حذر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مما وصفه بـ«نفاد صبر بلاده» تجاه الأزمة السورية، مؤكدا أن تركيا، قد «تضطر للتحرك»، في ظل اقتراب آليات الحرب على حدود بلاده، متهما إيران بارتكاب مذابح داخل سوريا، في ظل صمت دولي مطبق. وقال إردوغان الذي بدا متوترا في كلمة ألقاها في أنقرة، إن كلمة «أغبياء» ليست مكتوبة على جبيننا. لا تظنّوا أن الطائرات والحافلات موجودة هنا من دون سبب. سنقوم بما يلزم. وليست هذه المرة الأولى، التي تحذر فيها تركيا، من احتمالية اتخاذ خطوات في حال، تعرضت حدودها الجنوبية للخطر أو التهديد، لكن ومع اقتراب جيش النظام السوري من حدود تركيا الجنوبية، وهو ما تعتبره أنقرة خطرا على أمنها، يقول مراقبون إن أنقرة تحضر لشيء ما، كأن يكون التدخل بمفردها داخل سوريا، والتوغل لمسافة محدودة، لحماية «أمنها القومي». الرئيس التركي قال في كلمة أمام منتدى اقتصادي أمس إن تركيا ستتحلى بالصبر إزاء الأزمة في سوريا حتى مرحلة ما ثم ستضطر للتحرك. وقال إردوغان أيضا إن قوات مدعومة من إيران في سوريا تنفذ «مذابح شرسة» وإنه يتعين على الأمم المتحدة أن تبذل مزيدا من الجهد لمنع «تطهير عرقي» في البلاد. إردوغان، الذي سبق أن هاجم وانتقد الولايات المتحدة، بسبب دعمها، للمقاتلين الأكراد في سوريا، فتح اليوم الجبهة، على الأمم المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي، بسبب مطالبتها لتركيا بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين، المتكدسين على مقربة من بوابة معبر باب السلامة على الجانب السوري من الحدود التركية - السورية. وفي كلمة بثها التلفزيون في أنقرة على الهواء مباشرة، عاد الرئيس التركي، ليطرح مطلب تركيا القديم الجديد، بإقامة منطقة آمنة، لإيواء السوريين داخل أراضيهم، مؤكدا أن «لا حل لأزمة المهاجرين، سوى إقامة منطقة آمنة لإيوائهم داخل سوريا»، مضيفا إن «لم تقيموا منطقة آمنة من القصف لن تحلوا أصل المشكلة إذا لم تنشئوا منطقة خالية من الإرهاب في شمال سوريا لن تحلوا أصل المشكلة.. كتركيا وإذا وجدنا أنفسنا تحت التهديد سنتخذ الخطوات المناسبة وبالشكل الصحيح». وبعد كلمة الرئيس التركي أعلن الأمين العام للحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في بروكسل أن مجموعة بحرية للحلف بقيادة ألمانية ستتوجه «بسرعة» إلى بحر إيجة «للمساعدة في مكافحة تهريب البشر» الذي يمارسه مهربو المهاجرين. وقد طالب بهذه الخطوة كل من اليونان وتركيا اللتين يفصل بينهما بحر إيجة، من أبرز الطرق التي يسلكها المهاجرون لدخول أوروبا، ويعرضون خلالها حياتهم للخطر أحيانا. وإذا ما أبصرت هذه العملية لمراقبة الحدود النور، فستكون الأولى للحلف الأطلسي الذي رفض حتى الآن التورط مباشرة في أسوأ أزمة هجرة إلى أوروبا منذ 1945. وحذر الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي من أن بلاده قد «تفتح» حدودها البرية مع أوروبا لعبور اللاجئين إليها، مضيفا «أحضرنا الحافلات للمعتصمين في أدرنة على حدودنا مع أوروبا وأعدناهم هذا حصل مرة أو مرتين ولكن لا تؤاخذوننا من الآن فصاعدا سنفتح الحدود ونتمنى لهم رحلة سعيدة». وتقول أنقرة التي تستضيف نحو 3 ملايين لاجئ سوري، إنها أنفقت عشرة مليارات دولار على استضافة اللاجئين السوريين فيما لم تتلق من الأمم المتحدة، سوى أربعمائة مليون دولار كمساعدات للاجئين. من جهة أخرى، أكد إردوغان صحة تسريبات صحافية عن حديث دار بينه وبين رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، حول مصير المهاجرين، حيث هدد إردوغان بإغراق الدول الأوروبية بالمهاجرين في حال لم تتسلم بلاده المبلغ الكافي لإيوائهم على أراضيها. وقال إردوغان: «أنا فخور بأنني قلت ذلك. دافعنا عن حقوق تركيا واللاجئين وقلنا لهم (الأوروبيين): نحن آسفون سنفتح الأبواب، وسنقول (وداعا) للمهاجرين». وهذا الحديث الذي جرى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على هامش قمة لمجموعة العشرين في أنطاليا (جنوب تركيا)، أورده موقع «يوروتوداي» اليوناني الذي تحدث عن «تهديدات فظة» وجهها إردوغان إلى الأوروبيين. وأضاف الموقع أن إردوغان وصف مبلغ الثلاثة مليارات يورو التي اقترحها الاتحاد الأوروبي بأنه «زهيد»، وذكر بأن بلاده أنفقت ثمانية مليارات يورو على مخيمات اللاجئين فقط. ووافق الاتحاد الأوروبي في 3 فبراير (شباط) على تمويل صندوق مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات يورو، لقرابة 2.7 مليون لاجئ سوري يقيمون على الأراضي التركية، مقابل الحصول على مساعدة أنقرة لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا. ومنذ عشرة أيام، تشن قوات النظام السوري بغطاء جوي روسي هجوما واسع النطاق ضد فصائل المعارضة في محافظة حلب، فيما تحاول الأمم المتحدة استئناف محادثات السلام السورية في جنيف. وأوقع الهجوم أكثر من 500 قتيل، بينهم نحو مائة مدني بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما نزح عشرات آلاف الأشخاص واحتشدوا في ظروف صعبة على معبر أونجوبينار (إقليم كليس التركي، جنوب) الحدودي التركي المغلق. وفضلت تركيا التي تؤازرها منظمات غير حكومية، مساعدة اللاجئين على الأراضي السورية، وأرسلت إليهم يوميا أطنانا من المساعدة الإنسانية، ولم تسمح إلا بدخول المرضى. وقال إردوغان أمس «إننا نستعد للأسوأ»، مشيرا إلى أنه يتوقع احتشادا حتى 600 ألف مدني على أبواب تركيا إذا لم يتوقف الهجوم على حلب.
مشاركة :