مقالة خاصة: زيادة الطين بلة -- العقوبات الأمريكية تؤذي بل وتقتل "أطفال الفراشة" في إيران

  • 4/4/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كما لو كانت المعاناة من أحد أندر الأمراض الجلدية المعروفة، وهو انحلال البشرة الفقاعي، ليست مؤلمة بالفعل بما يكفي لجعل حياة محمد رضائي (7 أعوام) جحيما لا يطاق، إذ تأتي العقوبات الأمريكية اللاإنسانية لتزيد أيضا الطين بلة. إن انحلال البشرة الفقاعي هو حالة وراثية نادرة تسبب هشاشة الجلد وتقرحه. وغالبا ما يشار إلى مرضى انحلال البشرة الفقاعي باسم "أطفال الفراشة" لأن جلدهم يكون هشا مثل أجنحة الفراشة. قد تظهر البثور مع إصابة بسيطة، حتى بسبب الحرارة أو الاحتكاك أو الخدش. ويكون هذا المرض مؤلما للغاية لدرجة أن المرضى يميلون إلى تشبيه إحساس حرقة الجلد بتلك التي تظهر في الحروق من الدرجة الثالثة. ما يجعل قصة مرضى انحلال البشرة الفقاعي الإيرانيين أكثر إيلاما للقلب هو أن جزءا كبيرا منهم هم أطفال مثل رضائي. وعبر رضائي عن حاله وقال إن جلده "يصاب بسهولة والجروح والالتهابات الناجمة عن ذلك مؤلمة للغاية". على الرغم من كونه مجرد طفل، إلا أنه يعرف جيدا السبب الذي جعله محكوما عليه، على الأقل في الوقت الحالي، بأن يعاني من مثل هذه الدرجة من الألم وعدم الراحة. فبسبب العقوبات الأمريكية، كان هناك نقص في الضمادات اللازمة للأطفال أمثاله. إن ضمادة مفيدة جدا تنتجها شركة ((مولنليكي)) السويدية تحت الاسم التجاري ميبيلكس يمكنها أن تخفف إلى حد كبير من آلام ومعاناة هؤلاء المرضى، ما يجعل الحياة أسهل بالنسبة لهم. في الواقع، بقاء هؤلاء المرضى على قيد الحياة يعتمد كليا على استخدام الضمادة في الوقت المناسب. ولكن العقوبات الأمريكية حرمت مرضى انحلال البشرة الفقاعي في إيران من هذه الراحة المؤقتة ولكن الملموسة من الآلام. جاء ذلك في الوقت الذي أفادت فيه تقارير بأنه أكثر من عشرة مرضى بانحلال البشرة في إيران توفوا بسبب المرض في ظل غياب الإمدادات الطبية التي تشتد الحاجة إليها. وعانى آخرون من إصابات جسدية خطيرة، بما في ذلك البتر. خضعت إيران للعقوبات الأمريكية على مدى العقود الأربعة الماضية. وقد اشتدت العقوبات في أعقاب الانسحاب الأمريكي الأحادي الجانب في مايو 2018 من الاتفاق النووي الذي أُبرم عام 2015، والمعروف رسميا باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة". وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ادعت نفاقا أن المواد الإنسانية، بما في ذلك الأدوية والمواد الغذائية، غير مدرجة في قائمة العقوباتت، إلا أن الحظر الذي فرضته على صادرات النفط والقطاع المصرفي في إيران حال عمليا دون استيراد البلاد لهذه السلع. ومع تعرض ابنها الصغير لمعاناة مماثلة، حثت أكرم آيت أولئك الذين يقفون وراء العقوبات وما يترتب على ذلك من عدم الوصول إلى ضمادات ميبيلكس في إيران على "وضع أنفسهم في مكانهم لثانية". وتساءلت قائلة "ماذا كانوا سيفعلون إذا كان أطفالهم أو أقاربهم أو معارفهم يعانون من نفس المرض؟" وأضافت آيت قائلة "لنفترض أنه لا توجد لديهم صلة من أي نوع بالمصابين بهذا المرض، ألا يستحق شخص (يعاني) كل هذه المعاناة الحصول على ضمادة ميبيلكس بسيطة يمكن توفيرها له/لها بسهولة؟" وقالت "إنهم يحرمون هذا الشخص من الحق في الحصول على ضمادات ميبيلكس، التي يمكن أن تساعده إلى حد ما على الحياة، وإن لم يكن ذلك مريحا جدا، إلا أنه أكثر راحة بعض الشيء". وفيما يتعلق بالآثار السلبية للعقوبات الأمريكية، قال حميد رضا هاشمي غولبايغاني، وهو رجل دين