كيف استخدمت واشنطن "الوكلاء" للتحريض على إطلاق "ثورة ملونة" في فنزويلا

  • 4/10/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في أول "قمة من أجل الديمقراطية" عقدتها الولايات المتحدة في ديسمبر 2021، تمت دعوة زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو للتحدث عبر الإنترنت باعتباره "رئيسا مؤقتا" قام بتنصيب نفسه. لكن بعد أكثر من عام بقليل، لم يعد غوايدو في دائرة الضوء لأن واشنطن تخلت عنه كبيدق لا قيمة له. -- "ضيف شرف" في مساء يوم 4 فبراير 2020، حضر غوايدو خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، الذي قدم غوايدو على أنه الزعيم "الحقيقي والشرعي" لفنزويلا. في اليوم التالي، التقى غوايدو مع ترامب في البيت الأبيض، وتصدرت صورهما في المكتب البيضاوي عناوين الصحف. وولد غوايدو عام 1983 في لا غوايرا في فنزويلا، وحصل على شهادة في الهندسة الصناعية من جامعة أندريس بيلو الكاثوليكية في عام 2007. وفي عام 2009، ساعد غوايدو في تأسيس حزب الإرادة الشعبية. وأدى اليمين الدستورية كرئيس للجمعية الوطنية الفنزويلية التي تسيطر عليها المعارضة في 5 يناير 2019. في مايو 2018، أعيد انتخاب نيكولاس مادورو في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية. ومع ذلك، تحت ذريعة "الديمقراطية" و"حقوق الإنسان"، رفضت الولايات المتحدة، مع حلفائها والمعارضة الفنزويلية، الاعتراف بشرعية حكومة مادورو. وفي 23 يناير 2019، أعلن غوايدو نفسه "رئيسا مؤقتا" لفنزويلا. وفي اليوم نفسه، أعلنت الولايات المتحدة اعترافها بغوايدو وأعربت عن دعمها له. مما دفع مادورو إلى الإعلان على الفور عن قطع فنزويلا لعلاقاتها الدبلوماسية مع الولايات المتحدة. ومع تمويلها لغوايدو، حاولت الولايات المتحدة الضغط على مادورو للتنحي من خلال العزلة الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية والتهديدات العسكرية. وتحت الضغط الأمريكي، اعترفت أكثر من 50 دولة والاتحاد الأوروبي بغوايدو باعتباره ما يسمى بـ "الرئيس الشرعي". في الواقع، بدأ بحث واشنطن عن "وكلاء" مثل غوايدو في وقت مبكر. وكما كشفت صحيفة حقائق حول الصندوق الوطني للديمقراطية أصدرتها وزارة الخارجية الصينية العام الماضي، فإنه بعد انتخاب هوغو تشافيز، "المقاتل المناهض للولايات المتحدة" رئيسا لفنزويلا في عام 1999، عمد الصندوق إلى تسريع عملياته وراء الكواليس. وقدم تمويلا مستمرا للمعارضة الفنزويلية ودعا أشخاصا إلى المشاركة في "دورات تدريبية" في الولايات المتحدة. وفي عام 2005، حضر غوايدو وأربعة آخرين من "القيادات الطلابية" الفنزويلية تدريبا ممولا من الصندوق الوطني للديمقراطية على التمرد. في وقت لاحق، التحق غوايدو بجامعة أمريكية، وبدعم من الصندوق، كان نشطا في الجماعات السياسية ذات الصلة في الولايات المتحدة. وفي 30 أبريل 2019، ظهر غوايدو مع بعض الأفراد العسكريين خارج قاعدة عسكرية للطيران شرقي العاصمة كاراكاس، داعيا المدنيين والجنود إلى العمل ضد حكومة مادورو. ثم نشر في نفس اليوم وزير الخارجية الأمريكي آنذاك مايك بومبيو تغريدة على موقع التدوين المصغر (تويتر) جاء فيها "أعلن الرئيس المؤقت خوان غوايدو اليوم بدء عملية الحرية. وتدعم حكومة الولايات المتحدة الشعب الفنزويلي بشكل كامل في سعيه من أجل الحرية والديمقراطية. ولا يمكن هزيمة الديمقراطية". في فعالية لمركز أبحاث في مايو 2022، ذكر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون محاولة الولايات المتحدة الإطاحة بحكومة مادورو، قائلا إن "أسفي الوحيد هو أننا لم ننجح، على الرغم من أننا اقتربنا من ذلك". بعد الانقلاب الفاشل، حاولت "الحكومة المؤقتة" بقيادة غوايدو، بدعم من الولايات المتحدة، إطلاق "ثورة ملونة" وحرضت الشباب على الاحتجاج ضد حكومة مادورو بعنف. وأظهرت الأرقام الرسمية أن شهورا من الاحتجاجات العنيفة تسببت في سقوط مئات الضحايا وخسائر اقتصادية بعشرات المليارات من الدولارات في الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية في النصف الأول من عام 2019. - استدارة واشنطن لم يطح العنف المستمر بحكومة مادورو. ومع فشل محاولات غوايدو للاستيلاء على السلطة وتراجع دعمه بين المعارضة الفنزويلية، بدأ الكثيرون في الولايات المتحدة يشككون في الرهان عليه. وفي 2022، مع تصاعد التوترات في أوكرانيا، ونقص إمدادات الطاقة العالمية وارتفاع الأسعار، تغير موقف واشنطن تجاه غوايدو. في 30 ديسمبر 2022، اقتربت سفينة مستأجرة من شركة الطاقة الأمريكية العملاقة شيفرون من المياه الفنزويلية لأخذ شحنة من الخام الفنزويلي متجهة إلى الولايات المتحدة لأول مرة منذ ما يقرب من أربع سنوات. ومن قبيل الصدفة، أصدرت المعارضة الفنزويلية قرارا بحل "الحكومة المؤقتة" وعزل غوايدو من منصب "الرئيس المؤقت". وقال متحدث باسم الحكومة الأمريكية إن الحكومة تحترم القرار وستواصل التواصل والتعاون مع المعارضة الفنزويلية. وردا على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن ما تزال تعترف بغوايدو "رئيسا مؤقتا"، ذكر منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي في وقت سابق من هذا العام إنه لا يريد "الدخول في افتراضات". وقال تقرير لصحيفة ((فايننشال تايمز)) إن نهاية "حكومة غوايدو المؤقتة" يمكن أن تمهد الطريق أمام الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات النفطية التي تفرضها على حكومة مادورو، مما يتيح مصدرا بديلا للإمداد للدول الغربية التي تقاطع الخام الروسي. واعتادت الولايات المتحدة أن تكون وجهة رئيسية لموارد الطاقة الفنزويلية، لكن علاقات الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية مع واشنطن قد تدهورت منذ تولي تشافيز منصبه. لذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات أحادية الجانب، بما في ذلك الحظر النفطي، للضغط على فنزويلا، مع دعم "وكلاء" يمكن استخدامهم لمصالحها الذاتية. وغوايدو هو من بين هؤلاء "الوكلاء". لكن بمجرد أن وجود هؤلاء "الوكلاء" لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة، فإنها سترميهم بعيدا دون تردد. وهذا هو مصير غوايدو.■

مشاركة :