدة تساند المشروع السياسي والدعوي التركي

  • 4/3/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أنقرة - أطلقت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية منصة "تي.آر.تي أفريقيا" الرقمية بلغات متعددة لتضاف إلى مشروعها الإعلامي الموازي لمشروعها السياسي والاقتصادي والدعوي، في وقت تتراجع فيه شبكات عالمية أخرى عن القيام بهذا الدور. وتدرك أنقرة أهمية أن تدعم خطتها السياسية وتوجهها نحو دول أفريقيا بذراع إعلامية قوية مؤثرة، فتسعى من خلال المنصة الرقمية التابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية "تي.آر.تي أفريقيا" (TRT Afrika)، لأن تكون نافذة تركيا على القارة الأفريقية، حيث توفر المنصة أخبارها باللغات الإنجليزية والفرنسية والهوسا والسواحلية، تحت شعار “أفريقيا كما هي”. ويحسب لتركيا هذا التوجه لدعم أهدافها وتمويل تمددها الإعلامي بآلة ضخمة، بينما تنكمش مؤسسات دولية كبرى مثل “بي.بي.سي” وتنغلق على نفسها بإغلاق العديد من أقسامها باللغات الأجنبية ومنها العربية. وأطلقت تركيا منصة “تي.آر.تي أفريقيا” بحفل كبير أقيم في إسطنبول الثلاثاء، لتدعم دور وكالة الأناضول للأنباء، التي افتتحت سابقا مراكز أو مكاتب لها في العديد من البلدان الأفريقية لنفس الهدف. كما وصلت قناة "تي آر تي وورلد" (TRT World)، التي بدأت البث في 2015، إلى جميع أنحاء أفريقيا تقريبا باللغة الإنجليزية بفضل البث عبر الإنترنت والبث التلفزيوني التقليدي، وأطلقت خدمة بث باللغة السواحلية عام 2020. تركيا تسعى إلى تجاوز ارتهان وسائل إعلامها الكامل إلى الإعلام الدولي الغربي، فيما تستورده من الأخبار والصور عن أفريقيا ◙ تركيا تسعى إلى تجاوز ارتهان وسائل إعلامها الكامل إلى الإعلام الدولي الغربي، فيما تستورده من الأخبار والصور عن أفريقيا ومن خلال هذا التكثيف الإعلامي تحاول تركيا تجاوز ارتهان وسائل إعلامها واعتمادها الكامل على الإعلام الدولي الغربي، فيما تستورده من الأخبار والصور القادمة من أفريقيا، وتكسر دائرة ما تحصل عليه من مختلف قنوات وسائل الإعلام الغربية مثل “بي.بي.سي”، و”سي.إن.إن”، وقناة “فرانس 24″، ووكالة الأنباء الفرنسية، ورويترز. وقد أثمر هذا التوجه نتائج جيدة، حيث أصبحت شركات صناعة الإعلام التركية موجودة في أديس أبابا وداكار ونيروبي وجوهانسبرغ وكيب تاون والخرطوم وأبوجا، وبالإضافة إلى ذلك، تنظم وكالة الأناضول للأنباء برامج تدريبية للصحافيين الأفارقة تجمع بين الممارسة والمحاضرات النظرية في مجال الصحافة ووسائط الإعلام الرقمية، لتضمن التأثير على هؤلاء الصحافيين وسيرهم في دائرتها. ويروّج الإعلام التركي لرواية مفادها أن وسائل الإعلام التركية في أفريقيا تواجه تحديا يتمثل في كسر الصورة النمطية العنصرية بشأن اعتبار الأفارقة “متوحشين سودا”، في تناقض فج وصارخ مع التغطية العنصرية التي يعتمدها الإعلام التركي للشأن الأفريقي. ويستخدم الإعلام التركي بمختلف أنواعه مصطلح “أفريكالي” (Afrikalı) للحديث تحديدا عن الأفارقة جنوب الصحراء، ورغم أن الكلمة تعني "أفريقي" فقد أصبحت في الإعلام التركي دلالة على "توحش الأفارقة وسوادهم". ويبدو الاستياء الأفريقي المتزايد من النفوذ الفرنسي عاملا هاما في مساعدة تركيا في مهمتها لمد نفوذها وآلتها الإعلامية، حيث تواجه فرنسا تحدّياً كبيراً نتيجة أزمة ثقة حقيقية، تراكمت طوال العشرات من السنين، جعلت شعوب هذه الدول تكره “أمها فرنسا”، فأغلب الدول الناطقة بالفرنسية، التي كانت مستعمرة سابقاً من فرنسا، تصنف اليوم من أكثر دول القارّة فقراً، وأقلها استقراراً، وما زالت تخضع لأنظمة سلطوية أو تتعاقب فيها الانقلابات العسكرية، وطردت بوركينا فاسو مساء السبت مراسلتي صحيفتي “لوموند” و”ليبراسيون” الفرنسيتين الكبيرتين، وذلك بعد أن أوقفت بث إذاعة راديو فرنسا الدولي (آر.إف.