محمود العوضي- جدة لا يوجد شك أن بطولة كأس العالم FIFA هي الحدث الرياضي الأكبر والأكثر تشويقًا في العالم، فعشاق الساحرة المستديرة على موعد كل أربع سنوات لمشاهدة أبطال ونجوم هذه اللعبة يتنافسون وجهاً لوجه في مشهد عالمي على مستوى المنتخبات، فأصدقاء الأمس على مستوى الأندية العالمية هم ألد المتنافسين على مستوى المنتخبات، وقد رأينا ذلك جليًا في كأس العالم 2022 الأخير في قطر، عندما تنافس الزملاء والأصدقاء في نادي باريس سان جيرمان في نهائي المونديال بين منتخبي فرنسا والأرجنتين، بل كانت هناك مباراة خاصة بين ليونيل ميسي وكليان مبابي. 48 منتخباً مع قرار الفيفا زيادة عدد المنتخبات المشاركة في البطولة الأهم من 32 إلى 48 منتخبًا في النسخة المقبلة التي تستضيفها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك عام 2026م، يؤكد الكثيرون بأن كأس العالم بدأ يفقد بريقه تدريجياً، فلم تكن أجمل من منافسات كأس العالم إلا مباريات تصفيات الوصول” حامية الوطيس” إلى كأس العالم، لأن المقاعد محدودة والمنتخبات كثيرة والتنافس على أشده. ورفع عدد المنتخبات يضمن سهولة الوصول إلى هذا الحدث العالمي بأقل مجهود وبدون استعداد جاد. انتقادات لاذعة أحد الانتقادات الرئيسة الموجهة ضد قرار FIFA بزيادة عدد المنتخبات، هو أنه قد يؤدي إلى انخفاض كبير في جودة المباريات، في حين أن زيادة عدد الفرق يعني إتاحة المزيد من الفرص للمنتخبات الضعيفة والمتوسطة المستوى للمشاركة في هذا الحدث الأبرز، وهذا يعني أن جودة المباريات ستتضاءل، وبالمثل، فإن زيادة عدد الفرق يمكن أن يؤثر على تنافسية البطولة. اشتهرت بطولة كأس العالم دائمًا طوال تاريخها بمشاهدتنا لقاءات ملحمية ما زالت عالقة في ذاكرة التاريخ؛ كونها الأجمل والأفضل، ولا يمل العشاق من إعادة مشاهدتها مرة أخرى، وهناك مخاوف من أن مثل هذه المباريات لن تتكرر في المستقبل. وكذلك من الآثار المحتملة الأخرى لهذا القرار، أنه قد يحول كأس العالم من أكبر تظاهرة تنافسية في كرة القدم إلى حدث تجاري بحت، رغم أن كرة القدم تعتبر تجارة كبيرة ، إلا أن كأس العالم دائمًا ما يحفل بالإنجازات الرياضية واللحظات العاطفية وميلاد أساطير في كرة القدم، فكأس العالم ليس فقط فرصة للدول لإثبات قوتها الكروية، ولكنها أيضًا منصة وملتقى للجماهير للالتقاء والاحتفال بحبهم لهذه الرياضة، ولكن يُخشى مع تزايد عدد الفرق، أن يتحول التركيز من الروح الرياضية إلى الإيرادات المالية. جدل مستمر قرار FIFA بزيادة عدد الفرق أثار مناقشات حول مدى سهولة تأهل بعض المنتخبات المتوسطة إلى كأس العالم، في حين أن الدول الصغيرة التي نادراً ما تحصل على فرصة في كأس العالم لديها الآن فرصة أكبر للوصول دون بذل أي مجهود للاستعداد للمونديال، ومن شأن هذا الاحتمال أن يؤكد مجددًا فكرة أن كأس العالم تجارية أكثر من كونها رياضية، حيث تضمن فرق معينة دائمًا مكانها في البطولة. الجوانب الإيجابية علينا أن نشير إلى أن هناك جوانب إيجابية لهذا القرار، منها أن زيادة عدد الفرق إلى 48 قد يؤدي إلى مزيد من التنوع في كأس العالم؛ لأنها ستسمح لمزيد من الدول بالمشاركة في البطولة، والتواجد على المسرح العالمي، علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي المزيد من الانكشاف على كرة القدم إلى مزيد من التمويل لهذه الرياضة وزيادة تطوير قواعدها الشعبية في البلدان التي كانت في السابق تتمتع بإمكانية محدودة للوصول إلى موارد اللعبة. ويبقى من السابق لأوانه القول ما إذا كانت كأس العالم ستفقد بريقها مع زيادة عدد المنتخبات. ولكن ما ينبغي على الفيفا عمله أن يضمن أن يبقى كأس العالم حدثًا رياضيًا أكثر من كونه حدثًا تجاريًا، ولا ينبغي أن تؤدي زيادة الفرق إلى التقليل من جودة المنافسات كرة القدم، ورغم كل الآراء المؤيدة أو المعارضة لقرار الفيفا ستظل بطولة كأس العالم الكرنفال الكروي الأكثر أهمية، التي ينتظرها عشاق الساحرة المستديرة بشغف حول العالم، ويكفي أن مونديال قطر الأخير تابعه ما يقرب من 6 مليارات شخص حول الكرة الأرضية.
مشاركة :