بعد خطوات ملموسة على طريق الانفتاح لعودة العلاقات السعودية- الإيرانية التي بذلت الصين جهوداً لتمهيد تربتها عبر اتفاق بكين، هل تهيئ تلك العودة الأجواء لملامح تطورات سياسية تغير من تضاريس المشهد السياسي عبر تجديد التواصل بين الرياض وبعض حلفاء طهران، خصوصاً الذين كانوا على قطيعة مع المملكة طوال الفترة الماضية، وأبرزهم «حزب الله» اللبناني؟! وعلمت «الجريدة»، من مصادرها في بيروت، أن جهات إقليمية ومحلية عديدة بذلت مساعي لإعادة التواصل بين السعودية و«حزب الله»، في حين أكدت مصادر قريبة من الحزب، أنه منفتح على هذا الخيار ومستعد له. وأشارت المصادر إلى أن هذه المساعي تنطلق مع حقيقة أن طهران قدمت تأكيدات للرياض أنها لا تريد التدخل في ملفات الأزمات الإقليمية نيابة عن حلفائها، وهذا ما فعلته في اليمن وسورية والعراق، وأن هذا المبدأ يسري على لبنان أيضاً، وفي المقابل، تعيد المملكة رسم سياستها في المنطقة على أساس العودة إلى هذه الساحات، والتواصل مع جميع الأطراف في إطار استعادتها لدورها الراعي للحلول والتسويات. وأكدت أن أي تواصل بين الرياض و«حزب الله» سيكون على قاعدة أساسية مفادها أن السعودية عادت إلى الاهتمام بملفات المنطقة كوسيط لا طرف، وهو ما قامت به في اليمن، والعراق، وحتى في سورية من خلال دعوتها إلى إنجاز تسوية سياسية تُنهي الصراع وتؤدي إلى تكريس الحل السياسي. وذكرت مصادر أخرى أنه قد يكون من المبكر الحديث عن إعادة التواصل بين الطرفين في وقت قريب، لكنها أكدت أن إمكانية حصول ذلك تبقى قائمة من بوابة البحث عن حلّ للأزمة اللبنانية، إذ كثيراً ما كانت السعودية راعية للاتفاقات في لبنان، وبالتالي فإن إصرار قوى إقليمية ودولية على أن تكون الرياض مشاركة وضليعة في صناعة حلّ للبنان، يفترض تواصلها مع الجميع كراعية لهذا الحلّ، على أن يكون الاتفاق قائماً بين اللبنانيين المتعارضين أو المتخاصمين من خلال إجراء حوار بينهم، كما هو الحال بالنسبة إلى المسار اليمني. وفي هذا السياق، ثمة وجهة نظر تقول إن التواصل المباشر بين السعودية والحزب من شأنه أن يؤدي إلى الكثير من الحلول والمكاسب أيضاً. وفي حال تم التواصل، فسيكون مشابهاً لمسار سابق كانت فيه العلاقة جيدة بين الطرفين قبل عام 2011، إذ كثيراً ما سعت السعودية إلى إرساء التسويات السياسية في لبنان، وكانت على تواصل مباشر مع الحزب، في حين كانت وفود من كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية التابعة للحزب تشارك في احتفالات السفارة السعودية، كما أن نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم زار المملكة في 2007، وكذلك بالنسبة إلى زيارة الخليلين أي المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل، والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري علي حسن خليل. يأتي ذلك، في وقت يستعد وفد من حركة «حماس» الفلسطينية يضم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، والقيادي خالد مشعل، ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، لزيارة المملكة. وقالت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، إن الزيارة ستتضمن لقاءات رسمية بين وفد «حماس» ومسؤولين سعوديين، والسماح لقيادات الحركة بتأدية مناسك العمرة. وأوضح مراقبون أن الخطوة السعودية هذه تعني دخول المملكة بقوة على خطّ مبادرة المصالحة بين الفلسطينيين، خصوصاً في ظل التقارير عن الخلاف بين هنية ومشعل. من جهته، قال موقع «قدس اليومية» الفلسطيني، إن زيارة وفد «حماس» ستشهد إعلان استئناف العلاقات بين الحركة والرياض، وطي صفحة القطيعة بين الجانبين المستمرة منذ سنوات. ولا ينفصل هذا المسار عن الانفتاح السعودي على سورية، سواء من خلال اللقاءات الأمنية التي عُقِدت سابقاً، أو بالوصول إلى المستوى السياسي لهذه العلاقات، ما دفع بوزير الخارجية السوري فيصل المقداد لزيارة جدة ولقاء الوزير فيصل بن فرحان، على وقع استمرار المساعي لترتيب العلاقات بين الرياض ودمشق، من بوابة العلاقة الثنائية وليس بالضرورة من خلال توجيه دعوة إلى سورية للمشاركة في القمة العربية أو لاستعادة مقعدها فيها.
مشاركة :