يفتح الغياب الطويل لكرة القدم السعودية عن منصات التتويج والمحافل المهمة خلال عقد من الزمان، باب التساؤل إزاء معوقات الخروج من مأزق التعثر المتكرر الذي أصاب طموحاتها في مقتل، حين ولجت منذ العام 2005 نفقا مظلما لم تعد قادرة على الخروج منه أو أن تبصر بصيص نور يبعث على أمل انتشالها من غياهب الفشل وعتمة الإحباط، وبدا ذلك واضحا عبر تواضع الأهداف بشكل تدريجي أعادها مجددا إلى دورة البداية، فانحصرت المطالب في تحقيق لقب دورة الخليج أو قرع أبواب المنافسة الآسيوية وانتهاء ببلوغ المونديال بعد 10 أعوام عجاف فشلت خلالها منتخباتنا وأنديتنا على حد سواء في تحقيق منجز يمكن التباهي به، وبدا أن قاسما مشتركا بين الأجيال التي مثلتها في الفترة الماضية وعجزت عن ملامسة أدنى درجات الرضا الجماهيري، تمثل في افتقادها للاعب القائد القادر على ضبط الميدان والسيطرة عليه على نحو يوازي ما كان يفعله «كباتنة» الزمن الجميل في الأندية الكبيرة والمنتخبات الوطنية، وهو ما تلاشى فعليا في السنوات الماضية على مستوى الأندية ومن ثم المنتخبات. يبرهن الواقع على أن دور قائد الفريق كان حجر الزاوية في إنجازات الكرة السعودية في عهدها النفيس، عبر من قدمتهم الفرق المحلية للأخضر من أسماء حفرت حضورها الذهبي في صدر التاريخ العريق لرياضتنا منذ التأسيس، كان لها دور فعال وإيجابي داخل الملعب على النقيض من نجوم الجيل الحالي، إذ تلاشى هذا الدور بتلاشي وجود القائد المؤثر داخل الأندية نفسها، حيث مازالت تعاني افتقادها للقائد الثابت والمؤثر كما كان في السابق، حيث يذكر التاريخ أن الهلال قدم أسماء بحجم مبارك عبدالكريم وسلطان مناحي وصالح النعيمة ويوسف الثنيان وسامي الجابر، فيما قدم النصر ناصر الجوهر وخالد التركي وتوفيق المقرن وماجد عبدالله، فيما مثل الاتحاد في الأخضر عبدالرزاق بكر عبدالمجيد كيال عثمان مرزوق، في حين أن الأهلي قدم عبدالرزاق أبوداود محمد عبد الجواد، والوحدة عبدالرحمن الجعيد، والشباب فؤاد أنور والاتفاق صالح خليفة. ومنذ اعتزال آخر نجوم الجيل سامي الجابر تعاقب على المنتخب مجموعة من الأسماء لكن أيا منها لم يحقق إنجازا على مختلف المستويات، الأمر الذي يبرهن على قيمة القائد ودوره في تحقيق البطولات عبر خلق الانسجام والجماعية بين اللاعبين، وإشاعة روح الفريق الواحد بينهم خاصة في ظل الجدل الدائرة حول ما يدور بين اللاعبين في داخل الميدان. الهلال .. كباتن على الدكة تعاقب على النادي الأزرق في الموسمين الماضيين 5 لاعبين تولوا مهمة القيادة هم ياسر القحطاني ومحمد الشلهوب وسعود كريري ونواف العابد وسلمان الفرج، وعلى أن الأزرق يحتفظ بأنه ضم أهم «كباتنة» الكرة السعودية على رأسهم القائد الأسطوري صالح النعمية الذي حمل أول لقبين للمنتخب السعودي على المستوى الآسيوي عامي 84 و88، ومنصور الأحمد ويوسف الثنيان ومحمد الدعيع وانتهاء بسامي الجابر، إلا أنه لم يثبت على قائد فعلي مدة طويلة، فتعاقب عليه عدد من الأسماء في الفترة الأخيرة بشكل أربك استقراره وتسبب في عدم ثباته على ذات المستوى الإيجابي السنوات الماضية، واليوم يواجه الهلال تنوعا في قادته الميدانيين، الأمر الذي خطف بريق الفريق خاصة مع بقاء ياسر احتياطيا بشكل شبه دائم ودخول الشلهوب على الخط بين فترة وأخرى فيما أن ضعف الخبرة كان عاملا مضعفا لحضور الفرج والعابد على مستوى القيادة وبشكل واضح، أصابهما بالتراجع. الإتحاد .. قيادة بلا خبرة يكاد يكون الإتحاد أكثر الفرق ثباتا على قادته ميدانيا تاريخيا، فبعد جيل أحمد جميل ومحمد الخليوي