الميلاتونين هرمون طبيعي ينظم دورة النوم والاستيقاظ. وغالبًا ما يستخدم أيضًا كدواء للأشخاص الذين يعانون من صعوبة في النوم. ونظرًا لوجود روابط معروفة بين مشاكل النوم والاكتئاب وإيذاء النفس، فقد أهتم باستكشاف ما إذا كان علاج مشاكل النوم باستخدام الميلاتونين سيؤدي إلى حالات أقل من إيذاء النفس. وتشير نتائج دراسة جديدة أجراها قسم الوبائيات الطبية والإحصاء الحيوي بمعهد كارولينسكا نُشرت أخيرًا بـ«مجلة علم نفس الطفل والطب النفسي»، إلى أن الميلاتونين يمكن أن يكون له هذا التأثير لدى الشباب. والميلاتونين هو دواء النوم الأكثر شيوعًا الموصى به للأطفال والمراهقين في السويد. وهو أكثر أمانًا من العديد من الأنواع الأخرى من الأدوية المستخدمة لمشاكل النوم، مع انخفاض مخاطر الآثار الجانبية الخطيرة أو الجرعات الزائدة. وباستخدام بيانات من السويد، حدد باحثو الدراسة أكثر من 25000 طفل ومراهق، تتراوح أعمارهم بين 6 و 18 عامًا، بدأوا باستخدام الميلاتونين بين عامي 2006 و 2013. وخلال هذا الوقت، كان الميلاتونين متاحًا في السويد فقط بوصفة طبية، ما مكن الباحثين من التقاط جميع استخداماته. ويوضح الباحثون «نظرنا بمعدلات الإصابات العرضية والمتعمدة في العام قبل وبعد البدء في استخدام الميلاتونين. وقمنا أيضًا بفحص ما إذا كان الشباب في دراستنا لديهم أي تشخيصات نفسية؛ إذ تقارن الدراسات القائمة على الملاحظة عادة بين مجموعتين مختلفتين من الناس، مثل مستخدمي الميلاتونين وغير المستخدمين. ومع ذلك، قد تختلف هذه المجموعات بطرق أخرى يمكن أن تحجب تفسير النتائج، مثل علم الوراثة والبيئة الأسرية والتشخيصات النفسية لحساب تأثير العوامل الفريدة لكل شخص، لذلك استخدمنا تصميم دراسة ان يقارن كل شخص بنفسه عندما يأخذ أو لا يأخذ الميلاتونين. وقد لاحظنا أن الإصابات العرضية مثل السقوط أو حوادث النقل حدثت بمعدلات مماثلة إلى حد ما قبل وبعد بدء الميلاتونين. ومع ذلك، زاد إيذاء النفس المتعمد والتسمم قبل فترة وجيزة من وصف الميلاتونين وانخفض بمقدار النصف تقريبًا في الأشهر التالية لبدء العلاج»، وذلك وفق ما نشر موقع «theconversation» العلمي المرموق. قد تكون الزيادة في إيذاء النفس قبل البدء بتناول الميلاتونين مرتبطة بالأعراض التي أدت إلى زيارة الطبيب؛ حيث تم وصف الدواء. فيما كانت الفتيات أكثر عرضة للإضرار بأنفسهن بخمس مرات تقريبًا مقارنة بالأولاد، لذلك كان الانخفاض بعد استخدام الميلاتونين أكثر دراماتيكية بالنسبة للفتيات؛ فحوالى 87 % من الشباب الذين بدأوا العلاج بالميلاتونين لديهم تشخيص نفسي أيضًا. لكن الأكثر شيوعا كان اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه ويليه القلق والاكتئاب واضطرابات طيف التوحد. بينما كان الانخفاض في إيذاء النفس والتسمم واضحا بشكل خاص بين المراهقات المصابات بالاكتئاب أو اضطرابات القلق. ويضيف الباحثون «للتحقق مما إذا كان استخدام الأدوية الأخرى قد أثر على النتائج التي توصلنا إليها كررنا التحليلات باستثناء مستخدمي مضادات الاكتئاب. فظهر نفس النمط من النتائج. وهذا يشير إلى أن الميلاتونين قد يكون مسؤولاً عن معدلات إيذاء الذات المنخفضة، لكن لا يمكننا استبعاد احتمال أن يكون العلاج النفسي أو استخدام الأدوية النفسية بخلاف مضادات الاكتئاب قد أثر على النتائج». هناك بعض الأسباب التي تجعل الميلاتونين له هذا التأثير؛ فمن المحتمل أن يكون السبب الرئيسي أن يتخذ الناس قرارات أفضل عندما يرتاحون جيدًا. وقد يؤدي علاج مشاكل النوم التي غالبًا ما تصاحب القلق والاكتئاب إلى أن يكون لدى الناس أفكار أقل حول إيذاء أنفسهم أو اختيار عدم التصرف بناءً على هذه الأفكار عند حدوثها.
مشاركة :