يطرح الشاعر المصري محمود قرني في ملف عدد الشهر الجاري من مجلة «الهلال» القاهرية، سؤالاً يعكس صدمةً إزاء حلول السرد محل الشعر: «أزمة الشعر... مأزق عَرَضي أم طريق إلى زوال؟». لكنّ شهادات الشعراء المشاركين في الملف - على امتداد خريطة الشعر العربي - جاءت مطمئنة حول مستقبل الشعر، بل تطرح رداً معاكساً يفترض أن الأزمة ربما تكون في الغزارة لا الندرة. وينتهي الملف بمقال نشره طه حسين قبل ستين عاماً يدعم التمرد في الشعر، بعيداً من «القوالب» الموروثة، منتصراً لحرية «التعبير وطرائقه وما يبتكر فيه من الصور والمعاني وقيود يفرضها صاحب الفن على نفسه في مذاهب الأداء يلتزمها هو ولا يلزمه إياها أحدٌ غيره، وقد عرفت الإنسانية شعراً رائعاً خالداً من غير أن تعرف بالضرورة القافية». في العدد نفسه يكتب فتحي أبو النصر عن «السلاح في اليمن كنص مفتوح»، ويمكن إضافة حرف «اللام» ليكون العنوان: «كنصلٍ مفتوح»، منذ الانتفاضة الشعبية التي أدت إلى خلع علي عبدالله صالح؛ المستعصي على الرحيل. وعن العراق يكتب لؤي عبدالإله «من الدولة إلى العشيرة»، سارداً رحلة ذات شجون إلى بغداد، ويكتب عبدالغني كرم الله رسالة من الخرطوم إلى مصطفى سعيد بطل «موسم الهجرة إلى الشمال»، وعن حصاد الثورات أيضاً، كتب فؤاد حجازي وصموئيل لبيب سيحة وسليمان عبدالقادر. أما سعد القرش؛ رئيس تحرير المجلة، فيستدعي 23 قرناً من استلاب تعرض له المصريون عبر احتلال متصل لم ينته إلا بإخراج البريطانيين عقب ثورة 1952، وأدى ذلك إلى تجريف الشخصية المصرية، وأنه باستعادة هذا الوعي يمكن تصحيح مسار ثورة 25 كانون الثاني (يناير). الأمر نفسه يلمسه شوقي جلال في شهادة عن مصر التي في خاطره وكيف تحولت من دور القيادة إلى «قبض الريح». وفي ملف رافقته صور نادرة، تكتب الناقدة شذى يحيى عن الحلم بالعدل والمساواة والقيم الإنسانية السامية في الرسائل المتبادلة بين تولستوي وغاندي. ويكتب سعيد إسماعيل علي، عن سيرة سلامة موسى. ويرصد محمد رضوان تجربة الشاعر السوري محمد منذر لطفي، ويتناول محمود عبد الوهاب تجربة علي الراعي في نقد المسرح. وتحت عنوان «المتمرد الأبدي» يكتب سمير فريد عن شيخ نقاد السينما الراحل صبحي شفيق الذي كتب مقاله الأخير وتنشره مجلة «الهلال» في العدد نفسه بعنوان «ظاهرة فرنسية... الرواية امرأة». وإضافة إلى نصوص لشعراء وكتاب عرب يكتب في الفنون شاكر لعيبي عن التباسات في المصطلح التشكيلي العربي، وعمرو دوارة عن مهرجان المسرح العُمَّاني، ووفاء كمالو عن مسرحية «سيد الوقت».