أعلنت الرئاسة الفلسطينية اليوم (الاثنين) إدانتها ورفضها تنظيم مسيرة للمستوطنين بمشاركة وزراء ونواب إسرائيليين جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية دعما للبناء الاستيطاني. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان وزع على الصحفيين، إن "اجتياح المستوطنين بقيادة وزراء من حكومة الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين لا يغير من حقيقة أنها أرض فلسطينية وستبقى كذلك، وأن هذا الاجتياح الذي يأتي بقوة السلاح لا ينشىء حقا". وأضاف أبو ردينة أن "الاجتياح الفاشي والذي يترافق مع القتل اليومي للفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى، يدفع بالأمور نحو الانفجار، الذي لن يستطيع أحد السيطرة عليه إطلاقا". وحمل الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، السلطات الإسرائيلية مسؤولية هذه "الاعتداءات الخطيرة والاستفزازات المتصاعدة، والتي تؤكد سعي إسرائيل إلى جر المنطقة إلى مربع العنف والاضطرابات". وأكد أبو ردينة أن الاستيطان جميعه "غير شرعي على أرض دولة فلسطين، وأن كافة هذه الجرائم والاعتداءات لن تشرعنه، وسيكون مصيره إلى زوال، كما الاحتلال". واعتبر أن "صمت" الإدارة الأمريكية، "شجع الاحتلال على تماديه بجرائمه" بحق الشعب الفلسطيني، داعيا إلى تدخل فوري وسريع لإيقاف هذا "الجنون الذي ستدفع المنطقة جميعها ثمنه". وشدد الجيش الإسرائيلي منذ ساعات صباح اليوم من إجراءاته العسكرية على الطرق في محيط مناطق جنوب نابلس تزامنا مع تظاهرة للمستوطنين باتجاه البؤرة الاستيطانية "أفيتار" المخلاة المقامة على قمة جبل صبيح دعما للاستيطان، بحسب ما أفادت مصادر فلسطينية وإسرائيلية. وقال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس لـ ((شينخوا))، إن آلاف المستوطنين نظموا مسيرة باتجاه البؤرة بمشاركة سبعة وزراء إسرائيليين بينهم وزيرا المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي ايتمار بن غفير وأعضاء كنيست. من جهتها، أفادت الإذاعة العبرية العامة بأن أكثر من 17 ألف شخص شاركوا في المسيرة التي انطلقت من مفرق "تبواح" باتجاه النقطة الاستيطانية العشوائية "أفيتار" للمطالبة بشرعنتها. وقال الوزير بن غفير الذي يشارك في المسيرة إلى جانب ستة وزراء وعشرين نائبا بحسب ما نشرت الإذاعة العبرية عنه "إننا لن نرضخ للإرهاب في أفيتار وليس في تل أبيب". وتقوم قوات أمنية معززة بحماية المشاركين وتنشط في محيط المنطقة عناصر من الشرطة وحرس الحدود، بحسب الإذاعة. وعلى إثر ذلك، اندلعت مواجهات مع الفلسطينيين في المنطقة، ما أدى لإصابة نحو 120 بينهم شابان بالأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط والبقية بالاختناق جراء الغاز المسيل للدموع وتم علاجهم بحسب ما أفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان. وفي هذا الصدد، اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في بيان، أن "الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل منافية للقوانين الدولية والقيم الإنسانية والأخلاق والأديان وهذه من شيمهم وسياساتهم وممارساتهم". ودعا اشتية دول العالم إلى "محاسبة الحكومة الإسرائيلية على جرائمها المتكررة يوميا والتي كان آخرها العدوان على المسجد الأقصى ومسيرة الوزراء وأعضاء الكنيست المؤيدة والداعمة للاستيطان والاجتياحات والقتل المبرمج". وتأتي المسيرة في ظل تصاعد حدة التوتر بين الفلسطينيين والإسرائيليين في الضفة الغربية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 90 فلسطينيا برصاص إسرائيلي منذ بداية العام الجاري، مقابل مقتل 18 شخصا في إسرائيل نتيجة هجمات فلسطينية، بحسب إحصائيات رسمية فلسطينية وإسرائيلية. واعتبر عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) موسى أبو مرزوق أن "إمعان الاحتلال في منح الترخيص لمسيرة المستوطنين وتوفير كامل الحراسة المشددة لها من قواته، وفي ذروة التوتر الأمني، يعني إصراره على استمرار موجة التصعيد الجارية". وقال أبو مرزوق في بيان، إن مسيرة المستوطنين اليوم باتجاه بؤرة أفيتار مع سماح لعشرات آخرين بدخول المسجد الأقصى "يصب مزيدا من الزيت على نار التصعيد القائم ويمنح المقاومة المزيد من بحث خياراتها المشروعة في التصدي لهذا السلوك الاحتلالي المشين". وحمل السلطات الإسرائيلية المسؤولية عن كل ما سينجم عن المسيرة من ردود فعل فلسطينية مشروعة، مشيرا إلى أن هذه البؤرة الاستيطانية تسببت بأضرار كبيرة للفلسطينيين في هذه المنطقة، وقد "سرق المستوطنون فيها موارد أهالي المنطقة، وسطوا على مقدراتها وثرواتها". وتشهد قرية "بيتا" جنوب نابلس منذ مايو 2021 مواجهات شبه يومية ضمن فعاليات احتجاجية ضد إقامة بؤرة "أفيتار" على قمة جبل صبيح على مساحة 60 دونما من أصل 840، تهدد بقطع تواصل القرية والاستيلاء على أراضيها. وأخلت جماعات المستوطنين في يوليو 2021 البؤرة بعد اتفاق مع الحكومة الإسرائيلية على الإبقاء على المنشآت التي أقاموها على الجبل دون هدم، وإقامة قاعدة عسكرية إلى جانبها. وينص الاتفاق بين الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين على السماح بعودتهم للبؤرة حال تبين إقامتها على "أراضي دولة"، بالإضافة إلى إقامة مدرسة دينية في المكان. ويحذر مسؤولون فلسطينيون من أن تكريس واقع إقامة مستوطنة على جبل صبيح جنوب قرية "بيتا" سيدشن حزاما استيطانيا يفصل شمال الضفة الغربية عن وسطها ويحول البلدات الفلسطينية إلى كانتونات معزولة. ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسية لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين قبل منتصف العام 2014، ويقطن ما يزيد على 600 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس.
مشاركة :