شكوك حول كفاءة النظام المالي العالمي القائم على مؤسستي التمويل الدوليتين

  • 4/16/2023
  • 20:42
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعقد صندوق النقد والبنك الدوليان حاليا اجتماعات الربيع، في ظل حالة من التذمر بين دول الجنوب التي تشكك في كفاءة النظام المالي العالمي، القائم على وجود مؤسستي التمويل الدوليتين منذ الحرب العالمية الثانية. وهذا الموقف يهدد بالانهيار الكامل للعهد الذي استمر نحو 80 عاما، ويمثل مشكلة بالنسبة إلى الغرب بعد أن جعلت جهود مساعدة أوكرانيا الموقف أكثر سوءا، إذ ينبغي لهم تقديم الدعم بعيدا عن أموال الصندوق. وفي تحليل نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء قال ميهير شارما وهو زميل كبير لمؤسسة أوبزرفر ريسيرش فاوندشن في نيودلهي ومؤلف كتاب "إعادة التشغيل: الفرصة الأخيرة"، "إن عدد الدول النامية التي تواجه أزمة ديون سيادية كبيرة وصل إلى مستوى قياسي بسبب جائحة فيروس كورونا والتضخم الذي أشعلته الحرب، لذلك يجب أن تكون مساعدة هذه الدول على رأس أولويات صندوق النقد والبنك الدوليين". ومع ذلك يقول ديفيد مالباس الرئيس المنتهية ولايته للبنك الدولي "إن عملية إعادة هيكلة الديون لا تتحرك كثيرا، ولم يجر نقاش كاف حول سبل التحرك نحو خفض الديون إلى مستويات يمكن تحملها". ودفع بطء وتيرة تحرك المؤسسات الدولية للتعامل مع أزمة الديون كثيرا من الدول إلى التساؤل عما إذ كانت مؤسسات التمويل متعددة الجنسيات فقدت الرؤية لاحتياجاتها، خاصة عندما تضاف إلى أسئلة أكبر عما إذا كانت هذه المؤسسات تتهرب من مهمتها الأصلية بالتركيز على قضايا المناخ؟ ومن المستحيل المبالغة في تقدير أهمية كل من صندوق النقد والبنك الدوليين للثقة بالنظام الاقتصادي الليبرالي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفكرة أنه يعمل من أجل الجميع بما في ذلك الدول الأشد فقرا والأكثر مديونية. وكتبت ميا أمور موتلي رئيسة وزراء دولة باربادوس وراجيف جيه شاه رئيس مؤسسة روكلفر أخيرا "إن تعثر كل من صندوق النقد والبنك الدوليين يهدد بالانهيار الكامل للعهد الذي استمر نحو 80 عاما". الأمر الأسوأ، هو أن هذا يأتي في الوقت الذي يعاقب فيه الغرب كثيرا من الدول النامية بسبب ما يراه عدم إدانتها الكافية للحرب الروسية في أوكرانيا. وكان رد بعض تلك الدول شائكا. ففي العام الماضي تصدر وزير الخارجية الهندي وسائل الإعلام عندما قال "إنه على أوروبا التخلي عن فكرة أن مشكلاتها هي مشكلات العالم، لكن مشكلات العالم ليست مشكلات أوروبا". وقال شارما "إنه لا يمكن لأحد أن يلوم الأوروبيين أو الأمريكيين في سعيهم لضمان إدانة أوسع للحرب، في الوقت نفسه لا أحد يشك في أن الغرب خصص كما ضخما من موارد المؤسسات الدولية لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها". ولكن عندما تكسر هذه المؤسسات قواعدها لدعم جهود الغرب في مساعدة أوكرانيا، فإنه يجب إخضاع تصرفات هذه المؤسسات لمزيد من التدقيق. ولعل التحرك الأبرز في هذا السياق هو قرار المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في الشهر الماضي السماح بتمويل الدول "التي تواجه مستويات عالية من عدم اليقين". وعلى مدى العقود الثمانية الماضية، كان صندوق النقد حريصا على عدم إقراض الدول التي تشهد صراعات. وتأكد هذا الموقف منذ عامين عندما قرر تجميد حزمة القروض المقررة لإثيوبيا بعد نشوب حرب أهلية في شمال البلاد. لكن قبل أربعة أيام انتهك المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قواعده مجددا، ووافق على تقديم قرض جديد بقيمة 15.6 مليار دولار لأوكرانيا التي أصبحت ثالث أكبر مقترض من الصندوق، وهو اللقب الذي تحتفظ به لأكثر من عقد. وقد يبدو قرار الصندوق بالنسبة إلى الغرب مثالا يستحق الثناء من جانب مؤسسة عريقة تحركت بسرعة للتعامل مع خطر جديد وعاجل. لكن بالنسبة إلى بقية دول العالم فإن القرار يعد نموذجا فجا للمحاباة، وما هو أسوأ استخدام أموالها وأموال الغرب لمصلحة دولة واحدة. وتشعر دول آسيا وإفريقيا بتحيزات صندوق النقد الدولي منذ قدم الصندوق -الذي يرأسه أوروبي منذ تأسيسه- مبالغ ضخمة لمساعدة الدول الأوروبية أثناء أزمة منطقة اليورو 2009. كما حذر تقرير صادر عن الصندوق في ذلك الوقت من أن هذه المساعدات التي قدمها للدول الأوروبية "أوجدت تصورا بأن الدول الأوروبية الأعضاء تتمتع بوزن زائد في صناعة القرارات مقارنة بقوتها الاقتصادية، وأن برامج الصندوق في الاتحاد الأوروبي تتم وفقا لشروط أيسر من تلك التي يطبقها في آسيا". والحقيقة أن تصور دول العالم لتحيز الصندوق للدول الأوروبية يعرقل مهمته. وبحسب التقرير فإن نحو نصف رؤساء بعثات الصندوق لدى دول العالم يرون أن هذا التصور يؤثر سلبا في علمهم في الاقتصادات الناشئة، ومن الصعب إقناع دول جنوب شرق آسيا على سبيل المثال بخطأ هذا التصور. ففي حين يفرض الصندوق شروطا بالغة الصعوبة على دول مثل بنجلادش وباكستان وسريلانكا مقابل منحها مليارات قليلة من الدولارات، تراه يقدم مزيدا من الأموال لأوكرانيا ثالث أكبر دولة مقترضة منه دون أن تلتزم بمثل تلك الشروط. وإذا كانت أوكرانيا تحتاج وتستحق المساعدة حتى لا تضطر إلى التنازل عن سيادتها بسبب نقص الأموال، فإنه على أصدقاء أوكرانيا من الدول الغربية تقديم هذه المساعدة بدلا من صندوق النقد وغيره من المؤسسات الدولية، التي يجب أن توفر أموالها لكي تساعد الدول الفقيرة.

مشاركة :