تصاعدت حدة رفض السلطة التنفيذية في ليبيا لتقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان؛ إذ اعتبره المجلس الرئاسي، الذي شكّل «لجنة سيادية» للتعامل مع ملف الهجرة غير النظامية، «معيباً وشابته مغالطات»، في حين قالت اللجنة إنه اعتمد «صيغة غير محايدة، بل منحازة بشكل ظالم» ضد الدولة الليبية. وأضافت اللجنة أن البعثة قدمت بلادنا «على أن أمرها انتهى إلى مرتع لكافة الانتهاكات ضد الإنسانية، وأن جميع الليبيين تفرغوا لصب حمم العنف ضد المهاجرين، وتخصصوا في الاستعباد، وارتكاب مختلف الجرائم ضد الإنسانية بحق هؤلاء»، مستغربة من أن تقرير البعثة المستقلة «أغفل نشاط الشبكات الإجرامية الدولية، التي تروّج لمختلف الجرائم العابرة للحدود، بما في ذلك تهريب المهاجرين، والاتجار بالبشر، وأيضاً طبيعة العلاقة التي تربط هذه الشبكات بالمجموعات الإجرامية المحلية». ورأت اللجنة أن من واجبها «توضيح بعض المغالطات التي شابت هذا التقرير، وإبراز الحقائق التي تفنّد ما تضمنه»، مركزة على «زاوية الهجرة غير المشروعة، وما عاب التقرير من إجحاف وتقصير وغياب لبعد واسع، والتي يفترض أن فريق البعثة قام بالتقصي بشأنها». وتحدثت عما أسمته بمجموعة من الثغرات، من بينها أن التقصي جرى في غياب الأطراف الفاعلة (الحكومية أو المجتمع المدني)، التي تجتهد لتدارك تداعيات الوضع المتدهور في البلاد على الضيوف من عابري الأراضي الليبية، كما تجاهل التقرير «الجهود الوطنية السياسية التي تسعى لحث الأطراف الدولية على رسم سياسات مشتركة تسمح باقتلاع الظاهرة من جذورها». ونوّهت اللجنة السيادية إلى أن ليبيا سبق أن انتقدت رسمياً سياسة الاتحاد الأوروبي، المقتصرة على دعم خفر السواحل الليبية، وإغفال الدعم العاجل والضروري لحرس الحدود الجنوبية»، وقالت: «لو كانت هناك استجابة لقُطع الطريق أمام نشاط المهربين وتجار البشر، الذين استغلوا الوضع السياسي الهش لليبيا خلال الفترات الماضية، وتوظيف جغرافيا البلد لارتكاب أغلب الجرائم المشار إليها في التقرير». وكانت اللجنة الأممية قد أعلنت أنها «وثقت عدداً من حالات الاعتقال التعسفي، والقتل والاغتصاب، والاسترقاق والقتل خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري التي يتعرض لها المهاجرون»، كما أشارت إلى أن «تهريب المهاجرين المستضعفين، واستعبادهم وعملهم القسري، وسجنهم وابتزازهم، بات يدرّ عائدات كبيرة على الأفراد والجماعات ومؤسسات الدولة، ويحفز على استمرار المتاجرة بهم». وأوضحت اللجنة السيادية أن هناك «خلطاً مجحفاً بين مراكز التوقيف الرسمية - وإن كانت في ظروف غير مثالية - وبين السجون العشوائية التي يديرها المهربون وتجار البشر»، كما استغربت «عدم إشارة التقرير إلى تقاعس الاتحاد الأوروبي عن التعاون مع ليبيا؛ لصد المهاجرين القاصدين أوروبا، وإعادتهم للبلد»، مبرزة أن إشكاليات الهجرة وعابري السبيل الذين يتركون أوطانهم، ويعبرون ليبيا بحثاً عن عالم أفضل، هي بالتحديد «محط اهتمام جوهري» لاهتمامها، والعمل على تدارك الصعاب، ومعالجة أوضاع هؤلاء الذين تدفع بهم الظروف للوجود على الأراضي الليبية. واستدركت اللجنة: «هذا أمر جلل سنؤجل الخوض فيه الآن، والعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بشأنه، وذلك بالتعاون مع وزيرة العدل والنائب العام». من جهة ثانية، بحث الصديق الكبير، محافظ مصرف ليبيا المركزي، مع السفير تامر مصطفى، القائم بأعمال سفارة مصر لدى ليبيا، عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، من بينها تسهيل عودة الشركات المصرية لاستئناف أعمالها في البلاد. ويعمل عديد من الشركات المصرية في ليبيا راهناً، حيث تسلم منتصف مارس (آذار) الماضي «ائتلاف الشركات المصرية» المكون من «أوراسكوم» و«حسن علام» و«رواد الهندسة الحديثة»، موقع مشروع الطريق الدائري الثالث في العاصمة طرابلس. ونقلت إدارة إعلام المصرف المركزي، أمس، أن اجتماع الكبير ومصطفى، تناول بجانب إفساح المجال أمام عودة المزيد من الشركات المصرية للعمل في السوق الليبية، استمرار التعاون مع مجموعة العمل الدولية المعنية بالمسار الاقتصادي (EWG)، بالإضافة إلى «تعزيز الشفافية والإفصاح واهتمام المجتمع الدولي بالآلية المثلى للرقابة على الإنفاق الحكومي». كما تطرق اللقاء لنتائج المشاورات مع البنك الدولي ومسار توحيد المصرف المركزي الليبي المنقسم. وسبق لعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، الإعراب عن اعتزازه بالتعاون مع مصر، وقال إن «الاقتصاد يمكنه تقريب المسافات بين البلدين»، وذلك خلال كلمته في حفل تسليم مشروع الطريق الدائري الثالث إلى «ائتلاف الشركات المصرية»، والذي تبلغ تكلفة تنفيذه 4.263 مليار دينار (الدولار يساوي 5.10 دينار). والمشروع المزمع بناؤه في العاصمة يمتد غرب طرابلس، وحتى طريق الشط، ويشتمل على عدد من الكباري، أحدها سيكون من ثلاثة طوابق، وسيكون الأول من نوعه في ليبيا، بحسب «الائتلاف»، بالإضافة إلى 14 جسراً للمشاة. وكان «الائتلاف» قد أعلن تسلم المواقع للشروع في أعمال تنفيذ مشروع الطريق الدائري في مدينة طرابلس، والتي ستبدأ بعد شهر رمضان.
مشاركة :