البرلمان المغربي يصادق على قانونين لتعزيز استقلال القضاء

  • 2/12/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

صادق البرلمان المغربي، مساء أول من أمس، على القانونين التنظيميين، المتعلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، وهما من أبرز القوانين التي انبثقت عن أكبر مشروع لإصلاح العدالة في البلاد، اعتمدته الحكومة الحالية، التي جاءت بعد حراك شعبي، وإقرار دستور جديد في 2011 ارتقى بالقضاء، وجعله سلطة مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية. وقال مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، المنتمي لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، خلال تقديم القانونين، إنهما «يقدمان ضمانات متينة لفائدة القضاة، من دون إهمال واجب المحاسبة في إطار استقلال السلطة القضائية، الذي ينبغي أن يكرس مزيدا من حقوق المواطنين، وضمان المحاكمة العادلة الواجبة لهم». وواجه الرميد، الذي أشرفت وزارته على إعداد ميثاق إصلاح منظومة العدالة قبل ثلاث سنوات من خلال إطلاق حوار موسع مع مختلف الهيئات، معارضة شديدة للقانونيين التنظيميين، لا سيما من قبل «نادي قضاة المغرب»، بلغت حد تظاهرهم ببدلهم في بادرة غير مسبوقة، اعتبرت مسا بهيبة القضاء ووقاره، وذلك للمطالبة بـ«إقرار قوانين ضامنة لاستقلال حقيقي وفعلي للسلطة القضائية»، بالإضافة إلى مطالبتهم بتحسين الوضعية المادية للقضاة. وينص القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، حسب الرميد، على أن يتمتع المجلس بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، وأن يتوفر على مقر خاص بالرباط، وأن تضع الدولة رهن إشارته الوسائل المادية والبشرية اللازمة لممارسة مهامه. كما تم تكريس مبدأ استقلال وحياد المجلس من خلال منع الجمع بين العضوية في المجلس وبين عدد من المهام، خاصة الممارسة الفعلية لمهام قضائية بإحدى المحاكم، أو ممارسة مهنة قضائية أو مهمة عامة انتخابية، ذات طابع سياسي أو نقابي. وحدد القانون شروطا لترشح القضاة لعضوية المجلس، ونظم آليات انتخاب ممثليهم، مع ضمان حد أدنى لعدد النساء القاضيات في عضوية المجلس، وخول كذلك لكل مترشح إمكانية الطعن في صحة انتخاب ممثلي القضاة أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض. كما نص القانون على أن العاهل المغربي الملك محمد السادس يوافق بظهير (قانون) على تعيين القضاة في السلك القضائي، وفي مهام المسؤولية القضائية بمختلف محاكم الاستئناف، ومحاكم أول درجة، اعتمادا على مبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق، والكفاءة والشفافية، والحياد والسعي نحو المناصفة. وفي مجال تأديب القضاة، أحاط القانون مسألة التأديب بعدد من الضمانات، منها عدم تحريك المتابعة التأديبية إلا بعد إجراء الأبحاث والتحريات الضرورية؛ وضرورة عرض نتائج الأبحاث والتحريات على أنظار المجلس، الذي يقرر على أثر ذلك إما الحفظ أو تعيين قاض مقرر. أما في ما يتعلق بالقانون التنظيمي، المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، فقد حدد القانون مجموعة من الحقوق والامتيازات الممنوحة للقضاة مقابل واجبات ملقاة على عاتقهم، تتمثل في ضمان الحق في حرية التعبير، وضمان الحق في الانخراط في الجمعيات، أو إنشاء جمعيات مهنية، مع مراعاة واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية. ونص القانون أيضا على اعتبار كل إخلال من القاضي بواجباته المهنية أو بالشرف، أو بالوقار أو الكرامة، خطأ من شأنه أن يكون محل عقوبة تأديبية، ناهيك عن إخلاله بواجب الاستقلال والتجرد والنزاهة والاستقامة. وبمقتضى هذا القانون ستصبح أي مظاهر ثراء ظهرت على القاضي بما لا يتلاءم مع دخله موضوع مساءلة، مع ضرورة تصريح القضاة بممتلكاتهم. وتعليقا على مصادقة البرلمان على القانونين، جدد عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، رفضه للمضامين التي جاء بها، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «النادي متشبث بمواقفه السابقة من القانونين، والتي عبر عنها في بلاغاته الرسمية، ومنها أنهما يشكلان تراجعا خطيرا في مكتسبات دستور 2011 في باب استقلال السلطة القضائية، وذلك لتضمنهما مقتضيات خطيرة ماسة بالحقوق المكفولة دستوريا للقاضي كمواطن، قبل أن يكون قاضيا»، مشيرا إلى أن القانونين تضمنا «مقتضيات سوف تشكل لا محالة منافذ لضرب استقلال القاضي كفرد، فضلا عن انعدام الاستقلال الإداري والمالي للسلطة القضائية، وغير ذلك من المقتضيات»، مضيفا أن «المكتب التنفيذي للنادي سيجتمع مساء اليوم (أمس) لإصدار موقف». وأوضح الشنتوف أن «هذا ليس رأي النادي وحده، وإنما هو رأي أكثر من نصف قضاة المملكة المعبر عنها، والموثقة للتاريخ في عرائض التوقيعات الرافضة لهذه المشاريع التي نتوفر عليها، وأرسلنا نسخا منها لبعض المؤسسات الدستورية الوطنية دون غيرها»، حسب رأيه.

مشاركة :