تُخصّصُ منشآتنا التجارية، مثل المستشفيات والصيدليات والمُولات والجهات الخدمية الأخرى، أقرب مواقف السيّارات إليها للمعاقين وكبار السنّ؛ الذين يستخدمون الكرسي في التنقّل، وهذه لفتة إنسانية تستحق عليها الامتنان. وحتّى الإدارة العامّة للمرور تعتبر غير المعاقين وغير كبار السنّ الذين يُوقفُون سيّاراتهم في هذه المواقف مُخالِفين للأنظمة المرورية، وتُغرِّمهم غرامات مالية كبيرة، من باب المساندة لشريحة مهمّة من مجتمعنا، وأسأل الله العظيم أن يُعافيها من الابتلاء والأمراض، ويُمتّعها بالصحة التامّة والدائمة. لكنّ بعض المُنشآت اجتهدت؛ فنصّبت لوحات بجانب هذه المواقف مكتوباً عليها عبارة (أخذتَ موقفي فخُذ إعاقتي)، ولي بعض التحفظات عليها، فهي وإن كانت عبارة بليغة، أجرتها المنشآت افتراضياً على لسان المعاقين وكبار السنّ، وتُفَطِّر الحجر من بلاغتها، فما بالكم بالنفوس الإنسانية السويّة؟، إلّا أنّني أشعر وكأنّ المنشآت تُصوِّر المعاقين وكبار السنّ بهكذا عبارة، وكأنّهم ساخطين وناقمين على المجتمع، بل ويكادون يدعون على المُعافَى الذي قد يُوقِف سيّارته في موقفهم المُخصّص لهم بنفس الابتلاء الذي ابتلاهم الله به، وهذا يكمن في نصف العبارة (فخُذ إعاقتي)، عكس مشاعر المعاقين وكبار السنّ المعروفة بالرقّة، التي عوّضهم الله بها عن ابتلائهم الجسدي الطويل. ومن الأفضل، ونحن في هذا الشهر الفضيل، ومن وجهة نظري الخاصة، استبدال هذه العبارة بأخرى مناسبة، مثل (فضلاً أحتاج لهذا الموقف)، أو الاكتفاء بعبارة (ممنوع الوقوف) بجانب شعار كرسي الإعاقة؛ الذي يعرفه جميع السائقين كعلامة مرورية؛ لا يحصلون على رخص السياقة إلا بعد معرفتها، واحترامها في جميع دول العالم. والأفضل من ذلك هو تحسين طبيعة الخدمات التي تُقدّم للمعاقين وكبار السنّ داخل المنشآت التجارية؛ بمنحهم تخفيضات وتسهيلات، فثُلّة منهم من ذوي الحاجة ويعانون من تواضع الدخل، وقد لا يأتون أصلاً للمنشآت إلّا نادراً، فتبقى مواقفهم خالية طيلة الوقت، شاهدة على صدق ما أقول، ويا أمان الجميع.
مشاركة :