إيراني ومؤسس دار العلاج من انحلال البشرة الفقاعي في إيران -- وهي منظمة غير حكومية للأطفال الذين يعانون من انحلال البشرة الفقاعي -- "في السابق، كان لدينا وصول سهل إلى ضمادات (ميبيلكس)". بيد أنه في أعقاب الانسحاب الأمريكي الأحادي الجانب من خطة العمل الشاملة المشتركة "شعرنا بشدة العقوبات المفروضة علينا إلى حد أكبر"، حسبما أضاف. وقال هاشمي غولبايغاني، الذي عانت ابنته من مرض انحلال البشرة الفقاعي طوال الـ21 عاما الماضية، "عند وضع ضمادات ميبيلكس على الجروح، فإنها تسمح لمرضى انحلال البشرة الفقاعي بارتداء الملابس وإزالة الضمادات من على جروحهم دون أن ينفصل الجلد عن اللحم وبألم أقل". وذكر أن "الضمادات تساعد أيضا مرضى انحلال البشرة الفقاعي على الشعور بتهيج أقل وتمكنهم من الاستلقاء على ظهورهم عند الراحة أو النوم ليلا"، مضيفا أن الضمادات تعد، إلى حد ما، مطلبا أساسيا جدا لمرضى انحلال البشرة الفقاعي. وكان هاشمي غولبايغاني في دار العلاج من انحلال البشرة الفقاعي قد كتب رسالة إلى شركة ((مولنليكي))، لكن شركة الأدوية ردت بأنها لن تكون قادرة على توفير الضمادات اللازمة لمرضى انحلال البشرة الفقاعي في إيران لأنها تخضع للمنتجات التي تُطبق عليها العقوبات الأمريكية. على مدى السنوات الماضية، شجب المسؤولون الإيرانيون مرارا التأثيرات السلبية للعقوبات الأمريكية على القضايا الإنسانية في البلاد، في إطار الجهود الرامية إلى زيادة وعي المجتمع الدولي في هذا الصدد. في الآونة الأخيرة، رفض كاظم غريب آبادي، نائب رئيس السلطة القضائية الإيرانية للشؤون الدولية وأمين المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في البلاد، إدعاءات الولايات المتحدة بأن المواد الإنسانية غير مدرجة في قائمة العقوبات واصفا إياها بأنها "كذبة كبيرة"، وقال إن هذه الإدعاءات لا تستند إلى الواقع. وأشار إلى أن العقوبات الأمريكية تستهدف بشكل مباشر المصدر الرئيسي للدخل ومبيعات النفط والقطاع المصرفي في إيران، وفي نهاية المطاف حق السكان المحليين في التنمية والرفاه. وقال غريب آبادي إن "هذا هدد بشكل خطير حق المرضى الإيرانيين في الحياة والصحة". وقد ردد خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة صرخة طهران. فبعد زيارتها لإيران في مايو 2022، خلصت ألينا دوهان، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان، إلى أن العقوبات والعقوبات الثانوية ومختلف أشكال الإفراط في الامتثال لها كان لها تأثير سلبي خطير على اقتصاد البلاد، ما أدى إلى "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتحديات إنسانية". وقالت في تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن "ما يثير القلق بشكل خاص هو التحدي الكبير الذي تواجهه عملية شراء وتسليم الأدوية والمعدات الطبية المنقذة للحياة، التي تنتجها الشركات الأجنبية والمخصصة لعلاج الأمراض النادرة". كما شكك تقرير دوهان في إدعاء واشنطن بما يسمى بالاستثناءات الإنسانية. ووجدت الخبيرة بالأمم المتحدة أنه على الرغم من أن وثائق العقوبات تعلن أن الأدوية والمعدات الطبية لم تتأثر نتيجة الاستثناءات الإنسانية، إلا أن تسليمها إلى إيران "تقوض بشدة بسبب آثار العقوبات على شركات التمويل والتجارة والشحن والتأمين، والقيود المفروضة على المدفوعات الدولية، والافراط في الامتثال من جانب الشركات الأجنبية والموردين الأجانب". وقالت إن "هذه الأمور تشكل عوائق خطيرة أمام تمتع جميع الإيرانيين بالحق في أعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه".

مشاركة :