أكدت الباحثة في الشؤون الدولية، نورهان أبو الفتوح، في حديث لقناة RT، أن أوروبا أدركت متأخرا أنها تورطت في الأزمة الأوكرانية، ولن تنجرّ للفخ الأمريكي الذي يسعى لتوريطها مرة أخرى. وقالت: "جاءت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي مؤداها "أن أوروبا يجب أن تقاوم الضغوط الرامية لتحويلها إلى تابعة للولايات المتحدة"، وأن تقلص إرتباطها بالولايات المتحدة، هذه التصريحات غاية في الأهمية خاصة في ضوء دلالات التوقيت والمكان، في وقت تتصاعد فيه الأزمة الأوكرانية بين الجانب الروسي والجانب الأوكراني بشكل مباشر وبين الجانب الروسي والولايات المتحدة بشكل غير مباشر، خاصة وهو ما يمثل تهديد للشراكة الأوروبية الأمريكية". وأضافت: "كما تأتي هذه التصريحات خلال زيارة الرئيس ماكرون، إلى الصين التي تصنف شريكا روسيا إستراتيجيا في مختلف المجالات بعيدا عن الدعم العسكري في الأزمة، خاصة بعد زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى روسيا في مارس الماضي 2023". وأردفت: "تمثل تصريحات ماكرون حول ضرورة ألا تنجر أوروبا إلى مواجهة بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، محذرا من أن يتحول الأوروبيون إلى تابعين للسياسة الأميركية في هذا الملف نقطة تحول في ملف العلاقات الأمريكية الأوروبية بشكل عام وفي ملف الأزمة الاوكرانية بشكل خاص، إذ توضح هذه التصريحات إدراك الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا كقوة إقليمية عظمى في المنطقة التحديات التي تواجهها في حال استمرار الوضع الحالي وقيادة الولايات المتحدة الأمريكية للدول الأوروبية، والدخول في صراع جديد بين الصين وتايوان سيكبد المنطقة خسائر كبيرة هي في غنى عنها من الأساس، خاصة وإن حجم التبادل التجاري بين الصين والإتحاد الأوروبي وصل إلى حوالي 860 مليار يورو، والصين هي أكبر شريك تجاري لفرنسا في أسيا وسادس أكبر شريك على مستوى العالم، كما تعد فرنسا هي أكبر شريك تجاري للصين داخل الاتحاد الأوروبي، وهو ما يجعل فرنسا حريصة كل الحرص للحفاظ على العلاقات الثنائية مع الصين". ونوهت إلى أن "الزيارات الأوروبية المتتالية إلى الصين جاءت لتؤكد إدراك بعض دول الإتحاد الأوروبي، بأن الأزمة في أوكرانيا تقودها الولايات المتحدة على الأراضي الأوروبية، وإنه في حال إستمرار هذا الوضع ستكون أوروبا هي الخاسر الأكبر فقد ألقت الأزمة بظلالها على مختلف دول العالم فلم تكن الدول الأوروبية ببعيدة عن هذه التأثيرات خاصة في ظل تفاقم تلك الأزمة، وإستمرار التأثيرات الإقتصادية من أزمات التضخم الحالية والإنعكاسات الواسعة على الداخل الأوروبي والتي تعبر عنها التظاهرات الممتدة في فرنسا وإسبانيا وعدد من الدول الأوروبية". وأوضحت: "تجدر الإشارة إلى أن تصريحات الرئيس ماكرون، تأتي لتلقي الضوء على الشروخ الداخلية بين دول المنطقة، وصعوبة تبني موقف موحد حيال الأزمة كما يأتي إستكمالا للموقف الفرنسي المعروف منذ بداية الأزمة الأوكرانية، وهو الإبقاء على الخطوط مفتوحة مع روسيا والصين، وهو ما اتضح في موقف ألمانيا أيضا حيث أعلن مستشارها أولاف شولتس دعوة لحرية نقل البضائع بين دول البلطيق -السوفيتية السابقة- والمنتمية حاليا للاتحاد الأوروبي، وبين روسيا، دون النظر كثيرا إلى الموقف الأمريكي، هذا فضلا عن عدة مواقف كشفت عن تناقضات عدة في المواقف الأوروبية تجاه الأزمة". وخلصت بالقول أن "تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد زيارة إستغرقت ثلاثة أيام إلى الصين، تتم عن نية فرنسا في تبني موقف دبلوماسي يميل إلى الحيادية وتبني الحلول السلمية النائية بنفسها عن الدعم العسكري في الفترة القادمة، خاصة في ضوء ما تعرضت ولازالت تتعرض له الدول الأوروبية من ضغوطات اقتصادية وسياسية واجتماعية، والتي بالقوة وجدت الدول الأوروبية نفسها منخرطة فيها بل والمتأثر الأكبر بعواقبها دون إرادتها، وهو ما يشير إلى عدم إستعدادها في الولوج إلى مثل هذه التأثيرات التي لم تتعاف منها حتى الآن مرة أخرى". القاهرة - ناصر حاتم المصدر: RT تابعوا RT على
مشاركة :