اللذين تناوبا على قيادته في التسعينات وحققا معه أهم الإنجازات أسندت القيادة للاعبين باسم اليامي وخميس الزهراني في فترة قصيرة قبل أن يتولى محمد نور قيادة الفريق ويقوده إلى إنجازات غير مسبوقة شكلت الفترة الذهبية للعميد، ومع عدم وجود مكافئ له في الفريق وتقدمه في السن أصبح الفريق أمام منعطفات صعبة أسقطته من المنافسة على كثير من الألقاب حتى أنه غاب عن الدوري فترة طويلة تقارب السبعة أعوام، ويخلف نور صاحب الحصة الأكبر في تحقيق اللقب الدوري حاليا أسماء شابة إذ تعاقب على الفريق هذا العام كل من أحمد عسيري ومختار فلاتة في حين قاد الخبير حمد المنتشري الفريق في أول الموسم، وخلال الأعوام السابقة التي شهدت غياب نور وعودته على الدكة واجه الفريق عدة أزمات على المستوى الميداني بدا واضحا افتقاده فيها للقائد الخبير، وعبر التاريخ فإن نجوما مؤثرين قادوا الفريق الاتحادي أبرزهم عبدالله غراب وحامد صبحي وغيرهم. الأهلي .. تيسير بلا تأثير يواجه القائد الحالي للفريق الأهلاوي اللاعب الدولي تيسير الجاسم نقدا لاذعا إزاء دوره داخل المعلب، بيد أنه القائد الأكثر ثباتا على خارطة الفريق منذ قرابة الثلاثة مواسم، حيث يواجه تراجعا في مستواه الفني، ومع احتدام المنافسة أصبحت المطالب تتعالى في أن يكون على قدر أكبر من المسؤولية خاصة أن تاريخ الأهلي من القادة المؤثرين إيجابا تلاشى منذ اعتزال اللاعب محمد الشلية في بدايات الألفية، في حين شهدت السنوات التي تولى فيها اللاعب حسين عبدالغني قيادة الفريق مدا وجزرا حتى غادر الفريق إلى سويسرا، فيما لم يتكرر قائد بحجم الجيل الذهبي الذي كان آخره محمد عبدالجواد وسبقه عمالقة بحجم أمين دابو وأحمد الصغير ووحيد جوهر وإدريس آدم وعبدالرزاق أبو داوود، ولازال الفريق يعاني وجود القائد المؤثر في العشرة الأعوام الماضية، حيث تولى شارة القيادة لاعبون مثل محمد مسعد ونايف القاضي وصاحب العبدالله وجميعها تجارب لم تستمر. النصر .. استقطاب كباتن أجاد النصر جيدا التعاطي مع مفهوم دور القائد الميداني في التأثير على الفريق ونجح في استقطاب قائد قوي بحجم حسين عبدالغني لعب دورا كبيرا ومؤثرا في إعادة الفريق للبطولات، بعدما ظل الفريق يترنح في عقد ونصف بلا قائد مؤثر، وتعدد اللاعبون الذين تعاقبوا عليه لكن أيا منهم لم يبرز على حد مؤثر قبل أن يوقع الفريق مع اللاعب القادم من نيوشاتل السويسري الذي ساهم في إعادة تشكيل الفريق بمشاركته في القرار الفني والإداري، فيما ساهم في إشاعة الروح الإيجابية في الموسمين الحاسمين، واللافت أن النصر استقطب في العامين الماضين ثلاثة من القادة المؤثرين في الميدان مع فرقهم السابقة أو منتخباتهم بلادهم فإلى جانب عبدالغني لعب الاتحادي محمد نور والبحريني محمد حسين فساهموا في إعادة الفريق للإنجازات بعد عقدين من الغياب. الشباب .. احتكار آل عطيف لم يجد الشباب قائدا مؤثرا يوازي نجوم الجيل الذهبي الذي تعاقبوا عليه وعلى رأسهم المونديالي فؤاد أنور الذي كان أول من حمل لقب دورة الخليج وصاحب أول هدف عالمي للمنتخب وكان من جيل الإنجاز الذي حقق الدوري 3 مرات على التوالي، فيما يعد اللاعب عبدالرحمن الرومي واحدا من أهم القادة في التسعينات وسبقه اللاعب عبدالله السويلم الذي كان له الفضل في تحقيق أول لقب دوري كأس ملك للشباب بنظامه الجديد مطلع التسعينات، وتولى قيادة الفريق الشبابي في العقد الأخير عددا من اللاعبين منهم عبده عطيف وأحمد عطيف اللذان تناوبا على القيادة في تلك الفترة في حين تواجد نايف القاضي في فترات متعددة.
مشاركة :