أي) التابع للمجموعة التي تضم "فرانس24" و"فرانس ميديا موند". وعملت تركيا على زيادة نفوذها في القارة السمراء باستخدام كل القنوات الدبلوماسية والتجارية والاستثمارية والتعليمية والصحية والتعاون الأمني والعسكري، إلى جانب توظيفها أدوات القوة الناعمة المتمثلة في الثقافة والتاريخ. وبدأت بإرسال بعثات تركية بجولات في أفريقيا وعقد مؤتمرات قمة ومنتديات في عدد من بلدانها. وتتعدد أدوات القوة الناعمة للسياسة التركية في الساحل وغرب أفريقيا، وتأتي على رأسها المساعدات الإنسانية، حيث تنخرط أنقرة بشكل كبير في مجال المساعدات وتوزيع الغذاء على شعوب المنطقة. كما توجد عدد من المؤسسات التركية التي تعمل في المنطقة مثل الهلال الأحمر التركي، ووقف الديانة التركي واتحاد الجمعيات الإنسانية التركية (IDDEF) التي تقوم بنشاطات إنسانية وإغاثية في العديد من دول المنطقة وكل هذا يحتاج إلى منظومة إعلامية قوية ومؤثرة تقوم بالتغطية المكثفة لتلميع صورة النفوذ التركي في دول أفريقيا. وهناك مساعٍ حثيثة من قبل الجانب التركي لتعزيز العلاقات مع بعض دول المنطقة وتعميق العلاقات مع المنظمات الإقليمية من خلال التحرك على المستويات كافة، واستخدام الأدوات الفاعلة اللازمة لذلك، وتوقيع اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات، وتحديداً الأمنية التي تسمح لأنقرة بالوجود وفتح أسواق جديدة، الأمر الذي يمثل تهديداً للمصالح الإستراتيجية للعديد من القوى الإقليمية والدولية في المنطقة، ويؤثر في المعادلة الأمنية بالمنطقة، لاسيما فيما يتعلق بالأزمة الليبية نظرًا للتشابكات بين الشمال الأفريقي والساحل والصحراء وغرب أفريقيا. ◙ من الأهداف الرئيسية لتعزيز تركيا حضورها الإعلامي في أفريقيا هو التصدي للتقارير الإخبارية التي تؤكد الدعم التركي لحركات الإسلام السياسي ويشكل الإعلام دورا محوريا في تعبيد الطريق لسعي تركيا لتوطيد علاقاتها مع معظم دول المنطقة مثل النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو وموريتانيا في ضوء ما تواجهه تلك الدول من أزمات مُزمِنة مثل انتشار الإرهاب وتوسُّع رقعة الفقر والمجاعة والصراعات الإثنية والقبلية، وهي مشكلات استغلتها أنقرة كبوابة لتعزيز حضورها. فقد كثف المسؤولون الأتراك خلال السنوات الأخيرة من زياراتهم إلى معظم دول الساحل وغرب أفريقيا، ومع الحضور الإعلامي القوي تكون المهمة أكثر تأثيرا في شعوب هذه المنطقة. ويقول متابعون إن من بين الأهداف الرئيسية لتعزيز تركيا لحضورها الإعلامي في أفريقيا هو التصدي للتقارير الإخبارية التي تؤكد الدعم التركي لحركات الإسلام السياسي حيث أن لدى تركيا مشروعاً توسعياً تُمثِّل فيه ليبيا نقطة انطلاق نحو منطقة الساحل والصحراء وغرب أفريقيا، من خلال التعاون مع بعض قوى الإسلام السياسي والتنظيمات المتطرفة في المنطقة بهدف تغيير موازين القوى وهناك تقارير تشير إلى وجود اتفاق بين أنقرة وجماعة بوكو حرام. وتستغل أنقرة المشاعر الدينية للتجمعات السكانية المسلمة في دول المنطقة مثل نيجيريا ومالي والنيجر والسنغال بهدف نسج شبكات نفوذ ومصالح تركية على أراضيها. كما أن الخطاب التركي يلقى قبولًا لدى بعض الأفارقة، لاسيما أن الرئيس التركي رجب أردوغان يتبنى خطاباً معادياً للممارسات الغربية وما وصفه بـ”تكالب القوى الغربية على ثروات القارة”، مُتَّهماً الدول الغربية بأنها لا تريد لأفريقيا أن تنهض وتستفيد من إمكاناتها وتنعم بالسلام. ومن المتوقع أن يتزايد اهتمام أنقرة بالساحل والصحراء وغرب أفريقيا، وأن تواصل مساعيها نحو تعزيز الدور التركي هناك في ضوء صعوبة فك الارتباط بين تطورات الملف الليبي وملف غاز شرق المتوسط وانعكاساتها على منطقة الساحل والصحراء، وطموح تركيا للعب دور أكبر على الصعيدين القاري والدولي. يذكر أنه كان هناك في الآونة الأخيرة انتشار ملحوظ للأخبار والتحليلات المتعلقة بنفوذ تركيا المتزايد عبر القارة الأفريقية. وذهبت بعض المقالات إلى أبعد من ذلك لتلمّح إلى أن تركيا يمكن أن تلعب دور الوسيط في الصراعات الأفريقية. وترحب أنقرة بهذه التغطية الإيجابية لبصمة تركيا الآخذة في الاتساع في أفريقيا في وقت تتعرض فيه الحكومة لانتقادات خارجية وداخلية قاسية.

مشاركة :