طهران - عادت قضية تسميم التلميذات بإيران إلى السطح مجددا إذ تمّ رصد حالات جديدة في مدراس للفتيات نقلن على إثرها إلى المستشفيات، في حين لا تزال السلطات عاجزة عن تفكيك هذا اللغز وبدا عليها الارتباك إلى حد عدم تمكنها من تقديم تفسيرات واضحة تساهم في امتصاص غضب الأولياء الذين اتهموها بالتقصير في حماية بناتهم، فيما ذهبت بعض الاتهامات إلى القول إن ما يحدث هو مخطط لغلق المدراس وإجبار البنات على الانقطاع عن التعليم. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤولين في ناحية "بارديس" (تقع على بعد 17 كلم شمال شرق طهران) قولهم إن طالبات في مدرسة الخيام للفتيات اشتكين من وعكة صحية أصابتهن بعد انفجار قنبلة مصنوعة يدويا. وأضاف المسؤولون أن الرائحة الناتجة عن انفجار القنبلة أصابت الطالبات بالدوار ونقل على إثرها ما لا يقل عن 15 طالبة إلى مستشفى بالمنطقة. ووفق تقارير إعلامية، فإن جميع الطالبات خرجن من المستشفى لاحقا وأن التحقيق جار للوقوف على ملابسات الحادثة. وفي حادثة أخرى، أظهر مقطع مصور تم تداوله على الإنترنت سيارة إسعاف مركونة أمام مدرسة للفتيات في مدينة أردبيل شمالي إيران. وقال الأطباء في مركز الطوارئ الطبي في أردبيل لوسائل الإعلام إن عدة طالبات اشتكين من أعراض مثل القلق وصعوبة التنفس والصداع، نقلن على إثرها إلى المستشفيات. كذلك، وردت تقارير عن حالات تسمم في مدرستين للفتيات في محافظة خوزستان جنوب غربي البلاد، حيث تم نقل عدد من الطالبات إلى مستشفى في المدينة لتلقي العلاج. وأبلغ عن أولى حالات التسمم الجماعي في إيران في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في مدينة قم (وسط) حيث نقل على إثرها عشرات الطالبات إلى المستشفيات بعد إصابتهن بأعراض مثل الغثيان والصداع وصعوبة التنفس والسعال وآلام في الجسم. ومن قم انتشر المرض الغامض إلى مدن أخرى في الأسابيع اللاحقة، بما في ذلك العاصمة طهران، مما أثار حالة من الصدمة في المجتمع الإيراني. وتم نقل ما لا يقل عن 1200 طالبة إلى المستشفيات حتى 20 مارس/آذار في عدة مدن إيران بعد أن اشتكين من أعراض مرتبطة بالتسمم، فيما ذكرت تقارير إعلامية أن عدد المتضررات يناهز 5 آلاف. ومن المفترض أن تقدم لجنة تقصي الحقائق البرلمانية التي تحقق في الحوادث تقريرها في مايو/أيار المقبل، بحسب رئيس اللجنة حميد رضا كاظمي. وأعلنت الداخلية الإيرانية توقيف 100 شخص في محافظات عدة، منها طهران وقم وزنجان، وخوزستان وأذربيجان الغربية بتهمة صلتهم بحوادث التسمم. وكان الرئيس إبراهيم رئيسي قد طلب من الوزارة في الأول من مارس/آذار التحقيق في سبب المرض الغامض الناجم عن حوادث التسمم بعد أن أحدثت صدمة في جميع أنحاء البلاد وأثارت احتجاجات شعبية. واتهم رئيسي في تصريح سابق أعداء بلاده بالتورط في تسميم مئات من التلميذات في أنحاء البلاد، مؤكدت أن هذه العملية تأتي في إطار مخطط لإحداث الفوضى في البلاد. واعتبر رئيس القضاء الإيراني غلام حسين محسني إجئي حوادث التسمم أنها مثال على "الفساد في الأرض" وحذر من "عقوبات صارمة" لمن يثبت تورطهم فيها "ليكونوا عبرة لمن يعتبر". وتزامن انطلاق هجمات التسميم مع تراجع في وتيرة الاحتجاجات التي هزت إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني لانتهاكها قواعد اللبس الصارمة في الجمهورية الإسلامية، فيما اتهم نشطاء رجال الدين المتشددين بالوقوف وراءها بهدف الانتقام من الشابات اللواتي تمردن على الضوابط الدينية المتشددة. ويرى مراقبون أن السلطات الإيرانية تقف وراء مخطط استهداف التلميذات بهدف تصفية حساباتها مع المرأة التي تحولت إلى رمز للنضال باندفاعها إلى ساحة الاحتجاجات ورفعها شعارات ذهبت إلى حد المطالبة بطي صفحة النظام الحالي.
مشاركة :