هل تسهم المثابرة في النجاح؟

  • 4/5/2023
  • 23:32
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يتباين الأفراد في خصائصهم الجسمية، والعقلية، والانفعالية وخصائص الشخصية، وسماتها، وفي ذلك حكمة يتحقق فيها التكامل بين الأفراد في الأدوار التي يزاولونها في مجتمعاتهم، ولو أخذنا على سبيل المثال الخصائص الجسمية لوجدنا أهميتها في الأنشطة الرياضية المختلفة كالمصارعة، والملاكمة، وكرة القدم، وكرة السلة وغيرها من الرياضات التي تتطلب قوة، أو خفة، أو سرعة في الجري، كما أن التباين في القدرات العقلية ينعكس على الاختيارات التخصصية في المجال المعرفي، فذوو القدرة اللفظية العالية يبرزون في التخصصات اللغوية، والشعر، والقصص، وفي المجالات الإنسانية، وفي تخصص الإعلام، أما ذوو القدرة الرياضية العالية فيبرزون في التخصصات الطبيعية لنجدهم يعملون في تخصصات الطب، والهندسة، والصناعة. خصائص، وسمات الشخصية كثيرة، ولها تأثيرها القوي في اختيارات الفرد العلمية، والمهنية، كما أن لها دورها في النجاح، والفشل في مجال التخصص العلمي، أو المهني الذي يختاره الفرد، ولو درسنا، وتتبعنا خصائص مجموعة أفراد يعملون في مهن متعددة من خلال سيرهم الذاتية، أو من خلال مقابلتهم، أو تطبيق أدوات قياس عليهم، لوجدنا أن المثابرة بمعنى التحمل، والإصرار، والجلد، والسعي لتحقيق الهدف، أو الأهداف المرسومة، تمثل سمة ضرورية لتحقيق النجاح، فالمثابر لا ييأس مهما واجه من المعوقات، والعثرات في طريقه، ويعمل بإصرار منقطع النظير، فكثير من العلماء البارزين عبر التاريخ إصرارهم، ومثابرتهم كانت المعين الذي مكنهم من النجاح، فالعالم في مختبره، أو في الحقل يقضي الأعوام الطوال يجري التجارب واحدة تلو الأخرى، حتى يصل إلى اكتشافه، كما أنه في الحقل، سواء في الغابة، أو المزرعة، أو المدرسة يتابع، ويسجل الملاحظات لأعوام كما فعل بياجيه حين لاحظ أبناءه خلال أعوام، لينتهي إلى صياغة نظريته المعروفة بنظرية بياجيه في النمو العقلي. القائد الناجح من خصائصه المثابرة، مهما واجه من صعوبات، وتعثر خلال مسيرته، فتراه يغير في الخطط، ويختار الكفاءات القادرة على الإسهام في تحقيق الأهداف المرسومة، كما يجتهد في توفير الاحتياجات من مصادرها المختلفة مع إصرار على مواجهة التحديات، وتجاوزها، ويضاف إلى ما سبق رجال الأعمال، والمال، فالمثابرة تمثل سمة رئيسة تميزهم عن غيرهم، فعزمهم لا تثنيه الصعوبات، أو الصفقات والمشاريع الخاسرة، فديدنهم المحاولة تلو المحاولة مع اشتقاق الدروس من المحاولات السابقة، والبناء على ذلك. البعض من الباحثين يميزون بين الصبر، والمثابرة من خلال أن الصبر تحمل دون فعل، وجهد يبذل، في حين المثابرة تحمل بفعل مرافق لذلك، إلا أني لا أتفق مع هذا الفرق، فخاصية الصبر أعتقد أنها هي الأساس الذي تتولد منه المثابرة ليمتزجا، ويشكلا بناء الشخصية الناجحة، ولو رجعنا إلى سير الأنبياء -عليهم السلام- لوجدنا أنهم صبروا على الإيذاء، والعنت الذي تعرضوا له من أقوامهم، ومع ذلك لم يستسلموا، بل أصروا، وواصلوا دعوة أقوامهم إلى الحق، وبلغوا الرسالة التي كلفوا بها من الباري -سبحانه وتعالى-، ولذا نجد القرآن الكريم يشدد على الصبر في مواقع كثيرة ويربطه بالفلاح دنيا وآخرة. في المجال التعليمي نجد المثابرة تمثل قوة الدفع الرئيسة للنجاح، حتى لو لم يكن الفرد عالي الذكاء طالما وجدت هذه الطاقة المتمثلة في العزم، ومواصلة المشوار لتحقيق الهدف المرسوم، فالملل، وعدم الصبر يؤديان إلى الانكسار، والتراجع عن تحقيق الهدف، وكم من الأفراد الذين لا يمكن وصف ذكائهم بالعالي، ونتائجهم الدراسية كانت متواضعة ويتضح عليها التعثر إلا أن مثابرتهم، وإصرارهم مكناهم من مواصلة المشوار لتحقيق ما لم يحققه أقرانهم الأعلى في مستوى الذكاء، لذا فمسؤولية المعلم، والمرشد الطلابي تستوجب تحفيز طلابهم على المثابرة، وعدم اليأس نتيجة التعثر.

مشاركة :