في دراسة مشتركة لجامعة أوكسفورد البريطانية ومركز أبحاث نومورا الياباني وجد الباحثون أن تسعة وأربعين بالمئة من اليابانيين سيفقدون وظائفهم خلال العشر إلى العشرين سنة القادمة بسبب تطور قدرات الإنسان الآلي (الروبوت) وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي ستتمكن من الاستحواذ على وظائف البشر بتكلفة أقل وأداء أفضل.. إن كان الأمر كذلك فما أكثر الوظائف المهددة بشبح البطالة؟ وما الذي يجب عمله من الآن في المملكة والعالم العربي لتفادي تلك الكارثة؟ نبحر معكم في الأسطر التالية بحثاً عن الإجابة.. ننطلق من لندن حيث وحسب النسخة اليابانية لموقع السي إن إن (15/11/2015) فقد أعلن البنك المركزي في بريطانيا أنه سيتم تسريح 80 مليون موظف في أميركا، و15 مليون موظف في بريطانيا إلى عام 2035م بسبب تفعيل استخدام الروبوتات. ويضيف كبير الاقتصاديين في البنك قائلا: "إن الروبوت لن يكون بديلاً للبشر في الوظائف التي تحتاج العمل اليدوي فقط بل وحتى الأعمال الفكرية". وأعرض عليكم نماذج للوظائف المهددة بقوة لاستحواذ الروبوتات عليها.. فحسب نتائج الدراسات هنالك المحاسبون، فنيو الصيانة، موظفو توصيل الطلبات، عمال المصانع للتجميع والتركيب، مدخلو البيانات، موظفو الأعمال المكتبية وغيرهم.. ومن المهددين المراسلون ومحررو الصحف ومواقع الإنترنت حيث تستخدم شركات إعلامية عالمية حالياً برامج ذكاء اصطناعي لكتابة الأخبار السريعة وصياغتها خاصة تلك الأخبار من نوعية نتائج المباريات. ومن ناحية أخرى فالطباخون أيضا في خطر! فقد طورت شركت (مولي) البريطانية ذراعا روبوتية قادرة على طبخ أصناف مختلفة من الطعام. وقامت شركة (آي بي إم) عبر نظام الذكاء الاصطناعي (واتسون) بابتكار أصناف طعام جديدة من قواعد البيانات الخاصة بمختلف الأكلات حول العالم. وفي نفس السياق قامت جامعة ميرلاند الأميركية العام الماضي 2015م بتطوير روبوت يشاهد برامج الطبخ على اليوتيوب ومن ثم يطبق بنفسه تلك الطبخات. الخادمات أيضاً ومكاتب الاستقدام سيكونون في خطر ففي المعهد الإيطالي للتقنية مشروع لتخفيض تكلفة الروبوتات المنزلية التي ستحل مكان الخادمات حيث تبلغ القيمة الحالية 250 ألف يورو، ويتطلعون لتطوير التقنيات وخفض التكاليف إلى تكلفة معقولة. والسائقون كذلك مهددون بعد تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي للسيارات ذاتية التحكم بدون سائق. وأنفقت شركة تويوتا مؤخراً ملياري دولار أميركي على هذا المجال في مشروعات بحثية مشتركة مع جامعة ستانفورد وجامعة إم آي تي. وبالنسبة لموظفي الاستقبال فقد عينت بنوك يابانية الروبوت (بيبار) الذي أنتجته شركة سوفت بانك ليقوم بوظيفة موظف استقبال في فروع البنوك... حسناً.. ما الوظائف التي ستبقى للبشر ولن يخطفها الروبوت أو الذكاء الاصطناعي؟ هنالك معلمو المرحلة الابتدائية، الفنانون، المخرجون، الحلاقون، المصممون، الكتاب والأدباء، المذيعون وغيرهم.. وطبعاً ستنتشر فرص وظيفية مثل مهندس وفني روبوت، خبير ذكاء اصطناعي.. وأتمنى ألا نصل لمرحلة نحتاج فيها لأطباء نفسيين للتعامل مع المشكلات النفسية للروبوتات الذكية التي قد تمتلك مشاعر! ولكن ماذا عن البطالة في المملكة؟ حسب الأرقام الرسمية الصادرة من مصلحة الإحصاءات العامة على موقعها الإلكتروني فقد بلغ معدل البطالة للمواطنين السعوديين 11.6 % عام 2015م. أما السؤال الأهم فهو: ماذا يجب علينا أن نفعل لكي لا نواجه تسونامي البطالة عام 2035م؟ الجواب هو تطوير مناهج وأساليب التعليم العام والعالي والفني بالتركيز على تنمية قدرات الطلبة في الابتكار والإبداع، والعمل بروح الفريق ومهارات التواصل والقيادة وقبل ذلك الأخلاق والذكاء العاطفي.. ولكي لا تدفع الأجيال الناشئة ثمن انشغالنا بالماضي والحاضر وإهمالنا لتحديات المستقبل فمن المهم ألا نتأخر، ولنبدأ من الآن ونبادر لحل مشكلة البطالة عام 2035م.