يواصل الشاعر والقاص والروائي الأردني محمد عبدالله القواسمة اشتغاله على مشروعه الإبداعي في السرد والنقد بدأب واجتهاد عميقين، وخلال مسيرته الإبداعية فقد رفد المكتبة الأردنية بالعديد من الإصدارات الإبداعية والنقدية، وعُرف بالناقد الحصيف و الأكثر جرأة في آرائه النقدية الجادة والرصينة. ضمن هذا السياق صدرت له رواية جديدة في عمّان والتي حملت عنوان: "غيوم على الشيخ جراح" وهي الرواية الرابعة عشرة لمحمد القواسمة تقع في زهاء 178 صفحة من القطع المتوسط. وتتناول الرواية من خلال شخصية مقدسية تنبض بالهم والروح النضالية العالية ما يجري في حي الشيخ جراح تحت الاحتلال الإسرائيلي، من عمليات الهدم والطرد والقتل والاعتقال لتغيير معالم القدس وتهويدها. ترسم الرواية صمود سكان حي الشيخ جراح وتمسكهم بأرضهم ومساكنهم ورفض مخططات الاحتلال، وتتبنى الرواية التفاؤل بالنصر على المعتدين وتحث على المقاومة بكافة أنواعها. ويهدي الروائي القواسمة عمله الروائي هذ إلى "الذين أحبوا القدس بدمائهم الزكية، ودافعوا عنها بصدورهم المؤمنة، وحجارتهم المقدسة". وتقدم الرواية ضمن فضاءها بلغة سردية نقية محكمة البناء، وقدرة على تصوير الإنسان في عذابه وقوته، وتتجلّى فيها الروح المتفائلة، من خلال رسم الحوارات وبناء الشخصيات المتقنة والتي تواكب الحدث وتنتصر لإرادة الشعب التي وقفت ندا لآلة الغطرسة الصهيونية ومستوطنيها. هذا وقد كُتب على غلاف الرواية الخارجي من الناشر: رواية "غيوم على الشيخ جراح" تصور الصراع بين سكان حي الشيخ جراح العزل وبين الصهاينة المدججين بالسلاح، والمقدرة على تزييف الحق، وتزيين الباطل". وكما تقدم رواية "حي الشيخ جراح"، الذي يمثل مدينة القدس الشريف وما حولها مكانًا مركزيًا، تلتقي فيه الأحداث والشخصيات، كما تلتف حوله الأماكن الأخرى، فيمنح الرواية تماسكها الفني، وعمقها الفكري والروحي. وكما تتجلّى في الرواية ما نسميه الواقعية الغرائبية؛ لأن الأحداث التي تنطلق من المكان المركزي، أي حي الشيخ جراح يصنعها المحتل الصهيوني تتميز بالغرابة والعجب العجاب، لم يحدث مثلها حتى في عصور الظلام. كما أن مواجهة سكان الحي، التي تأتي رد فعل لتلك الأحداث التي تبدو معجزة لا يقدر عليها البشر في هذا العصر. إنهم يتميزون بالصبر، والتضحية، وحب المكان والتعلق به كتعلق الطفل الرضيع بصدر أمه. سيدرك المتلقي في نهاية رحلته القرائية للرواية أن عناصرها قد تجمعت من أجل أن تبلور عالمًا روائيًا متكاملًا، تحكمه رؤية تختفي في ثنايا الكلمات والأحداث الطافحة بالتفاؤل والأمل، شأن روايات القواسمة الأخرى التي سردها بنفس ورؤية جعلته يحتل مكانة مرموقة في المشهد السردي العربي.." هذا ويذكر أن الروائي والشاعر والناقد محمد عبدالله القواسمة يحمل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين واتحاد الكتاب العرب، وعضو مؤسس في جمعية النقاد الأردنيين، وهو روائي وناقد من رواياته: "أصوات في المخيم " "سوق الإرهاب"، "وداعًا ساعة النخيل"، "الحب ينتهي في إيلات"، "وجع الفراشة"، " حبيباتي الثلاث إلى ورقلة"، "حب على قائمة الاحتياط" ، "في سجن كورونا 19". ومن مؤلفاته النقدية: "البنية الزمنية في روايات غالب هلسا"، " البنية الروائية في مدن الملح.."، "التجربة الشعرية"،" الشمس والظلال: خطابات بلا سقوف"، "في غياهب التخييل" ومن أعماله المسرحية" في ربيع الليل "، وليلة في تل الصافي" وله أعمال إبداعية أخرى في الشعر والقصة القصيرة. وحظي منجزه الإبداعي بالتفاعل من المتلقي والقرّاء وكذلك الدرس النقدي البناء.
مشاركة :